يبدو أن رسالة الطمأنة التي بعث بها الرئيس محمد مرسي لرجال الأعمال والمستثمرين البرازيليين؛ فيما يخص المناخ الاستثماري في مصر، بدأت تؤتي ثمارها من خلال خطط تدعمها الحكومة البرازيلية، لضخ استثمارات جديدة في مصر، وتعظيم القائم منها، وفقًا لتقرير أعده مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط.

ويأتي إعلان مجموعة «كامرجو كوريا» إحدى المجموعات الاقتصادية العملاقة بالبرازيل، عن ضخ أكثر من 9. 1 مليار جنيه كاستثمارات جديدة، لتنفيذ حزمة من خطط التوسع المستقبلية في السوق المصرية، ضمن هذا الإطار الذي يبشر بتدفق مليارات الدولارات إلى مصر، ما يعني إتاحة المزيد من فرص العمل وتعميق الثقة في الاقتصاد.

ويقول ريكاردو باربوسا، رئيس شركة «إنترسمنت»، التي تُعد واحدة من رواد صناعة الإسمنت في العالم، وهي إحدى شركات مجموعة «كامرجو كوريا»، أنه تم اختيار مصر من بين أربع دول في منطقة الشرق الأوسط هي؛ تركيا، وتونس، والمغرب، باعتبارها أفضل بيئة متاحة لضخ تلك الاستثمارات الضخمة.

وأوضح أن زيارة الرئيس محمد مرسى للبرازيل بددت المخاوف من السوق المصري، وأعطت إشارة البدء الحقيقية لتعظيم الاستثمارات فى هذا البلد النابض بالخير، مشيرًا إلى أن ما تمر به مصر حاليًا لا يُعد أمرًا غريبًا أو غير مقبول، لأن مرحلة التحول الديمقراطي فى أي بلد تنتج مجموعة من الأزمات، يمكن التغلب عليها بالإصرار والعزيمة.

وأضاف أنه فى إطار مشاركة الرئيس محمد مرسي في أعمال منتدى الأعمال المصري البرازيلي، واللقاءات التي عقدها بعد ذلك مع مجموعة من رموز مجتمع الأعمال البرازيلي وقيادات ورؤساء كبرى الشركات البرازيلية العاملة والمستثمرة في مصر، إضافة إلى مجموعة من المستثمرين الذين يتطلعون للاستثمار فى مصر، قدّم الرئيس شرحًا مفصلا لما يتمتع به الاقتصاد المصري من إمكانات بشرية وطاقات واعدة، وكذلك الجهود المبذولة من أجل النهوض به، وهو ما كان له الأثر الطيب في تشجيع المستثمرين البرازيليين للمجيء إلى مصر.

ونوه «باربوسا» بما تتمتع به مصر من إمكانيات تتيح لها عبورًا آمنًا لتلك المرحلة الانتقالية الصعبة، كما أن لقاءات الرئيس مرسى في ساو باولو مع عدد من قيادات ورؤساء الشركات البرازيلية، أسهمت فى طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين فيما يخص المناخ الاستثماري في مصر والتزام وحرص الحكومة المصرية على تذليل كافة العقبات أمام المستثمرين الأجانب خاصة البرازيليين، وتوفير المناخ الإيجابي لجذب المزيد من الاستثمارات، بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين.

وتأتى تلك الخطوة الرائدة من جانب إحدى أكبر المجموعات الاقتصادية البرازيلية، في ظل ظروف استثنائية يعيشها الاقتصاد المصري لتحمل رسالة إيجابية تعكسها ثقة كبرى فى مناخ الاستثمار بالسوق المصري، وهو ما يمثل دعمًا ومساندة للاقتصاد فى المرحلة الراهنة، كما أن ضخ المزيد من الاستثمارات البرازيلية داخل السوق المصري يُعد بداية مبشرة تمهد الطريق أمام دعم العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

وعلى الرغم من أن زيارة الرئيس مرسي هي الأولى للبرازيل، إلا أنها كانت بمثابة الخطوة الأولى التي تفتح طريق الألف ميل، خاصة وأن المستثمرين البرازيليين أبدوا اهتمامًا كبيرًا بتعزيز استثماراتهم فى مصر لما تمثله من سوق كبيرة واعدة تحتاج إلى المزيد الذى يضاف إلى ما هو موجود من استثمارات حاليًا في مجالات صناعات الحديد والسيراميك والمواد الغذائية خاصة من اللحوم المجمدة.

وعلى الصعيد ذاته، يؤكد الوزير المفوض التجاري بسفارة البرازيل، أن هناك إيمانًا عميقًا بالفرص الكبيرة والواعدة في مصر، وذلك انطلاقًا من قدرة الاقتصاد المصري على التعافي السريع وتحقيق معدلات نمو عالية.

وأشار إلى أن الحكومة البرازيلية تدعم التوجه نحو الاستثمار فى مصر، وتؤكد على أهمية الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس مرسي، كما أن تجربة البرازيل التنموية ستكون حاضرة فى حالة المصرية التي تشبه إلى حد كبير ما شهدته بلاده من أزمات اقتصادية عنيفة تعافت منها على مدى 16 عامًا من الخطط التنموية، التي تهتم بالإنسان باعتباره حجر الزاوية في أي مشروع تنموي.

وفيما يبدو لأول وهلة ضآلة حجم الاستثمارات البرازيلية في مصر قياسا بما يتمتع به هذا البلد من إمكانيات اقتصادية وتنموية هائلة، إلا أن البيئة الاستثمارية المصرية غير المشجعة كانت هي السبب الرئيسي فى هذا الأمر، ليس بالنسبة للبرازيل فقط وإنما لأي استثمارات من أي مكان بالعالم .

ولعل مراجعة سريعة للأرقام يمكنها أن توضح مدى ضآلة تلك الاستثمارات، وما يعنيه البدء بضخ مليار جنيه، بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس مرسي ، حيث تبلغ الاستثمارات البرازيلية فى مصر 49. 17 مليون دولار.

ويأتي القطاع الصناعي فى مقدمة تلك الاستثمارات بحوالي 42. 11 مليون من خلال 3 شركات، يليه القطاع الخدمي بـ7 شركات برأس مال قدره 40. 4 مليون دولار، ويأتي فى المرتبة الثالثة القطاع الإنشائي باستثمارات تبلغ 24. 1 مليون دولار، ثم الاستثمارات السياحية بـ 44 ألف دولار.

وتؤشر البيانات والتصريحات البرازيلية إلى إمكانية رفع تلك الاستثمارات، وتحديدًا مع رغبة مصر فى التعاون مع البرازيل فى مجالات التصنيع العسكري وتصنيع وتجميع الطائرات والسيارات، وكذلك في تطوير القطاع الزراعي والصناعات الزراعية وتنميتها بما يسهم فى دعم الجهود الوطنية، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية وخصيصًا من القمح، فضلا عن صناعات الحديد والصلب والغزل والنسيج.

ويبدى المستثمرون البرازيليون اهتمامًا وحماسًا كبيرًا تجاه تفعيل المشاركة فى تعظيم حجم الاستثمارات في كافة المجالات التي تحتاجها مصر، حيث من المقرر أن يزور مصر خلال شهر سبتمبر القادم وفد استثماري كبير برئاسة رئيس اتحاد الصناعات البرازيلية، لبحث الخطوات التنفيذية في هذا الخصوص.

ومن الجدير بالذكر، أن البرازيل ومستثمريها لا يكتفون بضخ الأموال داخل الأسواق التي يعملون فيها فقط، إنما يقومون بتنفيذ رؤى استراتيجية؛ تقوم على منظومة مبادئ تدعم توجهات التنمية المجتمعية جنبًا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ المسئولية الاجتماعية.

وفي هذا الصدد تعمل مجموعة "كامرجو كوريا"، من خلال شركتها الكبرى فى مصر " انترسمنت"، وفقًا لرئيسها ريكاردو باربوسا على تنفيذ منظومة عمل تسهم فى تحسين إدارة المدارس وجودة التعليم تتوافق مع تجربتها في البرازيل، في إطار نقل الخبرات وبرامج خدمة المجتمع إلى مصر، التي يراها جديرة بالانتقال إلى مستوى أفضل يليق بتاريخها وحضارتها وإمكانياتها البشرية رفيعة المستوى.