أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تقريرا يرصد انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الانقلاب خلال عام 2015.
 
وقد أظهر التقرير الذي نشر عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، اليوم الإثنين، أن سلطات الانقلاب المصرية استمرت في نهجها الدموي دون توقف، مع تطور بعض أساليب القمع وتوسعها لتشمل فئات أوسع من المصريين دون تفرقة بين قاصر وبالغ، رجل وامرأة.
 
وذكر التقرير أن العام 2015 شهد مقتل 267 شخصًا خارج إطار القانون على يد قوات الانقلاب المصرية في مختلف محافظات مصر عدا محافظتي شمال وجنوب سيناء؛ حيث قتل الأمن المصري 62 شخصا باستخدام القوة المميتة في مواجهة تجمعات سلمية بينهم 6 قصر و3 نساء، كما قٌتل 46 شخصًا بالتصفية الجسدية، بالإضافة إلى وفاة 159 محتجزًا داخل مقار الاحتجاز المختلفة جراء الإهمال الطبي المتعمد أو التعذيب أو سوء أوضاع الاحتجاز والفساد في إدارة السجون.
 
وبالإضافة إلى ما سبق فقد تعرض 38 شخصًا للقتل في ظروف ملتبسة بزعم قيامهم بأعمال إرهابية من قِبل الأمن المصري دون أن تتوافر أدلة كافية حول مقتلهم وفي المقابل امتنعت السلطات المعنية عن اتخاذ أي إجراء جاد ومحايد للتحقيق في تلك الوقائع وفقا للقانون.
 
وأضاف التقرير أنه خلال ذات الفترة بلغ عدد الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال 17840 معارضا، بينهم 11877 ادعت وزارة الداخلية انتماءهم إلى 171 خلية إرهابية، ومن بين أولئك المعتقلين 235 قاصرا على الأقل و73 امرأة وفتاة.
 
وذكر التقرير أن السلطات القضائية لم تغب عن مشهد انتهاك حقوق الإنسان في مصر، خلال العام 2015، أصدرت المحاكم المصرية 660 حكما في قضايا معارضة السلطات أمام دوائر مدنية وعسكرية، وكانت عدد القضايا التي صدرت أحكامًا فيها أمام  دوائر عسكرية 80 قضية، بينما تم الحكم في 580 قضية أمام دوائر جنح وجنايات مدنية، واتسمت تلك المحاكمات في مجملها بإهدار حق المتهمين في المحاكمة العادلة.
 
وصدرت الأحكام القضائية المذكورة بحق 8213 شخصا، من بينهم 6417 شخصا تمت معاقبتهم بعقوبات مختلفة، بينما صدرت أحكامًا بالبراءة بحق 1796 متهما، وتوزعت أحكام الإدانة على المتهمين من حيث نوع العقوبة كالتالي:
 
تم الحكم على 1978 متهما بالسجن المؤبد، كما حُكم على 1147 متهما بالحبس بحد أقصى ثلاث سنوات، فيما حُكم على 1394 متهما بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات، وعلى 1284 متهما بالسجن المشدد أكثر من خمسة سنوات، وصدرت أحكام على 208 أشخاص بدفع غرامات تراوحت قيمتها بين الخمسة آلاف جنيه و200 ألف جنيه، فيما حكم على 11 شخصا بأحكام أخرى.
 
وأضاف التقرير أنه خلال فترة الرصد في العام 2015 صدرت أحكام بالإعدام (أول درجة) بحق 395 شخصاً، بينهم 12 شخصًا تم الحكم عليهم على خلفية اتهامهم في قضايا عسكرية، كما نفذ حُكم الإعدام فعليا بحق 7 أشخاص بعد استنفاد درجات الطعن على تلك الأحكام.
 
وبين التقرير أنه خلال العام 2015 قتل 1600 شخصًا في سيناء ادعى الجيش أن أغلبهم قُتلوا في مواجهات أمنية، أو نتيجة إطلاق نار وقصف عشوائي للجيش، بالإضافة إلى اعتقال 2424 شخصًا من بينهم 421 شخصًا قال عنهم الجيش أنهم مطلوبين أمنياً، و2003 شخصًا تحت دعوى الاشتباه لم يفصح الجيش عن مصير معظمهم، كما تم الإعلان عن حرق 744 عشة وحرق وتدمير 400 عربة، و1004 دراجات بخارية، بالإضافة إلى تجريف 23 مزرعة و16 فدانا.
 
هذا بالإضافة إلى قيام الحكومة المصرية بإصدار قرارات بإخلاء الشريط الحدودي مع قطاع غزة، وذلك بتهجير سكان تلك المنطقة من منازلهم وهدمها، تمهيدًا لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وبدأت المرحلة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حيث تم تنفيذها بواقع 500 متر، وتضمنت هدم 837 منزلا تملكها 1150 أسرة، وجاءت المرحلة الثانية في مارس/آذار 2015، وتم الانتهاء منها لمسافة 500 متر أخرى، حيث تم هدم نحو 1044 منزلا من إجمالي المنازل المحصورة في المرحلة الثانية. وأصدرت الحكومة المصرية قرارًا ثالثًا بالبدء في المرحلة الثالثة من التهجير في أبريل/نيسان 2015، على إجمالي مساحة وصلت إلى نحو 2000 متر، حيث يوجد بهذه المنطقة 1220 منزلا مأهولا.
 
كما بدأت قوات الجيش المصري في سبتمبر 2015 بإغراق المنطقة الحدودية بمياه البحر مما أدى إلى إلحاق أضرار بآبار المياه على الجانبين المصري والفلسطيني.
 
وأكد التقرير أن السلطات المصرية لم تفتح أي تحقيق في عمليات القتل العشوائي التي نفذتها قوات الجيش ولم يعاقب أي فرد أمن على مقتلهم ولو بشكل إداري، كما لم تعلن السلطات المصرية عن أي تحقيقات أو أدلة تفيد بتورط أولئك الأشخاص كلهم أو بعضهم في أعمال إرهابية، واستمرت قوات الجيش في استخدام الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة والأسلحة الأكثر فتكا في قصف منازل المدنيين لتوقع مزيدا من الأبرياء كل يوم.
 
وبين التقرير أنه خلال العام 2015 قامت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بإرسال بلاغات وشكاوى إلى العديد من الجهات الرسمية في مصر حول أكثر من 393 حالة  تعرضت لانتهاكات مختلفة ، كانت استجابة السلطات المصرية لهذه البلاغات والشكاوى هزيلة للغاية فعلى الرغم من وقف بعض تلك الانتهاكات بحق أصحاب الشكاوى، إلا أنه لم يتم فتح تحقيق واحد في أي واقعة من تلك الوقائع أو اتخاذ ما يلزم لمحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات.
 
وأوضح التقرير أن الاستمرار في عملية رصد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أمر صعب، في ظل ندرة المعلومات وحالة الخوف التي يعيشها الضحايا أو ذووهم، بالإضافة إلى حرص النظام المصري على إظهار صورة مكذوبة ومشوهة لحقيقة ما يجري في مصر مدعوما بآلة إعلامية واسعة الانتشار، ليصبح أي نشاط حقوقي أو إعلامي خارجا عن رواية النظام جريمة في نظر القانون المصري بحسب قانون الإرهاب المصري الجديد.
 
إلا أنه لا مفر من محاولة العمل الجاد على إظهار الحقيقة وإجلائها وفق معايير مهنية ومحايدة، ليصب ذلك في صالح إيضاح الحقيقة للرأي العام في داخل مصر وخارجها ولوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية بشكل واضح، والعمل الجاد على إنهاء سياسية الإفلات من العقاب خاصة مع استمرار تلك الانتهاكات وسد الأفق أمام الضحايا للإنتصاف القانوني.
 
 وأكد التقرير أنه ومن خلال واقع رصد انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان خلال العام 2015 فإن حالة الانحدار التي تعاني منها منظومة حقوق الإنسان في مصر مازالت على ذات النسق دون تحسن يذكر.
 
 وطالب التقرير أمين عام الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب اتخاذ موقف أخلاقي وقانوني حاسم واستخدام الآليات المتاحة لديهم والعمل على إرسال بعثة تقصي حقائق دولية كاملة الصلاحيات للتحقيق في كل الانتهاكات التي حدثت في مصر، فحالة الصمت الدولي لا تعني إلا إعطاء الضوء الأخضر للنظام للمضي قدما في ارتكاب المزيد من الجرائم.