27/ 10 / 2008
 ذهب "أحمد عبد القوي" الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام جامعة القاهرة إلى كشوف المدن الجامعية ليرى اسمه في القوائم التي ستسكن إحدى هذه المدن خلال هذا العام الدراسي فلم يجده.


الطالب مقيم أساسا في مدينة الفيوم (100 كم جنوب القاهرة) ظن في بداية الأمر أنه خطأ روتيني فانطلق إلى الأرشيف ليستفهم الأمر؛ ليجد الموظفين يتهربون منه بعبارة تقليدية تشتهر بها الأجهزة الحكومية وهي: "فوت علينا بكرة".
 
ظل عبد القوي "يفوت" عليهم لمدة خمسة عشر يوما حتى فرغ صبره فذهب إلى المسئول عن المدن الجامعية، ويدعى سيد جنينة الذي واجهه بالحقيقة قائلا: "أحمد أنت مستبعد أمنيا"، ومنحه عبارة كفيلة بدب اليأس في صدره: "انس أنك تسكن في المدينة".
 
وقعت هذه الكلمات كالصاعقة على أذني الطالب الذي اشتهر بتدوينه الناقد على الإنترنت، حيث أطلق مدونة تحت اسم "أكيد في مصر" ليقول رأيه في الأوضاع التي تمر بها بلاده، والتي غالبا ما تحظى بانتقادات واسعة.
 
ويقول عبد القوي على مدونته: "مثل كل زملائي قدمت لمدينة جامعية وسحبت الملف ومليته (ملأته) وقدمته وكله تمام (على أكمل وجه)، وليس لي أي مخالفات أو إنذارات سابقة والكل يشهد بهذا لي".
 
وبعد معرفة الطالب "المدون" الحاصل على تقدير جيد جدا في امتحان اجتياز السنة الثانية (بما يعني أحقيته القانونية في السكن) أنه استبعد من السكن الجامعي، قرر الذهاب للقاء نائب رئيس الجامعة وأبلغته مديرة مكتبه أنه لا أمل له في السكن؛ لأن "له مشاكل مع الأمن"، دون مزيد من التفاصيل، غير أن هذا التعبير عادة ما يعني أن للطالب أنشطة فكرية أو سياسية معارضة.
 
وأخيرا قرر أحمد الذهاب لعميدة كليته د. ليلى عبد المجيد لتجد له حلا فوعدته ببحث الأمر، والرد عليه يوم الثلاثاء المقبل.
 
ويقول الطالب لإسلام أون لاين: "في البداية غضبت العميدة من استبعادي؛ لأن تقديري العام جيد جدا، وليس راسبا ليحرم من السكن في المدينة الجامعية".
 
ويضيف: "أثناء حواري مع العميدة رن جرس الهاتف فتبين أنه قائد حرس الكلية فتغير وجه العميدة، لتبلغني أنها سوف تنظر في هذا الأمر ومرت الأيام ولم يحدث شيء".
 
وتابع: "ذهبت لها مرة أخرى، فصارحتني بأنها لا تستطيع فعل شيء" واتهمتني بأني "أهيج الطلبة"، على حد قولها، فوقفت متحديا وقلت: "أنا مستوف جميع الشروط، ولا أجد شرطا اسمه (تهييج الطلبة)".
 
وأشار عبد القوي إلى أنه قرر ألا يسكت عن حقه، واعتزم مقاضاة الجامعة ورئيسها، بل والاعتصام أمام باب الكلية إلى أن يأتوا له بسكن.
 
وقال أحمد لإسلام أون لاين: "أنا مندهش من استبعادي من المدينة الجامعية، فليس لي اتجاه سياسي، ولست من الإخوان الذين جرت العادة على استبعادهم من المدينة، فقط أنا مهتم بالعمل العام، وحضور الندوات الثقافية والأنشطة، فقد شاركت في العديد من دورات حقوق الإنسان التي تقام بنقابة الصحفيين والجهات الحقوقية المختلفة".
 
وتحظر الحكومة المصرية الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، كما تلاحق من يشارك في أنشطة تتبناها الجماعة، بحسب منظمات حقوقية.
 
لكن الطالب أشار إلى أنه "شارك في الحملة الشعبية لكسر الحصار عن غزة"، والتي منعتها السلطات الأمنية من التوجه بمعونات إلى قطاع غزة في منتصف أكتوبر الجاري.
 
"عاوز حقي"
وقام عبد القوي والطلاب المتعاطفون معه باعتصام أمام باب كلية الإعلام يوم الإثنين لمدة حوالي ساعة، وأتى بمتعلقاته الشخصية، وحقيبة سفره و"ملاءة" وجلسوا أمام الكلية إلى حين أن تأتي له الجامعة بسكن، ورفعوا لافتات مكتوب عليها "عاوز حقي"، و"معتصم حتى آخذ حقي".
 
وتضامن مع عبد القوي عدة جهات حقوقية منها "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، والتي استنكرت استبعاده من المدينة الجامعية و"استخدام الجهاز الأمني مثل هذه الأساليب مع الطلبة"، وتطبيقها لمبدأ "لا سكن لكل صاحب فكر"!.
 
ووكلت الشبكة سبعة محامين لمقاضاة وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة.
 
كما كون زملاء الطالب المدون مجموعة على الـ"فيس بوك" للتضامن معه بتساؤل عريض "عبد القوي هيبات فين لو مدخلش المدينة الجامعية؟".
 
وبحسب تقارير حقوقية، ليست تلك المرة الأولى من نوعها التي يستبعد فيها طالب بسبب انتماءاته السياسية أو لنشاطه في العمل العام.
 
وقام طلاب الإخوان بجامعة القاهرة منذ أسبوع باعتصام أمام مكتب رئيس الجامعة احتجاجا على استبعاد 200 منهم من المدينة الجامعية.