نقلا عن منظمة "إنسان" الحقوقية" :

نذهبُ غالباً إلى الجامعة كي نـتعلم هذا بلاشك ،أما أن تـذهب كي ينتهي بك المطاف إلى حُكمٍ عسكريّ بين طيات الزنانزين وساحات المحاكم وسلسلةٍ مميتة بين تجديد وتأجيل وترحيل لا يحتمله جسد ولا يقوى عليه عقل ،اعتقال تعسفيّ لمجرد أنكَ فكرت في انقاذ فرد يُعتدى عليه حد النزف ، هكذا كانت الحال في جامعة المنصورة ، فلا لوائح ولا قوانين ولا عقوباتٍ مُقررة تُعدُّ قيد التنفيذ ، فقط اعتقال وسحل في مدرعة للشرطة ثمّ تجَـهّز كي تُلاقي المصـير .
الطالبة هبة ابراهيم قشطة محور تقريرنا هنا ، فهي من محافظة الدقهلية مركز منية النصر ، طالبة بجامعة المنصورة تبلغ من العمر 20 عاماً تدرس عامها الثالث بكلية التجارة .اعتقلت تعسفياً من حرم جامعة المنصورة في 30 نوفمبر 2014م من قِبل قوات الأمن المصرية ، يُذكر أنّ الطالبة هبة قشطة اعتقلت من داخل الحرم الجامعيّ بعد أن حاولت إسعاف أحد الطلاب من أيدي قوات الأمن بعد أن تم سحلة وضربه إلى أن نزف دماً ، وعلى إثر تصرفها قامت قوات الأمن بسحبها وجرِّها إلى مُدرعة الشرطة ، وتم اقتيادها إلى قسم شرطة ثان المنصورة .
و جهت لها النيابة عدة تُهم في المحضر رقم 14713 لسنة 2014م نيابة قسم أول المنصورة ، ومن هذه التُّهم؛ الانتماء لجماعة إرهابية ، القيام بأعمال عنف وشغب داخل الجامعة , وإتلاف واجهة المبنى الاداري ومحاولة إثارة الفوضى ، من ثم تمّ التجديد لها 15 يوماً على ذمة التحقيق . وتم ترحيلها لسجن منية النصر .
وهنا مُخالفة لنص المادة(9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً. وحتى إن كانت الطالبة قد ارتكبت أمراً مُخالفاً للوائح الجامعية والقوانين فالأولى أن تُعاقب حسب هذه اللوائح مادامت داخل الحرم الجامعيّ كما نصت المادة(126) من نظام التأديب في الجامعات المصرية حيثُ ذكرت عدة أشكال وطُرق عقابية منها :
1- التنبيه شفاهة أو كتابة.
2- الحرمان من بعض الخدمات الطلابية.
3- الحرمان من حضور دروس أحد المقررات لمدة لا تجاوز شهرا .
4- الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز شهرا .
5- الحرمان من الامتحان في مقرر أو أكثر .
6- وقف قيد الطالب لدرجة الماجستير أو الدكتوراه لمدة لا تجاوز شهرين أو لمدة فصل دراسي .
7- إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر .
8- الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز فصلا دراسيا .
9- الحرمان من الامتحان في فصل دراسي واحد أو أكثر .
10- حرمان الطالب من القيد للماجستير أو الدكتوراه مده فصل دراسي أو أكثر .
11- الفصل من الكلية لمده تزيد علي فصل دراسي .
12- الفصل النهائي من الجامعة …
وإلى آخر هذه المادة العقابية والتى تخصُ شؤون الطلاب داخل أسوار الجامعة ،وهذا مالم يتم تنفيذه مع الطالبة فمن قام بالقبض عليها هم أفراد الأمن الإداري وتم تسليمها لقوات الأمن والتى اقتحمت بدورها ساحة الحرم حينئذ .
وتروي فيما بعد والدة المُعتقلة هبة تقول : ( أنها بعد زيارة هبة في القسم عرفتُ أنّها قد تم ضربها و التعدي عليها بأفظع الألفاظ وسحلها أثناء اعتقالها لمدرعة الشرطة ) . إذاً اعتقالٌ تعسفيّ غير مُبرر ثمّ إهانة وسبٌ وسحل واعتداء بالضرب وهذا انتهاكٌ واضح لآدمية الفرد فنص المادة( 55) من الدستور المصريّ : كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحيًا، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون.
وفي يوم 6 يناير2015 قضت نيابة أول المنصورة بإحالة أوراق القضية المتهة فيها الطالبة هبة قشطة و أربعة طلاب بالجامعة وعضو هيئة تدريس إلى المحاكمة العسكرية بمحافظة الإسماعلية بقضية رقم 21/2015 كلي الإسماعلية .وتم ترحيلها لسجن منية النصر . وتوالت الانتهاكات ونذكر هنا ما اوردته شبكة رصد حيثُ ذكرت اعتداء مأمور قسم المنصورة “عصام الشبراوي” لفظياً عليها بـالسب والشتم في 25 من فبراير الماضي أثناء خرجها لإحدى الجلسات العسكرية ، وفي 19 مارس 2015 تم اعتداء الضابط “محمد سلمان” عليها بالضرب على ظهرها وكتفها وعلى والدتها بـالسب ومنعها من السلام على “هبة” واحتضانها قائلًا : “إياك تقربي منها .. انتي ست زى أمي آه بس مش محترمه وبنتك قليلة الأدب “.
هذه المُعاملات ومثلها أخرى تُعاقب عليها القانون وتُجرمها المُعاهدات الدولية كما في مادة(51) من الدستور المصري لعام 2014 : الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها . وتتبعها في المقام المادة(10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية : يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني ، يجب أن يراعى نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي ، ويفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملون معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني .
كانت القضية قيدَ التداول في القضاء العسكريّ حتى حُكم فيها بالسجن عامين على الطالبة هبة قشطة في تاريخ 3 سبتمبر 2015م ، وتم التصديق على الحُكم في الموافق 18 أكتوبر 2015م . لتكون بذلك أول قضية عسكرية تخصُّ طالبة مصرية ويتم التصديق على الحكم الصادر فيها وهو السجن لعامين .
ختامُ هذا التقرير نقول أنّ لكل إنسان في وطنه حقوقاً لابد أن ينالها وحتماً لابد للدولة أن تحميها لا أن تكون المُنتهِك لها والخارق لبنود المعاهدات التى كفِلت حقوقه ، من هنا نضع التقرير بين أيديكم مُطالبين كلّ ذي شأنٍ أن يتدخل لوقف نزيف المُحكامات العسكرية بحق نساء مصر وطالباتها ومُناشدين لكافة المنظمات المعنيّة بالشأن الحقوقيّ أن تُحكم بنود ومواد المُعاهدات التى تُعد مصر طرفاً بها ومُلزمة بما فيها .