كشف الكاتب بيتر أوبورن، كبير المعلقين في صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، أسرار تأخير الحكومة البريطانية نشر التقرير الذى انتهت منه حول فكر وممارسات جماعة الإخوان المسلمين مؤكدا أن السبب وراء ذلك يعود إلى أن التقرير انتهى إلى براءة الإخوان من تهمة الإرهاب وهو ما يتصادم مع رغبة لندن الدائمة في استرضاء الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط وعلى رأسها النظام السعودى.
وطرح الكاتب فى مقاله اليوم الخميس سؤالا محرجا للحكومة الإنجليزية بقيادة ديفيد كاميرون «هل يجب علينا الرقص على نغمة السعودية خاصة عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين؟».
وربط الأحداث ببعضها لافتا إلى أن البداية كانت بزيارة رسمية قام بها ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في فبراير العام الحالي، وكانت الزيارة الثانية في أقل من عام، والعاشرة التي قام بها للسعودية.
ويؤكد الكاتب أن «الجانب السعودى استغل ضيافته للأمير الذى قضى أياما ممتعة وراحوا يعربون له عن دهشتهم حول الأسباب التى تدعو الحكومة البريطانية السماح لجماعة الإخوان المسلمين بممارسة نشاطاتها ، رغم أنها ممنوعة في السعودية».
ويضيف كبير المعلقين في "ديلي تلغراف" أن الأمير تشارلز عندما عاد إلى لندن «نقل مظاهر قلق النظام السعودى وشعوره بالإحباط لرئيس الوزراء ومسؤولي وزارة الخارجية بهذا الشأن».
يقول الكاتب «بعد ذلك بفترة أُعلن عن تعيين سفير بريطانيا في السعودية سير جون جينكنز؛ للقيام بتحقيق حول صلة الإخوان المسلمين بالإرهاب»!.
وحول توقيت إعلان لندن التحقيق بشأن أفكار الإخوان يضيف أوبورن «جاء تعيين سير جينكنز بعد أسابيع من تصنيف السعوديين أنفسهم لجماعة الإخوان جماعة إرهابية. وكانت مصر، التي قاد فيها السيسي انقلابا عسكريا ضد رئيس منتخب ديمقراطيا، قد اتخذت نفس الخطوة من قبل». ويرى أن «هذا الإجراء من جانب الحكومة البريطانية أضفى نوعا من الشرعية على الممارسات السعودية التى تردد دائما أن الإخوان المسلمين يستخدمون العنف لتحقيق أغراضهم السياسية».
وفيما يتعلق بتقرير السير جون جينكنز يشير الكاتب إلى أن السفير البريطانى السابق بالرياض «قام بدراسة متعمقة وشاملة، حيث قام بعدة زيارات لدول الخليج وشمال إفريقيا، بحثا عن الحقيقة. الأمر الذى رآه السعوديون تعمقا بشكل زائد عن الحاجة».
ويؤكد الكاتب أنه «مع نهاية يوليو الماضى أنهى السفير التقرير، الذى انتهى كما تقول مصادر داخل الحكومة البريطانية، إلى أنه لم يعثر على أي دليل يمكن أن يشكل أرضية لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية». متابعا «نظريا كان هذا هو الواقع، وكان يجب نشره في حينه، حيث كان سينسى ويعلوه الغبار اليوم. ولم يكن هذا مصير تقرير جينكنز».
ما السبب إذن الذى دفع الحكومة البريطانية إلى عدم نشر التقرير؟ .. يجيب الكاتب «المشكلة هي أن "سير جون جينكنز فشل في التوصل للنتيجة التي يريدها رئيس الوزراء، والأمير تشارلز والحلفاء مثيرو الصخب في الشرق الأوسط» فى إشارة إلى النظم العربية المستبدة فى الرياض وأبو ظبى والقاهرة.
ويلفت إلى أن هذه الأنظمة "المثيرة للصخب" على حد وصفه «عبروا عن أملهم بأن يكون التقرير تصديقا لأقاويل السعوديين وصحة تقييماتهم حول الإخوان المسلمين».
ويعتبر الكاتب أن «تبرئة سير جون جينكنز للإخوان كانت إهانة خطيرة لمصالح الأقوياء، وأدت إلى معركة طويلة وشرسة داخل الحكومة البريطانية، بدأت في الصيف واستمرت حتى الخريف ولا يظهر أنها ستتنتهي» على حد قوله.
ويشدد أوبورن أن «نشر تقرير جينكنز كما كتب في الأصل سيؤدي لإغضاب حلفاء "رئيس الوزراء البريطاني السعوديين، وليس فقط هؤلاء. فالإمارات العربية أيضا تقوم بالتهييج منذ فترة لقذف الإخوان المسلمين من النافذة».