محمد السروجي

دائماً تبقى السياسة هي فن الممكن ووفرة البدائل ، هذا ما أكده المؤتمر الصحفي الذي دشن به الدكتور محمد مرسي حملته الانتخابية في السباق الرئاسي الحالي ، المؤتمر طرح التساؤلات المعتادة وأجاب الرجل بصورة تركت انطباعاً مريحاً وإيجابياً لدى غالبية الحضور ، لكن السؤال الأكثر إلحاحاً من المؤيدين والمعارضين ، هل مازالت الفرص متاحة للدكتور مرسي الذي دخل السباق متأخراً ؟ وكبديل لشخص بحجم وإمكانات المهندس خيرت الشاطر ؟ وفي أجواء قطع فيها غالبية المرشحين أشواطاً كبيرة في السباق ؟ وفي مرحلة تداعت فيها الأقلام والصور والألسن على جماعة الإخوان تشويهاً وتشكيكاً ؟!

خلفية المشهد"لماذا الترشح؟!"

لم تتغير ملابسات ومبررات الترشح بين خيرت الشاطر ومرسي ، فالخلفية في الأساس هي القيام بالواجب الشرعي والمسئولية الوطنية والتجاوب مع الإرادة الشعبية وحماية مكتسبات الثورة ودفعها للاستمرار والتقدم ، بعدما أيقن الجميع أن هناك سيناريو معد لإجهاض الثورة متمثلاً في إعادة إنتاج نظام المخلوع مبارك في نسخته الباهتة بحضور مدير المخابرات أو رئيس حكومة مبارك أو وزير خارجيته ، فضلاً عن حتمية ضبط العلاقة بين المسئولية والسلطة بعدما أكد الواقع أن البرلمان دون سلطة تعتبر التشريعات والرقابة ، برلمان فاقد المفعول ، وأخيراً ممارسة الحقوق الدستورية والقانونية بعدما تغيرت ظروف وملابسات عدم الترشح .

وفرة الفرص وهي حزمة من نقاط القوة والفرص المتاحة منها :

** المشروع لا الشخص ... الجديد في موقف الإخوان من الرئاسة أنهم تقدموا بمشروع للإصلاح والنهضة ، لا يرتبط كثيراً بشخص المرشح الرئاسي بقدر ما يرتبط بالمشروع نفسه ومقومات النجاح المتوفرة له ، وهذا طرح جديد ومفيد لم تتعوده دول المنطقة .

** شخص الدكتور مرسي ... مؤهلاته العلمية وخبراته الحياتية وممارساته السياسية ، صفاته الأخلاقية وسماته الشخصية ، رجل من رجالات مصر الأكفاء المؤهلين لهذا الموقع المرموق
** البرنامج المطروح ... مشروع النهضة القائم على المرجعية الإسلامية ، به ثلاث مراحل الأولى: عاجلة لمدة 100 يوماً للاستقرار الأمني واستعادة هيبة الدولة وتوفير الاحتياجات الأساسية للمعيشة بصورة ميسرة ، الثانية متوسطة لمدة عامين لاستكمال التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة ، والثالثة : طويلة المدى لحل المشكلات الإستراتيجية في التعليم والصحة والبيئة والبطالة والتنمية الزراعية والصناعية وغيرها .

** الكيان الذي يدعم المرشح والبرنامج ... "الإخوان والحزب" يملك العديد من الإمكانات المادية والفكرية والبشرية ، المعلوماتية والمكانية ، العلمية والعملية ، وبالتالي يتمتع بفرص أفضل من غيره الذي لا يسانده هذا الكيان .

** الروح المعنوية الفتية والوثابة التي ظهرت بقوة في مؤتمرات وفعاليات الدكتور مرسي وبجواره الشاطر ، أعطت زخماً شعبياً وإعلامياً وسياسياً أزاح الغبار الإعلامي الكثيف الذي حاول البعض فرضه على المشهد بهدف المزيد من الضبابية وخلط الأوراق .

** تآكل فرص فلول النظام ... باستبعاد السيناريو الكارثة لعمر سليمان وصدور قانون العزل الذي من الممكن أن يستبعد شفيق فضلاً عن الرصيد السلبي لهم ، ومناخ الانكشاف السياسي الذي أحدث فرزاً غير مسبوق ولا متوقع ، ليميز الخبيث من الطيب ، فدخلت الأفاعي جحورها بعد أن أطلت برأسها نصرة لمدير المخابرات الذي ذهب غير مأسوف عليه .

** منظومة القيم المصرية ... التي استدعاها الشعب وبسهولة في كل ميادين مصر خلال فعاليات الثورة وخلال جمعة حماية الديمقراطية وتقرير المصير ، قيم "الشراكة والتعاون والتسامح والقبول والمسئولية ، قيم الوفاق والوحدة ولم الشمل وإنكار الذات " قيم الوفاء لمن أعطى وضحى وبذل ، فضلاً عن قيم النفرة والنصرة .

** يقظة الشعب ... الذي يمتلك رؤية واضحة وعقلية ناضجة فاقت النخبة المتعثرة والمرابطة في الغرف المغلقة والفضائيات وخلف الكاميرات ، شعب يمتلك لياقة حركية جعلته يقدم نموذج انتخابي غير مسبوق بدول المنطقة ، ولياقة ذهنية جعلته يتجاوز وبمهارة كل الحواجز والسدود بل وحقول الألغام ، فضلاً عن عدم  الاستسلام لسيناريو الشائعات والتضليل والافتراءات .

 ** الإصرار على إنجاح الثورة ... وهي رغبة ملحة وإرادة صادقة لدى الملايين من المصريين الذين شاركوا في الثورة من كل فئات المجتمع وشرائحه الاجتماعية والفكرية والثقافية وألوانه العقدية ، ومازالوا على استعداد لتقديم المزيد من الوقت والجهد والمال والتضحيات لتحقيق حقوقهم المشروعة وطموحاتهم المنشودة .

خلاصة الطرح ... مازلنا على يقين أن الله سبحانه هو الذي أجرى الثورة وأنه سبحانه سيرسيها ، وأنه سبحانه لن يتخلى عن مصر عقل وقلب العروبة والإسلام ، لكننا في نفس الوقت بحاجة ملحة للمزيد من الحركة والعمل وبث الثقة والأمل.
إشارة : أعلم يقيناً مدى جدية شخصية الدكتور مرسي ، ومدى همه بأمور أمته ووطنه ،  لكن هذا لا يمنع من الابتسامة قليلاً
----
 كاتب مصري