أكد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ضرورة أن تكون ذكرى ثورة 25 يتاير استعادةً لوحدة الشعب وتماسكه يدًا واحدةً؛ لأن الفرقة والصدام لا تصبُّ إلا صالح أعداء الوطن، موضحًا أهمية مشاركة الشعب كله في ذكرى ثورة 25 يناير والوقوف صفًّا واحدًا؛ للاحتفاء بمطالبها التي تحقق بعضها واستكمال المطالب الباقية؛ حيث إن مشاهد التوافق المبهرة التي قدمها الشعب مرات عديدة سبقتها حملات كثيرة بائسة من أعداء الوطن للتخويف منها.
وشدَّد فضيلته- خلال لقائه مع الإعلامي وائل الإبراشي في برنامج (الحقيقة)، على فضائية (دريم 2)، مساء اليوم- على رفضه كل دعاوى ما يسمَّى بالثورة الثانية، متسائلاً: "على من تقوم هذه الثورة بعد أن تحقق جزءٌ كبيرٌ من مكاسب الثورة وفي مقدمتها نزول 30 مليون مصري لانتخاب من يعبِّرون عنهم عبر إجراءات نزيهة وشفافة تهدف لتحقيق نهضة الوطن، مؤكدًا أن جميع القوى الوطنية اجتمعت تحت قبة مشيخة الأزهر لتتوافق على ضرورة الاحتفاء بذكرى الثورة والتعاهد على استكمال مطالبها.
وأوضح أن موقف الإخوان من المجلس العسكري، باعتباره شريكًا في حماية الثورة، واضح؛ حيث إذا أخطأ يجب توجيهه ومحاسبته على خطئه، وإذا أصاب يجب إعلامه بذلك مع عدم النيل من هيبة جيش الشعب المصري، كما لا يصح القيام بثورة جديدة ضد المجلس العسكري، عن طريق تخريب الوطن ومؤسساته ونسيان دوره وإنجازاته في إنجاح الثورة وتحقيق جزء من مطالبها.
وأضاف: "إذا كان هناك أخطاء ضد أي جهات أو مؤسسات أو أفرد فيجب تقديمها للجهات القضائية، وإذا كنا على موعد مع البرلمان المنتخب الحر فسيمكِّننا هذا من محاسبة كل من أخطأ بشكل علني، سواءٌ من الوزراء أو غيرهم"، موضحًا أن "مجلس الشعب هو الوحيد الذي سيكون معبرًا عن الشعب المصري؛ لتحقيق مطالبه وحماية حقوقه".
وطالب فضيلته بالتحقيق في أحداث الضبعة ومن وراءها لإحباط المشروع النووي والطاقة البديلة وتقديمهم للمحاكمة، داعيًا أهالي منطقة الضبعة بملاحقة المخالفين والمتسبِّبين في الأحداث لمصالحهم الشخصية في منع الحلم النووي، موضحًا أن الإخوان داخل السجون كانوا مهمومين بملفات مصر في كل المجالات ويعقدون ورشًا لإعداد ملفات نهضوية في مجالات النووي والأمني والاقتصادي والسياسي والتشريعي والفني والقانوني والاجتماعي، وغيرها.
وأكد أن الإخوان لديهم ملفات لدراسات الطاقة البديلة؛ لأن معدلات الاحتياج إليها تحتاج إلى دراسة واسعة بمشاركة أهل الخبرة والتخصص من أجل تحقيق ما ينفع الناس، موضحًا سعي الجماعة إلى إيجاد حياة تليق بإنسان حر كريم، والذي يعدُّ حقًّا للشعب المصري كله بمسلميه ومسيحييه دون استثناء.
وأضاف أن من يريد النهوض باقتصاد مصر فيزرع قمحًا؛ حيث إن القرآن الكريم في سورة "يوسف" أعطى حلاًّ رائعًا لإنجاح الاقتصاد المصري وتلافي السنوات العجاف، مؤكدًا أن الإخوان يفكرون في كيفية تحقيق نهضة حقيقية لمصر في الوقت الذي ينتظر الناس تنفيذ ما عاهدناهم عليه، عن طريق التوافق مع كل القوى الوطنية لتضافر الجهود وتعاونها من أجل المشاركة في بناء مصر؛ لأن الوطن لن ينهض إلا بجهود جمبع الشعب المصري.
وأوضح أن البرلمان المنتخب من حقه محاسبة كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية، ولا يمكن لأي مؤسسة أن تكون فوق سيادة الشعب، إلا أن البرلمان بيده تحديد ميزانية المؤسسة العسكرية عن طريق إنشاء لجنة خاصة يعدُّها لهذا؛ تهدف لحماية حدود مصر وأمنها.
وقال: نحن جماعة مؤسسية تدرس كل معطيات المرحلة ونسعى إلى تحقيق الخير للوطن؛ حيث إننا متغلغلون داخل المجتمع بكل شرائحه، كما أن مصر كلها صاحبة الثورة وكل الشعب المصري يطالب باستكمال مطالبها، ويجب على الشعب النزول لميادين للاحتفاء بذكرى الثورة والتعاهد على المشاركة في استكمال مكاسب الثورة.
وأضاف: أرجو من شعب مصر العظيم كما قدم ثورته أن يقدم نهضة لوطنه؛ عن طريق احترام مؤسساته المنتخبة والاحتفال بذكرى الثورة وحماية سلمية الثورة، والتعاون مع الجميع؛ لاستكمال مكاسبها وحماية مؤسساتها، موضحًا أن النزول للاحتفاء بذكرى الثورة يهدف لاستعادة الشعب بمسلميه ومسيحييه ورجاله ونسائه وشيوخه وشبابه لروح ثورته العظيمة.
وأكد أن أعداء الثورة سيحاولون النيل منها خلال الاحتفاء بها، لكن الشعب قادر على حماية ثورته، مستشهدًا بقوله تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)، مضيفًا أن الشعب يدٌ واحدة هو صاحب الميدان والبرلمان، وليس من حق أحد التحدث باسمه؛ لأن الشعب عندما يقول كلمته فعلى الجميع احترامها، داعيًا نواب مجلس الشعب جميعًا إلى تلبية مطالب شعبهم والقيام بدورهم بأمانة وجدية.
وأضاف: "نحن حريصون على أن تكون مصر يدًا واحدةً يوم الاحتفاء لحماية دماء الشهداء والتصدي لأعداء الثورة والحاقدين عليها، ومواساة أهالي الشهداء؛ حيث إن الإخوان يشاركون في كل هيئات البرّ؛ لدعم ذوي شهداء ومصابي الثورة".
وأكد أن الشعب المصري احتكم إلى الديمقراطية، واختار نوابه، ويجب على الجميع احترام إرادة الشعب واختياره؛ حيث إنه إذا كانت الديمقراطية لصالح غيرنا كنا سنحترمها، موضحًا أن البرلمان لن يكون مغنمًا ومكسبًا بل مغرمًا وتكليفًا وأمانة سيحاسب فيها المقصر بشدة على أدائه الهزيل وسيعزله الشعب ليأتي بخير منه.
وأضاف أن البرلمان لن يحمل الهمَّ بمفرده، وسيكون للمجالس المحلية دور كبير في إصلاح البنية التحتية، ولن يمتلئ هذا الفراغ إلا بمشاركة جميع القوى لحمل هذا الهم، وقال إن النظام البائد حاول القطيعة بين الإخوان والشعب عن طريق رفض طلبات نوابه حتى يعتقد الشعب تخاذلنا وتقاعسنا عن الاهتمام بمصالحه.
وأضاف فضيلته أن زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر له في المركز العام كانت بهدف نقل تخوفه عن ضعف مشاركة المرأة والشباب في البرلمان، بالإضافة إلى معرفة موقف الإخوان من الالتزام باتفاقية "كامب ديفيد"، ولكني سألته: أنت الوحيد الباقي ممن وقّعوا على هذه الاتفاقية وذهب الآخران إلى محكمة العدل الإلهية فقل لي عن مدى رؤيتك لعدالة الاتفاقية، فأجاب كارتر بأن الفلسطينيين ظُلموا بسبب هذه الاتفاقية كثيرًا فأجبته بأن الإخوان والشعب المصري كله لا ينقض اتفاقية وعهدًا، بل غيرهم من ينقضه.
وأضاف أن من حق الشعب أن يختار من يعبر عنه ويمثله، وليس من حق أحد أن يفتئت على إرادته، مطالبًا بإعطاء الفرصة للبرلمان المنتخب؛ لاختبار أدائه، رافضًا الحكم على أحد قبل بذل جهده، مؤكدًا أن الإخوان رفضوا الحكم على أداء الجنزوري قبل إعطائه الفرصة لذلك، نافيًا أن يكون الوصول إلى مجلس الشعب كعكة؛ حيث إن الإخوان ليسوا من كوكب آخر ولم تُبنَ علاقتهم بالشعب من فراغ.
واستنكر فضيلته انسحاب الدكتور محمد البرادعي من الترشح لانتخابات الرئاسة في هذه المرحلة المهمة، والتي تحتاج إلى المشاركة من الجميع في نهضة الوطن، مطالبًا إياه بالتراجع عن قراره وخوض المنافسة السياسية؛ حيث إننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، موضحًا أن د. البرادعي قيمة وقامة كبيرة، وكنا أول الداعمين لمطالبه السبعة في حملة "الجمعية الوطنية للتغيير".
وشدَّد على أن الإخوان ليس لديهم منافس في انتخابات الرئاسة، لكنهم يشاركون كل القوى الوطنية في اختيار شخصية توافقية على أساس قواعد لا تحابي أحدًا، وتحدد مواصفات الرئيس المصري القادم، موضحًا أن دعمنا لمطالب الدكتور البرادعي التي طالب بها الشعب المصري؛ لأننا أصحاب مبادئ ولا نتعلق بالأشخاص.
وجدَّد رفضه إعطاء صوته للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة، مبديًا رغبته في ألا يكون مرشح الرئاسة القادم محسوبًا على التيار الإسلامي؛ لأن مصر تقع تحت المجهر والاستهداف الخارجي، ونريد أن نخرج بمصر إلى بر الأمان؛ للحيلولة من العودة بها إلى الوراء عن طريق اختيار رئيس توافقي ووزارة توافقية ائتلافية؛ حيث إن نظام الدولة الأنسب لمصر في المرحلة الراهنة هو النظام المختلط.
وأكد أن من سيخطئ في حق مصر سيحاسب عن طريق القضاء، والقضاء سيحاسب كل المخالفين، داعيًا وسائل الإعلام والصحف إلى عدم امتهان أحد، وأن تكون موادها ذات نكهة مؤدبة بنَّاءة، قائلاً لنجيب ساويرس: إذا كان لديك أدلة ومستندات على ما تدَّعيه ضدنا فقدِّمه للقضاء.
وأضاف: الشعب المصري حُرم كثيرًا من حرية الكلمة، وطبيعي عندما يفتح له الباب أن يكون غير متزن، موضحًا أن استقباله لنقيب الممثلين أشرف عبد الغفور أوضح فيه أنه ليس من حق أحد الوصاية على الفن، ولكن على جميع النقابات والمؤسسات بدء مشروع التطهير، ووضع مواثيق شرفية للالتزام؛ حيث إنه من الأفضل أن يكون الفن رسالةً هادفةً ترتقي بأخلاق المجتمع وطموحاته.
وتابع قائلاً لنقيب الممثلين: إن الإخوان سيقدمون بدائل فنية، يمكن أن تنافس الموجودة، وتتسم بالترويح والارتقاء معًا، أما أمر الرقابة على الأفلام المبتذلة ومنعها فنتركه للأزهر الشريف.
وقال فضيلته: إن الإخوان لديهم أكثر من مشروع لتقديم الخير للشعب كله، مضيفًا أنه لم يكن هناك قانون يعرض على البرلمان في العهد البائد إلا وقد جهّز سلفًا ولم تُراعَ فيه مصالح الشعب، ويجب أن تعدَّل الموازنة وتكون لصالح الشعب المصري.
وأوضح أن مصر أصبحت بلدنا جميعًا، بمسلميه ومسيحييه، ومن شارك في الثورة ومن لم يشارك، من أجل حماية حضارة مصر الواعدة، مؤكدًا أن ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف يجب أن تتوقف فورًا؛ لما يترتب عليها من فزع من الإسلام؛ لأن الإسلام يدعو في آياته الكريمة بالقرآن الكريم: (بل الإنسان على نفسه بصيرة* ولو ألقى معاذيره).