د/ محمد صبحي رضوان

لاشك أن ثورة 25 يناير من أعظم المشاهد في تاريخنا الحديث وسوف تُسطر أمجادها ومكتسباتها بأحرف من نور في سجلات التاريخ ليس المصري فحسب بل والعالمي أيضا .

وبعد مرور عام على ثورتنا العظيمة فإن من المعروف أن صحة السير تتطلب بعض الوقفات وذلك للتقويم وتصحيح المسار وعلاج الأخطاء وان كنا نقر جميعا بأن الثورة لم تحقق إلى الآن كامل أهدافها التي من اجلها قامت (عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية) إلا أن هناك أهدافا كبيرة قد تحققت بفضل الله وعلى رأسها سقوط الطاغية وقطع رأس أفعى النظام البائد فهذا في حد ذاته مكتسب عظيم خاصة إذا تخلينا أن ضربة الثورة خدشت الجسد ولم تقطع الرأس ,  وما تلا ذلك من حل لمجلسي الشعب والشورى والحزب الوطني الفاسد وجهاز امن النظام ( الدولة ) وإيداع رموز النظام البائد السجون ووضع خارطة أحسب أنها تلبى متطلبات الثورة فيما يتعلق بنقل هادئ للسلطة ثم ما تم من إجراء أنزه انتخابات في تاريخ مصر والتي أفرزت مجلس شعب يعبر بصدق عن اختيارات حقيقية وطموحه للشعب المصري وقضت على فلول النظام وأبعدتهم عن المشهد السياسي, ثم إلغاء قانون الطوارئ الذي جثم على صدورنا ثلاثون عاما .

وفى وقفة صادقة مع النفس أرى أن شباب الثورة وبعض قطاعات من الشعب المصري قد وقعت في الأخطاء التالية :

1- الإلحاح في أعقاب الثورة على تأخير الانتخابات لسنة والبعض طالب بسنتين أو أكثر وهذا من وجهة نظري من أكبر الأخطاء لأن الانتخابات لو تمت في الموعد الذي حدده المجلس العسكري من بداية الإعلان الدستوري لحصل شباب الثورة على عدد كبير جدا من المقاعد لأن دورهم وتأثيرهم في الثورة كان حاضرا بقوة ومؤثرا على عموم الناس ومع طول الوقت وامتداد الزمن  ضعف هذا التأثير وبدأ رصيدهم في التآكل  فلا طول المدة زاد من قوتهم ولا أضعف من قوة غيرهم , وأيضا كان سيؤدى ذلك إلى قصر المدة الانتقالية.
2- الإفراط في تبعات (التثور) من تكرار للمليونيات وزيادة للوقفات ومبالغة في الاعتصامات مما فرغ هذه التجمعات من مضمونها وأحدث قلق لدى قطاع عريض من الناس.
3- المحاولات الحثيثة والمتكررة لاعتبار الشباب (هم الثورة والثورة هم )  في حين أنها ثورة قام بها الشعب كله وكانت بعين الله وتحت رعايته عز وجل.
4- السماح باختلاط الحابل بالنابل فرأينا غير الثوار يندسون بينهم ويرتكبون أعمالا خصمت كثيرا من رصيد الثوار ومع الوقت شوهت صورة الثورة الناصعة النقية .
5- التقليل من شأن الانتخابات وعدم أخذها بالجدية المطلوبة مما جعلهم يدعون بأن المجلس الحالي غير معبر عنهم وهذا أيضا خلط كبير لأن الذي أدلى بصوته قارب من الثلاثين مليونا من كافة فئات الشعب المصري , ولأن هذا المجلس به تعدد حزبي لم يحدث في تاريخ مصر وتم بنزاهة وشفافية شهد به القاصي والداني.
6- عدم الوقوف مع الحكومة  أو التعاون معها في تحقيق الأمن ولقمة العيش ولو بالدفع المعنوي.
7- عدم النزول للشارع والاختلاط بشرائح الشعب المختلفة والتعرف على مشاكل الناس ومعرفة رأي الناس العاديين ورؤيتهم للوضع ثم اتخاذ خطوات تصحيحية بناءا على ذلك.
8- النقطة السابقة أوحت للناس بأن شباب الثورة يعتبر كل من يعارضهم أو يصحح لهم هو بمثابة عدو لهم.
9- وهي نفسها أيضا التي وسعت الفجوة بينهم وبين المجلس العسكري.
10- ( التيارات الإسلامية – عموم الشعب – المجلس العسكري ) ثالوث لم يحسن شباب الثورة التعامل معه بحنكة وذكاء وكان من الممكن أن يعزف هذا الثالوث مع الشباب أجمل الألحان للوصول بالثورة إلى تحقيق ما تريد في أقصر وقت وأقل جهد .

إذا كان هذا هو ما حدث فان الأمل ليس ببعيد والوقت جزء من العلاج لو صدقت النوايا وارتفعت الهمم ومازال الحل ممكنا وبسرعة لو تداركنا النقاط السابقة وأحسنا علاجها والتعامل معها خاصة مع انجاز أول مؤسسات الثورة الرسمية وهو مجلس الشعب.
______________

[email protected]