كشفت تقارير إعلامية عن حالة من الاستياء تسود في أروقة بعض أجهزة الديكتاتور عبدالفتاح السيسي السيادية ومنها الجيش والمخابرات العامة، رفضا للطريقة التي تبناها النظام مع الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 20 سبتمبر 2020م وهتفت برحيل السيسي من الحكم.

ونقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر وصفتها بالخاصة أن بعض تحركات المؤسسة العسكرية لتحسين صورتها شعبيًا، والتي فضلت المصادر عدم توضيحها، أثارت استياء أطراف داخل دائرة السيسي المقربة. ونوّهت إلى أن وزير الدفاع محمد زكي أبدى تحفظات على السياسات الأمنية الداخلية، وإطلاق يد جهاز الأمن الوطني، التي من شأنها إعادة تدوير الغضب في الشارع وتأجيجه، والذي من شأنها تسخين الساحة الداخلية.

وتتفق مواقف قيادات بارزة بجهاز المخابرات العامة مع موقف زكي، وأبدت رفضا للتعامل مع حالة الغضب التي تسيطر على الشارع المصري من جراء القرارات الأخيرة، والتي كان في مقدمتها غرامات التصالح في مخالفات البناء. وأكدت أنه كانت هناك تحذيرات مسبقة لصناع القرار عبر تقارير سيادية عدة، من المضي قدمًا في تفعيل القانون، في ظل قرارات سبقته بزيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق، والمواصلات العامة، ورسوم استخراج الأوراق الرسمية، ومصروفات المدارس الحكومية.

توتر بين السيسي وزكي

وبحسب التقرير فإن هناك حالة من "الفتور" في العلاقة بين السيسي ووزير دفاعه محمد زكي، ربما تصل إلى حد الخلاف بين الرجلين؛ لأسباب عديدة.

أولا، تزعم هذه المصادر أن زكي يتمسك بعدم الزجّ بالجيش في أي خلافات داخلية منذ فترة طويلة، ويصرّ أيضًا على سحب عناصر الجيش بشكل كامل من الشارع، منذ فترة، وتفريغه لمهامه المعني بها في المقام الأول، والخاص بتأمين حدود البلاد، والمهام العسكرية. واعتبر أن ذلك هو مطلب قيادات الجيش بالأساس، التي تخالف رغبة السيسي الحريص دائما على الاحتماء بالجيش والزج به في الصراع السياسي.

ثانيا، واجه السيسي هذه المواقف من جانب زكي بتويجيه تعليمات "بتخفيض" حجم الظهور الإعلامي لوزير دفاعه، فقلّل ذلك التفاعل مع مناورة "مشروع حرب" نفّذها الجيش، في نهاية أغسطس 2020م، بمشاركة وزير الدفاع، وحضور عدد من الإعلاميين. ولم تحظَ المناورة بتغطية إعلامية مباشرة على الرغم من حضور الوزير. "تخفيض" الظهور الإعلامي للوزير، كان ضمن مجموعة تعليمات أخرى تضمنت مشاركة رئيس الأركان محمد فريد حجازي، وحده في المناورات إلى جانب قادة الأفرع من دون مشاركة من جانب الوزير. وبحسب المصادر، فإن الوزير من جانبه، لا يكترث بمثل هذه التعليمات ولا تشغله، وأن كل ما يهمه فقط هو تنفيذ خطته الرامية إلى النأي بالمؤسسة العسكرية بعيدًا عن مناطق النزاع أو الصدام مع الشعب.

ثالثا، يتمسك وزير الدفاع بمواقفه بالكف عن المزيد من توريط الجيش لأنه بات على يقين كامل بأن أي وزير دفاع بعد 30 يونيو (2013) لن يستمر في موقعه كثيرًا، كما كان في السابق، على غرار المشير محمد حسين طنطاوي، الذي استمر في منصبه خلال عهد المخلوع حسني مبارك. لذلك كل ما يهمه فقط هو الحفاظ على الجيش".

رابعا، الفترة الأخيرة شهدت عدم التجديد لعدد من قادة الصفين الأول والثاني في المؤسسة العسكرية ممن كانوا يحسبون على الوزير، وإحالتهم للتقاعد، وعدم الموافقة على توصيات بالتجديد لبعضهم، بهدف تفريغ المؤسسة العسكرية من الشخصيات الرافضة لتوجه السيسي والداعمة أيضًا لتوجيهات الوزير. وهو ما برز في 13 سبتمبر 2020، مع إقامة وزارة الدفاع حفلًا لتكريم عدد من القادة العسكريين المحالين للتقاعد، فقلّدهم زكي وسام الجمهورية من الطبقة الثانية، الذي صادق على منحه لهم رئيس الدولة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وينتهي التقرير إلى التأكيد على تزايد مستويات القلق داخل الدائرة الصغيرة المحيطة برئيس الانقلاب من التوجهات الصدامية للسيسي مع عدد من القيادات المؤثرة التي باتت علاقاتها بالسيسي مشوبة بالتوتر أو الفتور، مثل شيخ الأزهر أحمد الطيب، وأخيرًا وزير الدفاع. لأسباب تعود إلى تمسك كل منهما بالحفاظ على المؤسسة التي يرأسها. لكنها في ذات الوقت تؤكد أن العلاقة بين السيسي وزكي لم تصل حد الصدام بالطبع لكنها لم تعد بذات القدر من الثقة المتبادلة التي كانت بين الرجلين من قبل.