إن الصهاينة ومنذ وطأت أقدامهم أرض فلسطين الحبيبة وهم لا يكفون عن القتل والإرهاب والتخريب حتى أقاموا دولتهم على أنقاض دولة فلسطين، أقاموها دولةً عنصريةً استيطانيةً توسعيةً عدوانيةً، لم تعرف المنطقة من يومها استقرارًا ولا سلامًا، وإنما الحروب المتعاقبة في 1948، 1956، 1967، 1973، 1982، 2006، 2008، إضافةً للعدوان اليومي المستمر على البلدان العربية المحيطة بها.

 وأمس حدث عدوان جديد على الحدود المصرية أدَّى إلى استشهاد عددٍ من الضباط والجنود المصريين، وغفل الصهاينة أن مصر قد تغيرت بعد الثورة، واسترد شعبها حريته وكرامته وإرادته، ومن ثَمَّ لن يسمح بمرور هذه الجريمة دون عقابٍ مثلما حدث في الفترات السابقة حيث تخلى النظام البائد عن واجباته في حماية الأمن القومي والمصالح الوطنية وأرواح الجنود والمواطنين.

 كما قام الجيش الصهيوني بعدوان وحشي على قطاع غزة أسفر عن سقوط سبعة عشر شهيدًا.

إن هذه الجريمة ينبغي أن تفرض علينا تغيير سياساتنا تجاه قضايا جوهرية، بدءًا من عدم السكوت على أي عدوان، وطرد السفير الصهيوني من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب وفرض السيادة الوطنية الكاملة على أرض سيناء بإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد، والتعجيل بإعمار سيناء وملء فراغها بملايين المصريين؛ حمايةً للأمن القومي واستثمارًا للموارد الطبيعية الموجودة فيها، والتيقظ لعمليات التجسس المستمرة وإيقاع أقصى العقوبات بسرب الجواسيس الذي يتساقط يومًا بعد يوم.

 إذا كان الصهاينة يتصورون أن الجيش المصري العظيم منشغل بإدارة شئون الوطن وأن ذلك سيصرفه عن واجبه المقدس في حماية الوطن والشعب فهم واهمون، فإن الشعب المصري كله ظهير داعم للجيش، بل يمكن أن يتحول إلى جيش يدافع عن تراب الوطن وسيادته، وإذا كانوا يسعون إلى إجهاض ثورة الشعب المباركة مستغلين الخلافات السياسية بين فصائله فليعلموا أن المصريين على استعداد لطرح كل هذه الخلافات خلف الظهور والوقوف صفا واحدا لحماية الوطن واستقلاله، إننا جميعًا على استعداد لبذل الغالي والنفيس والأرواح والدماء فداءً لوطننا الحبيب .

وللأوطان في دم كل حر       يدٌ سلفت ودين مستحق

ومن يسقى ويشرب بالمنايا  إذا الأحرار لم يُسقوا ويسقوا

ولا يبنى الممالك كالضحايا  ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحق

ففي القتلى لأجيال حياة   وفي الأسرى فدًى لهمو وعتق

وللحرية الحمراء بابٌ        بكل يدٍ مضرجة يُدق

 إننا نرفض التصريحات الأمريكية بضرورة حماية مصر لحدودها؛ لأننا نعرف كيف نحمي حدودنا، ولأننا نعرف من الذي يعتدي على هذه الحدود، ولأننا نرفض أن يتدخل أحد في شئوننا الداخلية، فذلك عهد ولَّى ولن يعود.

 وأخيرًا فنحن ندعو المجلس العسكري للتعجيل بنقل السلطة وعودة حالة الاستقرار كي يتفرغ الجيش لمهمته المقدسة، وندعو كل القوى الوطنية والسياسية إلى لمِّ الشمل ووحدة الصف والنزول على إرادة الشعب، ذلك جوهر الديمقراطية ومصلحة الوطن ودرء الخلاف، والتصدي للمخاطر المحدقة يدًا واحدةً في مواجهة عدو واحد لنا جميعًا.

 كما ندعو جهاز الشرطة لتحمل مسئوليته في تأمين البلد وتوفير الانضباط والقضاء على الانفلات، وندعو المواطنين للمشاركة في الفعاليات للتعبير عن مشاعرهم تجاه هذه الجريمة.

 وفي الختام نُقدِّم خالص التعازي لأسر الشهداء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الله سائلين إياه تعالى أن يسكنهم فسيح جناته في صحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

 (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)) (آل عمران).

 الإخوان المسلمون

القاهرة في 20 من رمضان 1432هـ الموافق 20 من أغسطس 2011م