لم يكتف الانقلاب بقتل الأحرار داخل معتقلات العسكر بمنع العلاج والحرمان من الدواء، وإنما قرر أن يعمم المأساة على الشعب المصري بأكمله ليقدم خدمة توصيل الموت البطيء إلى المنازل، في ظل نقص قرابة 4500 صنف دواء من الأسواق، في أزمة تركها قائد الانقلاب تتفاقم على مدار الأشهر القليلة الماضية حتى باتت تهدد حياة المصريين.

وفى الوقت الذي يتم علاج المحاسيب وعصابة الجنرالات على نفقة الدولة مع توفير كل الأدوية وصنوف العلاجات في مستشفيات العسكر، ينهش الموت والآلم ملايين البسطاء على عتبات التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية، بحثا عن "أمبول" يتيح للقلب الاستمرار في ضخ الدماء، أو جرعة أنسولين تبقي مرضى السكر على قيد الحياة.

مؤسسة "الدواء للجميع" حذرت من اختفاء مئات الأصناف من الأدوية الضرورية لحياة المرضى وأعدت لائحة بالأصناف التي ليس لها بديل في الأسواق، مشددة على ضرورة وجود علاج فوري لتلك المأساة التي تهدد حياة المصريين.

وأرجعت شركات الدواء المصرية تلك الظاهرة لقلة المتوافر من العملة الصعبة لشراء المواد الخام اللازمة لإنتاج الكمية المكافئة للاحتياجات، فضلا عن تسبب انهيار الاقتصاد إلى زيادة تكلفة إنتاج الأدوية الرخيصة ما يستدعي إعادة تسعيرها من جديد وهو ما دفع إلى وقف إنتاجها حتى لا تتكبد الشركات خسائر فادحة.

وفى ظل الغيبوبة التي ضربت دولة العسكر، دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج #الدواء_حق من أجل التذكير بمعاناة الملايين من المواطنين من نقص الدواء، وبحث كيفية الخروج من تلك الأزمة الطاحنة، في وجود نظام لا يهتم بحياة الشعب وربما يمثل الموت في نظر سلطات الانقلاب وسيلة للتخفيف من أعباء الحكومة الفاشلة.

#الدواء_حق لم يحتج إلى مزيد من الوقت لكي يشق طريقه نحو مقدمة تريندات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يخل بيت مصري من الإحساس بتلك الأزمة خاصة وأن العسكر على مدار 60 عاما نجح في توطين الآفات والأمراض والأوبئة في أجساد المصريين بالإهمال وغياب الرقابة والفساد، حتى باتت أمراض القلب والسكر والضغط والكبد زائر ثقيل في بيوت المصريين.

الناشط محمد الجارحي دشن الحملة من أجل إنقاذ حياة الشعب المنكوب، قائلاً: "أرجوكم.. أناشد إنسانيتكم.. #الدواء_حق، النَّاس كل يوم تتبهدل بسبب الأدوية الناقصة، والمريض مطحون بين شركات الأدوية وأجهزة الدولة، خلونا نضغط ونوصل صوتنا للكل لأن الناس بتموت"، مضيفًا: "إلا المرض.. إلا الوجع .. إلا الذل، فيه أمور مش محتاجة تأخير في اتخاذ القرار ولا تباطؤ ولا تلكؤ ولا تنفيض الدواء حق لا يقبل المساومة أو التفاوض".

وشدد الجارحي على ضرورة التفاعل مع الهاشتاج في ظل تفاقم الأزمة، موضحًا: "الدواء أمن قومي، الناس بتموت وتتعذب ومحدش معبرها، فيه أدوية مستوردة مش عارفين يدخلوها وفيه أدوية بتتصنع محلي وعاوزين يغلوها، وفيه مريض بيتمرمط ومحدش سائل فيه".

رجل التغريدات محمد البرادعي دخل على خط الهاشتاج، قائلاً: "الإعلان الدولي لحقوق الإنسان ينص على لكل شخص حق في مستوي معيشي يكفل له العناية الطبية"، فيما كتب الإعلامي شريف عامر: "لا يحتاج #الدواء_حق كلمات كثيرة".

وعلق الناشط تيتو طارق: "عندنا آلاف المعتقلين محتاجين العلاج وبيتم منع دخول الدواء ليهم #‏الدواء_حق"، بينما كتبت صاحبة حساب أم مصرية: "من لا يرحم لا يُرحم، #‏الدواء_حق لكل إنسان، #‏الحرية_حق لكل الشعوب، #‏الحرية_للمعتقلين.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
وغرد أحمد الجبالي: "#‏الدواء_حق لكل قاضي و ضابط في مصر اما المواطن فيا ريت يخلي باله من صحته اكتر من كده عشان مايعديش الضباط و القضاة"، لترد الناشطة سحر إبراهيم: "لو المواطن المصري حس بأي تعب أحسن له يروح يدور على تربه يدفن نفسه فيها، وميقرفناش عشان بصراحة كده الدولة مش فاضية، وبتحارب الإرهاب، وبصراحة أكتر معندهاش فلوس تعالجك، ميصحش كده .. ميصحش كده".

وكتبت صاحبة حساب راحة بال: "الدواء قضية مفيهاش اختيارات ولا انتماءات سياسية ولا تصنيفات اجتماعية.. مؤيد أو معارض.. غني أو فقير.. كلنا هنكتوي من نارها #‏الدواء_حق"، فيما علق شريف الشرقاوي: "أبسط حقوق الإنسان انه لما يتعب يلاقي دوا يتعالج بيه ، بس للاسف حتى الحق ده مش موجود في مصر".

ورصد النشطاء عددًا من الأدوية الناقصة، فكتب محمد علي: " أدوية الكبد والقلب المهمة ناقصة في السوق بشكل رهيب، والكلام ده نقلاً عن صيدلى بنتعامل معاه من زمان"، واستنكر محمد زكي تعامل الدولة الفاشلة مع الأزمة: "بنستورد ألعاب أطفال بحوالي نص مليار.. ومش عارفين نجيب مواد فعالة للأدوية؟".

الكاتب البارز أحمد خالد توفيق لخص مأساة نقص الدواء عبر مقال طويل رصد خلاله تفاعل الدولة العقيم مع المأساة وذكر عدد من الأدوية غير الموجودة بالكلية والتي يعاني هو نفسه من تبعاتها في ظل معاناته من مرض القلب، ليجسد الواقع المأساوي قائلاً: "هكذا  أدركت أن سياسة (كلب وراح) أو (بناقص واحد) التي تمارسها الدولة قد ظفرت بي أخيرًا، نحن كثيرون جدًا ومزعجون، وليت مصيبة تأخذنا، أو كما يقول صديقي: "احنا بقينا ضيف تقيل عليهم، والمفروض بأه نخلي عندنا دم ونسيب لهم البلد، ويا بخت من زار وخفف".