بقلم / محمد عبد الرحمن صادق

 

- أشعر بالقشعريرة التي في جسدك عندما قرأت العنوان .
- وأشعر بالقبضة التي في قلبك عندما قرأت هذا الكلام .
- وأشعر بالغصة والمرارة التي في حلقك .
- وأشعر بالغليان الذي في دمك .
- وأشعر وكأنك تريد أن تسبني أو تفتك بي لتعرف حقيقة ما أقصد .
- تمهل عزيزي فلست أنت بأكثر حباً للمصطفى صلى الله عليه وسلم مني .
- تمهل فأنا أكثر منك غِيرة على ( شُعيرة ) تُمس من المصطفى صلى الله عليه وسلم .

لقد شاهدنا وقرأنا وسمعنا عن ما حدث من ( زير اللاعدل ) أحمد الزند وعن مدى تطاوله وإساءته لمقام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقول هذا المأفون عندما سُئِل : " هتحبس صحفيين " ، فما كان من هذا المتغطرس إلا أن رد وبكل جرأة وعنترية وبجاحة قائلاً : " إن شاالله يكون النبي صلى الله عليه وسلم .. " مُتحدياً بذلك مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم . ولكي يزيد في الفضيحة وكشف سوأته قال في نهاية الحوار : ( أنا لا يستطيع أحد هز عرشي ) . هذه المقولة التي لم يفطن لها معظم المشاهدين لأن إساءته في حق النبي صلى الله عليه وسلم قد وقعت وقع الصاعقة على النفوس وحق لهم ذلك .

- هذا هو عرش الزند الذي يتباهى به :-

إن تاريخ أحمد الزند - الذي يبلغ من العمر سبعين عاماً - وعرشه الذي يتباهى به ما هو إلا مستنقع من الفساد الذي تعافه الفطرة السوية والنفس الأبية .

1- لقد عرف عنه التربح من أموال الدولة هو وعائلته عن طريق التزوير والاستيلاء على المال العام وأراضي الدولة .
2- ولقد عرف عنه استخدام السلطة لتصفية الخصومات السياسية والتحريض والتخلص من المنافسين .
3 - ولقد عرف عنه الفشل الوظيفي حيث تم فصله من العمل بالقضاء عندما سافر إلى الإمارات مما اضطره للعمل في أحد المساجد حفاظاً على ماء الوجه وعدم العودة إلى مصر قبل انقضاء مدة التعاقد .
4- ولقد عرف عنه الخلق السيئ من خلال ظهوره الاجتماعي مع الداعرات والراقصات مثلما حدث أن ظهر مع الداعرة ( غادة إبراهيم ) واستقدام الراقصة اللبنانية ( إليسار ) لتحيي حفل زواج نجله .

- والجعبة ما زال فيها الكثير والكثير وما ذكر ما هو إلا غيض من فيض وقطرات من مستنقع يزكم الأنوف يعيش هو فيه ولا يتخيل أن يتركه . قلتم فقلنا وإن عدتم عدنا وإن زدتم زدنا .

ردود الأفعال تجاه ما حدث : إن ما حدث من ( الزند ) ليس الأول من نوعه فلقد كانت هناك الإساءة الدنمركية والفرنسية وغيرهما ، وحينها كانت هناك مطالب شعبية وجماهيرية بـطرد سفراء هذه الدول ، والمطالبة باعتذار رئاسي رسمي ، ومطالب بمقاطعة المنتجات ، والتنفيس عن الغضب بخطب ومحاضرات ومؤتمرات هنا وهناك ، وكذلك اندلعت المظاهرات في مختلف دول العالم ، بالإضافة إلى حرق أعلام تلك الدول وحرق صور رؤسائها وصور من قاموا بالإساءة .
- أما الآن وقد جاءتنا الإساءة من الداخل فلقد اقتصرت ردود الأفعال على بعض التصريحات الصحفية والإعلامية وتنفيس الغضب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي فقط . أما من يتشدقون بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ويدَّعون أنهم يُطبقون سنته ويسيرون على هديه فلم يُحركوا ساكناً ولم يصدر عنهم ما يدل على غضبهم أو استنكارهم لهذا الأمر وكأن الله تعالى أبى إلا أن يفضحهم جميعاً ويعريهم على رؤوس الأشهاد .
- ألم تسجنوا النبي صلى الله عليه وسلم ؟ : إننا لا نرضى بما صرَّح به ( الزند ) جُملة وتفصيلاً ولا نرضى بمعشار ذلك ، ولكن هل ما قاله الزند بأنه سيسجن من أخطأ في حقه وحق عائلته حتى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذنب الوحيد الذي لا يُغتفر والخطيئة التي لا يجب تغافلها في حقه وحق زمرته ؟؟ لقد سُجن يوسف وأضرمت النار لإبراهيم وأوذي موسى وعيسى والأنبياء جميعاً عليهم من الله تعالى السلام ولقد تكفل الله تعالى بنصرهم والدفاع عنهم والانتقام بعدله سبحانه وتعالى ممن تعدى أو تطاول عليهم . ولكن لقد ارتكب الزند وزمرته الكثير من الذنوب بل من الكبائر مما يهتز لها عرش الرحمن من قتل أرواح واستباحة دماء وهتك أعراض وتبديد أموال وممتلكات ، ولزوال الدنيا عند الله تعالى أشد من أن تقترف هذه الذنوب أو بعضها . وهذا ليس خلطاً للأوراق أو تمييع للقضية بل استدعاء ما يبرر مضاعفة وتغليظ العقاب . فما قاله الزند ما هو إلا كمثل القشة التي قصمت ظهر البعير .

1- روى النسائي والبيهقي من حديث بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا " .
2- وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حُرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك ماله ودمه " ( اللفظ لابن ماجه ) .
3- وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعاً على وجوههم في النار " ( رواه الطبراني في الصغير ) .
4- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً أو يقتل مؤمناً متعمداً " ( رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد ) .
5- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ظلم شبرًا من الأرض طوّقه الله من سبع أرضين " .
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا".

- بعد استعراض النصوص السابقة يمكن أن نقول إن ما فعله ( الزند ) هو نتيجة طبيعية لممارسات فجة من انتهاكات صريحة وظلم بيِّن وفضائح يندى لها الجبين ، كما يمكنا أن نقول مَجازاً : -
- لسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من أنفس قد أزهقت بغير حق ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من مساجد أحرقت ودنست ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من فتيات تغتصبن وتعذبن ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من حرائر تعتقلن وتغيَّبن ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من دمعة طفل يتيم على فراق أبيه ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من لوعة وحرقة أم تنتزع ابنتها من بين أحضانها ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من مريض يتأوه في محبسه ولا مُجيب ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من امرأة ترملت في ريعان شبابها ، ولسجن النبي صلى الله عليه وسلم أهون عليه من تجويع سجين . - فيا من تريد أن تسجن النبي صلى الله عليه وسلم شلت يداك وقطع لسانك وإن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا سمعنا من يتطاول على النبي صلى الله عليه وسلم وسكتنا إيثاراً للسلامة أو خوفاً من ظالم لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة . فلقد ساق الله تعالى هذه العبارات على لسانه ليس كأمر عفوي ولكن ليفضح الله أمره . قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {118} " ( آل عمران 118 ) . قال : عثمان رضي الله عنه : " ما أسرَّ أحد سريرة إلا أظهرها الله - عز وجل - على صفحات وجهه وفلتات لسانه " .
فيا من تتحصن بعرشك ( كما تسميه أنت ) أمام البشر انتظر غيرة الله تعالى وانتقامه لنبيه صلى الله عليه وسلم وأبشرك بزوال هذا العرش عاجلاً غير آجل إن شاء الله تعالى .

وأخيراً أقول : إن هذا وأمثاله ما تطاولوا هكذا إلا لثقتهم بأنهم في مأمن من العقاب فمن أمن العقوبة أساء الأدب .
- لقد سمع هذا الزند وأمثاله من يقول أنه لا يُعقل أن يتحكم ( مليار ) من المسلمين في ( 6 مليارات ) من غيرهم .
- لقد سمع ورأى هذا الزند من يتطاولون على أئمة الأمة وعلمائها ورموزها ليلاً ونهاراً دون مُسائلة .
- لقد رأى هذا الزند وأمثاله أن دعاة التحرر والعري والفساد والإباحية هم من يتزعمون المشهد وتفتح لهم الفضائيات وتشيد لهم المنصات وأن رموز الأمة وعلمائها يغيبون في غيابات السجون .
- لقد رأى هذا الزند وأمثاله من يطالبون بتجديد الخطاب الديني ليوافق هواهم ويُجاري مُبتغاهم .
- لقد سمع هذا الزند وأمثاله من يدافع عنهم ويتوعد من يهاجمهم وذلك لمخالطته إياهم ومعرفته بهم .
** بعد هذا الاستعراض السريع للقضية أعتقد أنك قد تفهمت مقصدي من العنوان وأنني لست متعاطفاً معه أو مبرراً له هذا الجُرم وهذه الخطيئة ، فالزند هذا ما هو إلا واحد ضمن منظومة تعتنق نفس الأفكار والمبادئ والمعتقدات غير أن الله تعالى قد هتك ستره وعجل له العقوبة ( فكلهم زنود ) إلا من رحم ربي .
- اللهم انتقم لحرمة نبيك وقدسية مكانته وعِظم شأنه واجعل المتطاولين على قدره عِبرة لغيرهم إلى يوم الدين اللهم أرنا فيهم عجائب صنعك وعجائب قدرتك .

 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع