من النزوح إلى الحصار، القتلى والجرحى في كل مكان، لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، الجوع يفتك بالبطون، والمرض يأكل الأجساد، وتخلٍ للأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية.. من ينقذ مخيم اليرموك؟.
المخيم والذي يعاني منذ اندلاع الثورة السورية يعيش أهله حالة من الحصار الخانق، لاسيما بعد قطع المساعدات الإنسانية والتي تعد شريان الحياة هناك.
فقوات الأسد والتي تحاصر المخيم من الخارج لا تتوقف عن قصفها العشوائي، وبراميلها المتفجرة حصدت أرواح المئات من الأبرياء، ومن الداخل تتحصن الكثير من التنظيمات المسلحة على رأسها داعش وجبهة النصرة، وبين هذا وذاك علق المدنيون في الوسط، بدون مياه أو كهرباء.
وغادرت معظم المؤسسات الإغاثية العاملة في المخيم على رأسها (الأنروا) إلى المناطق المجاورة بعد احتدام المعارك ودخول تنظيم داعش، وباتت منطقة يلدا مركز توزيع المساعدات الوحيد للأهالي.
الأمم المتحدة
تلقى أهالي المخيم ضربة موجعة بعد أن اعتبرت منظمة الأمم المتحدة في تقريرها الصادر عن مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية في يونيو المنصرم أن مخيم اليرموك لم يعد محاصراً، وشطبت عدد المحاصرين فيه البالغ عددهم 18 ألف مدني من إحصاءاتها الخاصة بأعداد المدنيين المحاصرين في سوريا.
وجاء هذا القرار -بحسب الأمم المتحدة- بسبب «إمكان وصول أهالي اليرموك إلى المناطق المجاورة (يلدا، ببيلا، بيت سحم).
ويقول تقرير الأمم المتحدة عن سوريا - الذي صدر في نهاية يونيو - أن 422,000 شخص ما زالوا محاصرين في سوريا، بانخفاض من 440,000 في وقت سابق من هذا العام؛ ويرجع ذلك إلى وجود 18,000 شخص في مخيم اليرموك لا يُعتبرون في عداد المحاصرين بعد الآن.
وذكر التقرير أن المساعدات وصلت إلى أولئك الذين عبروا حدود المخيم إلى المناطق المجاورة، وهي يلدا وببيلا وبيت سحم.
رفض اللاجئين
واعتصم مئات اللاجئين داخل المخيم احتجاجا على قرار الأمم المتحدة، تحت عنوان "أنقذوا مخيم اليرموك المحاصر"، مطالين بفك الحصار المستمر.
وأكد المعتصمون أن المخيم منطقة محاصرة ومنكوبة خالية من الماء والكهرباء، الغذاء، الدواء، وأنه لم يطرأ أي تغيير على ذلك.
واعتبر سليم سلامة مسؤول الرابطة الفلسطينية لحقوق الإنسان أن قرار الأمم المتحدة لا يعكس الواقع على الأرض، مؤكدا أن الحصار ما زال قائماً.
وأكد في تصريحات صحفية أن وصول أهالي اليرموك إلى المناطق المجاورة عبر رحلة طويلة شاقة لا يعني حصولهم جميعهم على المساعدات، فضلاً عن توقف عمل العديد من المؤسسات الإغاثية.
وقال إن هذا القرار يترك حالة كبيرة من الإرباك في عمل المؤسسات الإنسانية العاملة هناك، كما له تداعيات بالغة الخطورة على الأوضاع الإنسانية في المخيم، على المستويين الطبي والإغاثي، وخاصة على القطاع الصحي المرتبط بهما، من ناحية الوقاية من سوء التغذية والأمراض المرافقة لها، أو من ناحية علاجها كما هو الحال اليوم مع انتشار أمراض الحُمى التيفية والتهاب الكبد (A) بين صفوف المدنيين وعجز المؤسسات الطبية عن معالجتها بسبب انعدام المستلزمات الطبية والدوائية.
انتشار الأمراض
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إن مرض التيفوئيد بدأ يتفشى في صفوف سكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق.
وأفاد الناطق الإعلامي للوكالة سامي مشعشع في بيان له أن "الأونروا" تمكنت من الوصول إلى المدنيين المحاصرين في مخيم اليرموك للمرة الأولى منذ الثامن من يونيو.
وقال الناطق باسم "الأونروا" إن الحاجة إلى استدامة الوصول الإنساني لم تكن يوما بأعظم مما هي عليه الآن".
وأوضح أن أولوية "الأونروا" لا زالت تتمثل في تقديم المعونة الإنسانية للمدنيين داخل اليرموك نفسه، مشددا على مطلب الوكالة القوي باحترام الالتزام بحماية أرواح المدنيين وبالتقيد بتلك الالتزامات، مثلما تؤكد على الحاجة إلى تأسيس ظروف آمنة يمكن للأونروا خلالها من تقديم المساعدة المنقذة للأرواح".
شائعات الخروج
ومن جانبه قال مدير المكتب الإغاثي في مخيم اليرموك “باسل أيوب” المنظمات الإغاثية المحلية والدولية بالعودة لتغطية الاحتياجات الإغاثية لأهالي المخيم.
وقال “أيوب” في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي، إن الشائعات التي تحدثت عن خروج المدنيين من المخيم إثر دخول التنظيم، والتي أثرت سلباً على الدعم الإغاثي للمخيم، عارية عن الصحة، وإن المخيم ما زال يضم آلاف الأطفال والنساء المحاصرين داخله.
وأضاف أن القسم الأكبر من المؤسسات الإغاثية التي كانت تعمل على أرض المخيم قد غادرت المخيم.
مخيم اليرموك
ومخيم اليرموك، وهو منطقة سكنية يقع في ضواحي العاصمة السورية دمشق، موطناً لأكثر من 200,000 فلسطيني قبل بدء الاقتتال في البلاد عام 2011، وقد فرت الغالبية العظمى من السكان منذ ذلك الحين، ولكن ظل حوالي 18,000 شخص محاصرين داخل المخيم بسبب لحصار الذي فرضته قوات النظام السوري.
وفي وقت سابق من هذا العام، توغل مسلحون من تنظيم الدولة وتنظيمات مسلحة أخرى داخل مخيم اليرموك وتحصنوا بداخله ، ولا تزال الهيمنة على المخيم محل نزاع.
وأنشئ مخيم اليرموك، عام 1957، على مساحة تقدر بـ 2.11 كم مربع فقط لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويقع المخيم على مسافة 8 كم من دمشق.
مصر العربية