عز الدين الكومي

مثل شعبى مصرى، يعرفه ويردده بسطاء المصريين، "عض قلبي ولا تعض رغيفي.. إن قلبي على الرغيف ضعيف".
ببساطة شديدة يعنى هذا المثل، افعل بى ما تشاء، ولكن إياك ثم إياك أن تقترب من قوتى، أو تهددنى فيه أو تحاربنى في رزقى، بل عض قلبى على ما فيه من الألم، ولكن لا تقترب من رغيفى.

ولكن للأسف حكومة الانقلاب أخذت الجانب السيئ لهذا المثل، بأن المواطن المصرى يمكن أن يتحمل ويسامح في كل شيء إلا رغيفه، فهو بالنسبة له الخط الأحمر الوحيد في حياته، الذي لم ولن يتسامح أو يتساهل إذا اقترب منه أحد كائناً من كان.

قائد الانقلاب، لعب على هذا الوتر، وظل يدغدع عواطف المواطنين بأن رغيف الخبز خط أحمر، فاستغل النظام، هذا الخط الأحمر الوهمى، واقترف كل الجرائم بحق المواطن، فطرح تعديلات دستورية، تجعل الطاغية يحكم مدى الحياة، وزور إرادة الشعب في الانتخابات، وأصبح الفساد يزكم الأنوف- الفساد للركب كما قال أحد أكابر مجرميها من قبل، طالما أنه لم يعض الرغيف!!

واعتماداً على هذا الخط الأحمر الوهمى، الذى رسمه قائد الانقلاب، كما رسم خطاً أحمر لسرت والجفرة، رفع أسعار المحروقات، والكهرباء، في ظل سياسة اقتصادية فاشلة، تنفيذا لوصفة صندوق النقد الدولى، دون النظر إلى المواطن المنهك.

فلم يتبق أمام حكومة الانقلاب الفاشلة إلا عض رغيف المواطن، المغلوب على أمره، بعد أن عضت قلبه وسرقت أحلامه في العيش والحرية والكرامة الإنسانية.

قفز الرغيف فوق الخط الأحمر، كما قفز البنزين.. والكهرباء وغالبية السلع الضرورية، ولم يبق إلا القفز فوق خطوط الطول والعرض وخط الاستواء، لأن نار الأسعار جعلت المواطن يستوى.

وفي واحدة من أحدث إبداعات على مصيلحى. قررت وزارة تموين الانقلاب، تقليل وزن رغيف الخبز، من 120جراما، إلى 90 جراما. والأنكى من كارثة تقليل وزن الرغيف، أن وزارة تموين الانقلاب، تقول: إن تقليل وزن الرغيف يصب في مصلحة المواطن، كيف وأين هذه المصلحة التى سيصب فيها، نقص وزن الرغيف؟!

ربما تكون المصلحة، التى تعنيها الوزارة، أن هذا التصرف الأخرق، سيؤدى على المدى المنظور، أو المتوسط إلى ثورة جياع، وهى أعتى أنواع الثورات. فإلى متى الاستخفاف بالعقول؟

ومع وصلة من وصلات التمثيل الهابط، خرج بوق الانقلاب، مخبر أمن الدولة "أحمد موسى" ليعبر عن غضبه، لتقليل وزن الرغيف، وأن الإعلام يهتم بقضايا المواطن، البوق الانقلابى، بناء على توجيهات النقيبب أشرف الخولى، خرج فأرغى وأزبد، وانتقد القرار، واستدعى رئيس شعبة المخابز، الذى زعم أنه تفاجأ بالقرار، مثله مثل بقية الشعب، فقال له البوق الانقلابى "انتو ازاي تعملوا كدة في الشعب وتصغّروا رغيف العيش في شعبة المخابز؟

وقد عبر أحد المصرين عن تقليل وزن الرغيف فقال:

لـمـا شــفـتـه افــتـكــرتـه  —  مـن غـبـاوتي اسـبـريـنـه

رحــت بـلـعـه قــام لـزق  —   في سقف حـلقي بالعجينه

قــلـت إيـه ده ؟ قـالـوا ده  —   اسمه الرغيف ابن اللذينا

قـلـت هـوه ده الـرغــيـف  —   اللي أمه كانت يوم تخينه

والـلـي أبـوه لـمـا تـاكــلـه  —   تلاقي طـعـمـه فخـفخـيـنا

النظام الانقلابي الفاشل، يشن حرباً ضروساً على الفقراء، ويوجه القرارات الاقتصادية والاجتماعية لشريحة الفقراء، الذين تحت خط الفقر وفوق خط الفقر وخط المترو.

 السؤال هنا، ما ذنب هؤلاء الفقراء يدفعون ضريبة الفساد وعبث المفسدين و يتحملون بمفردهم فشل النظام الاقتصادى والاجتماعى؟!!

وكأن المصريين حينما قاموا بثورة يناير 2011، وكان العيش أحد المطالب الرئيسة، ضمن شعار الثورة الأبرز "عيش حرية عدالة اجتماعية"، تحول إلى: لا عيش ولا حرية ولاعدالة اجتماعية.

وقد برر نظام الانقلاب قراره المجحف، على لسان أحد جنرلات وزارة التموين المعسكرة الجنرال عبد النعيم حامد وكيل أول وزارة التموين، الذى قال: "إن خفض وزن الرغيف تم من أجل زيادة التنافسية بين المخابز، مؤكدا أنه سيخدم المواطن لأنه سيقدم له رغيف خبز عالي الجودة".

والمعتاد أن وزن الرغيف الفعلي، أقل من المقرر رسميا، وهو ما يعني أن الرغيف الذي قللت الوزارة وزنه إلى 90 جراما لا يزيد وزنه فعلياً عن 70جراماً.

ويبدو أن لعنة الخطوط الحمراء، وصلت برلمان العسكر، فقد أكد وكيل لجنة الخطة والموازنة ببرلمان عبدالعال، "ياسر عمر"، في تصريحات سابقة، أنه "لا مجال للمساس بدعم رغيف الخبر أو رفع سعره، رغيف العيش خط أحمر، ومهما زادت الضغوط لا مجال للمساس به".

في السابق، كان مفتشو التموين يعاقبون، أصحاب المخابز، التى تقلل وزن الرغيف، ويبيعونه بسعر الرغيف كامل الوزن!