هدفت هذه الدراسة التي أعدّها الباحثان: الدكتور علي بن محمد الربابعة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة القصيم، والدكتورة زينب زكريا معابدة - كلية الشريعة، الجامعة الأردنية، إلى التعرف على دور الأم في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها، والتقدم بجملة من التوصيات ذات العلاقة في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها من منظور التربية الإسلامية وتمتين العلاقة بين أفرادها في ضوء نتائج البحث.

وقد أظهرت الدراسة أن الأم تعد محور التربية الأسرية، والعنصر الأكثر أثرًا وفاعلية في مرحلة الطفولة، والأكثر أهمية في بناء الأسرة، ومن هنا كانت مسألة اختيار الزوجة من أكثر المسائل أهمية في العملية التربوية للأبناء؛ باعتبار أن اختيار الزوجة يهدف إلى انتقاء أُمًّا تنشئ جيلا وتعد أمة، فلقد امتازت الأم الصالحة بعنايتها بكافة الجوانب التربوية والعقلية لشخصية أبنائها، وأعدت لهم إعدادا جيدا، وغرست من خلاله في نفوس أبنائها العلم والقيم.

الأسس التي تتبعها الأم لتنمية البنية العقلية لدى أبنائها

الأم هي الألصق والأقرب لأبنائها وهي المزود بأسس التعليم والتدريب للأبناء منذ الولادة حتى يكبروا، وليكون التعليم صحيحًا لابد من أسس تتبعها الأم لتنمية البنية العقلية لدى أبنائها في الأسرة وهي كالآتي:

- تزويد العقل بالعلم الموثوق والمعرفة الصحيحة: كتاب الله والصحيح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

- حث العقل على التفكير والتدبر: لا بد من تنمية العقل وشحذه بالتفكير والتفكر، والنظر فيما تقع عليه الحواس، والإسلام يحرص كثيرا على البحث والتدبر؛ لأنه يربي العقل وينميه ويشحذه ويقويه.

- دعوة العقل إلى ترك ما يتوصل إليه بالظن والتخمين، وذلك بتعويد العقل النظر في الأدلة والبراهين واعتماد ما يتوصل إليه بهذه الأدلة والبراهين؛ لأن ذلك معناه الاهتداء إلى الحق ومعرفة الحقيقة، وهنا يأتي دور الأم في عدم قهر أبنائها وإجبارهم على معرفة علم أو معرفة مسلمة دون دليل وبرهان.

- توظيف عادات العقل، وهى: «نزعة الفرد إلى التصرف بطريقة ذكية عند مواجهة مشكلة ما، وعندما تكون الإجابة أو الحل غير متوفر في أبنيته المعرفية، إذ قد تكون المشكلة على هيئة موقف محير، أو لغز، أو موقف غامض، إن عادات العقل تشير ضمنا إلى توظيف السلوك الذكي عندما لا يعرف الفرد الإجابة أو الحل المناسب».

أهمية عادات العقل في تربية الأبناء

يعد تعلم وتعليم عادات العقل ذو فوائد جمة يمكن بيانها في التالي:

- الشمولية: تعني النظر إلى الأمور بعدة مناظير، ومن عدة زوايا، بمعنى ألا تنظر للأمر من منظور المصلحة الخاصة، بل لابد من النظر إلى مصالح الآخرين وطبيعة تكوينهم، وإلى طبيعة البيئة، وطبيعة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

- تدعم التفكير النقدي: عادات العقل هي سلوك فكري يدعم التفكير النقدي الذي يفيد الأبناء والمجتمع في الوصول إلى الإبداع واكتشاف ما وراء الواقع.

- تنشط العقل: هو النشاط والعمل والإخلاص والمشاركة، مما يجعل العقل فعالا، وبعيدا عن الخمول.
  
- تقوي الروابط الاجتماعية: فهي تنقل العقل إلى حالة النشاط والتساؤل، مما يدفعه إلى المشاركة في الأعمال الاجتماعية والخيرية، وتشحن العقل بروح نقدية فاعلة في ميدان العمل والإنتاج والإبداع.
  
- الحيوية والاستمتاع: تبقي العقل يعمل، وتبعده عنه الملل، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، مما يقوي القيم والأخلاق عند الأبناء، وتشعره بالإنتاجية والفاعلية، مما يقوي لديه الشعور بالحيوية والاستمتاع.

- الاقتصاد المعرفي: مفهوم الاقتصاد يعني تقوية النواحي التجارية والزراعية والسياحية والصناعية والمعدنية والرعي، ويمكن إضافة المعرفة والثقافة، إذ تحول عادات العقل لدى الأبناء إلى أسرة منتجة وفعالة، كونها تغير بعض المفاهيم الخاطئة، وتقوي مفاهيم التطور والنماء.

إعداد الأم لهذه المهمة

- العناية بإعداد الفتاة المسلمة، وتوعيتها بأهمية دورها التربوي وذلك من خلال الأسرة والمؤسسات التربوية والإعلامية.

- قيام الأم المسلمة بواجباتها بأمانة وإخلاص، وعدم إناطة مسؤولية تربية الأبناء بالمربيات والخادمات.

- تدريب الأمهات على الأساليب التربوية الحديثة المناسبة لغرس القيم العقدية والسلوكية لدى الأبناء.

- تدريب الأمهات على عادات العقل لمعالجة كافة أنشطة التعلم كخطوة نحو التعلم المستقل والمستمر على مدى حياة الأبناء.

- إعداد برامج إعلامية ورسائل وألعاب تربوية هادفة تقدم عبر وسائل الإعلام المتمثلة في التلفاز والجوال والمواقع الإلكترونية والفيس بوك والتويتر واليوتيوب وإنستغرام والوات ساب وغيرها من وسائل الاتصال والإعلام المستجدة.