اليوم مر شهر على المذبحة الرهيبة في ميداني رابعة العدوية والنهضة، التي لا تزال أحداثها وصورها ومشاهدها البشعة شاخصة في أذهان المصريين ومخيلاتهم تستعصي على المحو أو النسيان حتى نلقى الله، هذه المذبحة التي تجلل رؤوس الانقلابيين بالعار في الدنيا والآخرة فهم الذين ائتمناهم على حياتنا فقتلونا وحرقونا، وعلى دمائنا فسفكوها، وعلى حرياتنا فسجوننا وعذبونا، وعلى أمننا فنشروا الرعب والفزع في النفوس، ليكون ذلك كله عنواناً على النظام العسكري الديكتاتوري الذي يريدون أن يحكموا به البلاد، يصادرون الحريات فيغلقون القنوات المعارضة للانقلاب ويتعقبون الصحفيين الأحرار بالقتل والاعتقال ويفرضون الرقابة على الصحف والمجلات، ويثيرون العدواة والبغضاء بين فصائل المصريين حتى يكاد التحريض يصل إلى الحض على الحرب الأهلية، ولا يتورعون عن قتل النساء واعتقال الفتيات والسيدات والاطفال لأول مرة في تاريخ مصر، ولا عن حرق المساجد والمصاحف، ولا إغلاق أكثر من خمسين ألف مسجد في صلاة الجمعة ويسعون لتغيير موادة هوية الدولة الاسلامية وإلغاء المواد التي تجعل من الحفاظ على الحضارة والثقافة الأخلاق الاسلامية من واجبات الدولة، وكذلك إلغاء المواد التي تحارب الفساد من الدستور.
إننا لن ننسى أبداً دماء الشهداء وسنظل أوفياء لها نستضيئ بنورها لتحقيق الأهداف العظيمة التي استشهدوا من أجلها : الحرية والكرامة والسيادة والعدل والإصلاح والبناء والتقدم، وسيظل شعب مصر مجاهداً بكل طاقته السلمية من أجل أن تتبوأ مصر مكانها ومكانتها في العالم بعد أن تقيم نظام ديموقراطي دستوري عصري وتتخلص من الانقلاب العسكري الدموي الوحشي .
أيها الضباط والجنود لقد خدعكم قادة الانقلاب بأنكم تواجهون الاخوان المسلمين، فها أنتم تواجهون الشعب كله، فهل من مصلحتكم أو مصلحة الشعب والوطن أن تكون العلاقة بينكم وبينهم قائمة على العدواة والمواجهة، ألستم أبناء الشعب ؟ أليس الشعب هو الذي يقتطع من قوت أولاده ليوفر لكم السلاح والعتاد والتدريب والمرتبات كي تحموا الشعب والوطن ؟
إنه على استعداد لأن يجوع ليوفر لكم ما تحتاجونه، فهل من الأمانة والوطنية والرجولة أن توجهوا السلاح إلى صدره وتقتلوه؟ إن هؤلاء القادة يعملون لمصالحهم الشخصية ولمصالح جهات لا تريد الخير لمصر، وطاعتهم إنما تكون في المعروف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما احب وكره مالم يؤمر بمعصية فإن أمر بعصية فلا سمع ولا طاعة" وهل هناك معصية أكبر من قتل النفس بغير حق (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)
وخدعوكم مرة أخرى ولا يزالون عن طريق وسائل الاعلام والتوجيه المعنوي حينما قالوا إنكم تحاربون الإرهاب، لقد اعتقلتم عشرة آلاف مواطن أو يزيد، أتدرون من اعتقلتم إنهم وزراء ومحافظون وعمداء ووكلاء كليات جامعية وأساتذة جامعات ونقباء لنقابات مهنية وأعضاء مجلسي شعب وشورى وطلبة وأطباء ومهندسون وصيادلة ومحامون ومعلمون ومن كل المهن وعمال وفلاحون وتجار، وجميعهم مواطنون صالحون يعملون لرفعة البلد، ولكنهم يرفضون الانقلاب العسكري سلمياً، فهل كل من يرفض الانقلاب يعد إرهابياً، وهل دافع أحد منهم عن نفسه وقت القبض عليه فضلاً عن أن يمارس الإرهاب ؟
فيا أيها الضباط والجنود المصريون ويا أيها السياسيون والمواطنون المخلصون، انكشفت الخدعة وظهرت الحقيقة، فعودوا إلى حضن شعبكم الذي يريد العزة والكرامة ولا تمدوا أيديكم إليه بعدوان أو سوء .
الإخوان المسلمون
القاهرة فى : 8 من ذي القعدة 1434هـ الموافق 14 من سبتمبر 2013م