منذ قام الشعب المصري بثورته المجيدة في 25 يناير تهددت مصالح واضطربت حسابات واختلت معادلات كثيرة على كل المستويات، الأمر الذي جمع قوى عديدة في الداخل والخارج في خندق العداء للثورة، وراحت هذه القوى تسعي لإجهاض الثورة أو تعويق مسيرتها.

وكلما تجاوزت الثورة إحدى العقبات كلما اشتدت شراسة العدوان ودناءة الخصومة، والآن وبعد أن نجح الشعب في انتخابات رئيسه وشكل الرئيس حكومته تمهيدا لحل المشكلات التي يعاني منها الشعب ثم الانطلاق في آفاق النهضة والتقدم، نرى أفرادا وجماعات يدعون إلى التخريب والتدمير، ويشاركون في خلق الأزمات، ويحرضون على الإفساد في الأرض بهدف إفشال المشروع الإصلاحي الذي يتبناه الرئيس وحكومته، وهذا من شأنه أن يزيد حياة الشعب صعوبة وضنكا ويؤدي إلى تأخر البلاد والإضرار بالوطن، ولا ندري أية وطنية أو مبادئ دينية أو ديمقراطية أو حتى إنسانية تقر هذا الصنيع المنكر؟

وبالأمس هاجمت مجموعة من المجرمين الإرهابيين مقرا للشرطة المصرية في رفح وقتلت ما يقرب من عشرين جنديا من إخواننا وأبنائنا في جريمة شنعاء واستولت على سيارتين وحاولت دخول حدود الكيان الصهيوني، وعلى الفور انطلقت وسائل الإعلام الصهيونية لتنسب هذه المجموعة إلى أهل غزة، وهذه العملية، وفي هذا التوقيت تهدف لتحقيق أهداف كثيرة :

· خلق مشكلة كبيرة لمصر في ظروفها الحالية على الحدود إضافة للمشكلات الداخلية التي تعاني منها البلاد إثر إنهيار نظام فاسد مفسد عشرات السنين.

· محاولة إثبات فشل الحكومة المصرية الجديدة التي تم تشكيلها منذ ثلاثة أيام فقط.

· محاولة تعويق مشروع الرئيس الإصلاحي.

· إحداث الوقيعة بين الإدارة المصرية والشعب المصري من ناحية والحكومة الفلسطينية وأهل غزة من ناحية أخرى.

وهذه الجريمة يمكن أن تنسب للموساد الذي يسعى لإجهاض الثورة منذ قيامها ويدل على هذا أنه أصدر تعليماته لمواطنيه الصهاينة الموجودين في سيناء إلى مغادرتها على الفور منذ عدة أيام، كما أنها تلفت نظرنا إلى أن قواتنا الموجودة في سيناء لا تكفي لحمايتها ولا لحماية حدودنا، الأمر الذي يحتم إعادة النظر في بنود الاتفاقية المعقودة بيننا وبين الكيان الصهيوني، كما أنه كان واجبا علينا أن نتأهب لوقوع كارثة عقب دعوة الإدارة الصهيونية رعاياها لمغادرة سيناء، ففي كل مرة يتم تحذير بهذا الشكل يقع بعده حادث إرهابي في سيناء.

وفى الختام فإننا ندعو الشعب المصري العظيم أن يتصدى لدعاة التخريب والإفساد في الداخل، وألا يستجيب لدعوات التحريض وأن يلتف حول رئيسه وحكومته وأن يعمل بجد وإخلاص وأن يتحلى بالحكمة والصبر وأن يتصرف في إطار التصرفات الحضارية الراقية.

وأخيرا فلا يسعنا إلا أن نتقدم إلى أهالي الشهداء والشعب المصري كله بخالص العزاء سائلين المولى سبحانه أن يتقبلهم في الصالحين ويرزقهم صحبة النبيين، كما نطالب السلطات بسرعة التحقيق وضبط الجناة وسرعة محاكمتهم وإيقاع القصاص العادل بهم.

(ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)


(ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)


الإخوان المسلمون

القاهرة في : 18 من رمضان 1433هـ الموافق 6 من أغسطس 2012م