لا تزال الحوادث تدمي قلوبنا وتثير أحزاننا وتفرض علينا أن نتكاتف ونتعاون في سبيل إيقاف مسلسلها، فإن المصائب تجمعن المصابين، ولو كانت هذه الحوادث نتيجة لكارثة طبيعية لاستعنا في مواجهتها بالصبر الجميل، أما أن تكون نتيجة لفساد أو إهمال أو تقصير او إجرام فهذا ما يثير الغضب ويدعو إلى وقفة حاسمة، ولا ريب أن النظام السابق قد ترك جميع المرافق في حالة مهلهلة يرثى لها وكان كل همه السلب والنهب وتهريب الثروات وإفساد الضمائر، الأمور التي أدت إلى العجز عن التجديد والتطوير في جميع المرافق وأخطر نواتج الإهمال كان في السكة الحديد وعدم توفير وسائل السلامة والأمان فيها، إضافة إلى أن غياب ضمير عدد من العاملين أدى إلى إهمال الصيانة والتقصير في مراقبة المزلقانات متغافلين أن هذا التقصير والإهمال يودي بحياة كثير من الناس وهو ما حدث في حوادث القطارات المتكررة التي ذهبت بحياة عدد كبير من أبنائنا المجندين وفلذات أكبادنا، إضافة إلى إصابة أعداد أكبر منهم في مصيبة فادحة، كما أن إهمال المحليات وحصار النقابات وسجن قياداتها حتى لا تقوم بدورها الوطني الفعال أدى إلى بناء أصحاب الضمائر الميتة عمارات شاهقة بغير ترخيص أو مراعاة للجودة وبدون إشراف كامل من مهندسين متخصصين، الأمور التي تؤدي إلى سقوط المنازل على رؤوس ساكنيها ، كما حدث في الأسكندرية .

وهذه الحوادث كلها تدل على أن غياب القيم والمبادئ وتقوى الله والشعور برقابته تؤدي إلى خراب الدنيا، ومن ثم فلابد من العمل على إحياء الضمائر والتربية الدينية والخلقية .


ولابد من تشكيل لجان فنية وعلمية لمعرفة أسباب الحوادث فإن كان بعضها بفعل فاعل متعمد أو نتيجة لإهمال أو تقصير فلابد أن تأخذ العدالة مجراها بأسرع ما يمكن وإيقاع العقاب المناسب لكل جريمة حتى يعتبر الآخرون .

وكذلك لابد من لجان فنية وعلمية من المهندسين تقوم بفحص كل المباني التي أقيمت بغير ترخيص أو تمت بدون إشراف فني واتخاذ ما يلزم إزائها حتى لا تتكرر هذه الحوادث المؤسفة، وكذلك إعداد مساكن بديلة ولو مؤقتة حتى لا يتضرر ساكنيها أو يصروا على البقاء فيها مهما كانت النتائج، حيث ليس لديهم مسكن بديل، مما يجعل المشكلة تتفاقم، ولابد من عقاب كل من لم يحترم القانون، وكل من تساهل من الموظفين في تطبيقه أيا كان دافعه .

ورغم عمق الأحزان التي نتجرعها جراء فقد أخوة وأبناء أعزاء علينا سواء في هذه الحوادث أو في حوادث قتل ضباط الشرطة وجنودها وهم يؤدون واجبهم الوطني، هذه الجريمة التي يقترفها المجرمون والبلطجية، ينبغي أن ينزل بهم أقصى العقاب حتى يأمن الناس وتستمر الشرطة في أداء دورها الوطني بلا معوقات، وتغدو مصر بلدًا آمنا خاليا من البلطجة والبلطجية، فإن ما يزيد هذه الأحزان مرارة أن تخرج علينا مجموعة من الإعلاميين والسياسيين شامتين في مصائب الناس والوطن مستخدمين هذه الأحداث في الخلاف السياسي بطريقة لا تمت إلى الإنسانية والأخوة الوطنية والمبادئ الدينية في شئ، وكلها تعتبر الشماتة - حتى في مصائب الأعداء - من الخصال الذميمة .

وعزاؤنا في أبنائنا وإخواننا هؤلاء أنهم شهداء عند الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الشهداء خمسة : المطعون (الذي أصابه الطاعون) والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله".

نسأل الله تعالى ان يتقبل كل من يلقى ربه في هذه الحوادث مغفورا له مرضيا عنه وأن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وأن ينزل هذا الابتلاء بردًا وسلامًا على قلوب أهليهم ويلهمهم ويلهمنا معهم الصبر والسلوان وأن يهدي قومنا أجمعين إلى الخصال الحميدة التي يرضى الله عنها ويحبها ويحترمها الناس ، ويقي بلدنا وشعبنا من كل مكروه سوء .

الإخوان المسلمون

القاهرة فى : 5 من ربيع الأول 1434هـ الموافق 17 من يناير 2013م