• ربيع بنجلاديش الآسيوي يتشابه مع الربيع العربي وكلاهما واجهه الطغاة بالمجازر
  • الحملة القمعية في بنغلاديش استهدفت الجماعات الإسلامية تمامًا كما حدث في مصر
  • نظام التوظيف فجّر الغضب الكامن لدى الشعب البنغالي بعد عقود من المظالم

 

إعداد وترجمة- إنسان للإعلام:

بالتزامن مع دخول ثورة الطلاب في بنغلاديش أسبوعها الثالث وارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 187 طالبا، وبعض أفراد الشرطة، وجرح الآلاف واعتقال نحو 2500 متظاهر، وفرض حظر التجول وانتشار الجيش، رصد تقرير نشرته مجلة "مسلم ماترز"، أو "Muslim matters" 17 يوليو 2024، "تأثير الربيع العربي على بنغلاديش".

اعتبر التقرير أن الربيع "امتد من القاهرة إلى البنغال في دكا"، وربط بين دور الجماعة الإسلامية في بنغلاديش التي أعدمت الدكتاتورة "حسينة واجد" خمسة من قادتها شنقا، له علاقة بتغلغل فكر جماعة الإخوان المسلمين في بنغلاديش وتشابه ثورتي مصر وبنغلاديش.

وبدأت الانتفاضة من جانب طلاب وخريجي بنجلاديش؛ احتجاجا على نظام توظيف قديم يُخصص حصة كبيرة من الوظائف العامة لأقارب "أبطال الحرب"، أي أبناء الضباط والمحظوظين من أعضاء الحزب الحاكم؛ بدعوى أن أباءهم قاتلوا من أجل استقلال البلاد عن باكستان في عام 1971، وبموجبه كان يتم تعيين آلاف المقربين من الحزب الحاكم وتجاهل ذوي الكفاءات.

وعزز هذه الانتفاضة الغضب الكامن من إعدام النظام لعدد من علماء المسلمين من قادة الجماعة الإسلامية الذين رفضوا فصل بنجلاديش عن باكستان، عقب تفتيت شبه القارة الهندية عام 1971، لأنهم اعتبروا هذا تفتيت للوحدة الإسلامية للبلدين ومؤامرة هندية عالمية، وإعدام عدة علماء.

ولكن مع استمرار القتل وإطلاق الرصاص على الشعب بدأت المظاهرات تتحول لثورة ربيع آسيوي وتطالب بإسقاط نظام "الشيخة حسينة" ورحيلها عن كرسي الحكم الذي تجلس عليه منذ 20 عاما، لا إلغاء نظام التوظيف الفاسد فقط، وتحولت الاحتجاجات إلى تعبير أوسع عن السخط على الحكم الاستبدادي لحسينة، وضد الطبيعة القمعية للدولة.

ربيع متشابه

تحليل مجلة "مسلم ماترز" "Muslim matters"، سعي لاستكشاف "تأثير الربيع العربي على بنجلاديش" مؤكدا أن تشابه ربيع بنجلاديش مع الربيع العربي بسبب موجة القمع السياسي التي لا هوادة فيها.

أوضح أن الأنظمة القمعية العربية وفي بنجلاديش كان هدفها إسكات الحركات الإسلامية المعتدلة والقادة الذين سعوا إلى إحداث التغيير.

المجلة التي تهتم بشئون العالم الإسلامي خاصة في آسيا، أوضحت أن "الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنغلاديش الحالية وابنة الزعيم المؤسس لبنغلاديش، تخوفت من الثورات في العالم العربي، لذا بادرت بشن حملة قمعية لمنع الثورة في بلادها".

أوضحت أن الحملة القمعية في بنغلاديش استهدفت في المقام الأول الجماعات الإسلامية، تماما كما حدث في مصر.

أكدت أنه "كان يُنظر إلى أي شيء إسلامي" على أنه تهديد لحكم حسينة، خاصة أن فكر علماء الجماعة الإسلامية في البنغال هو فكر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وفق "مسلم ماترز".

وقامت "حسينة" بتشكيل محاكمة قمعية (المحكمة الدولية لجرائم بنغلاديش) بحجة محاكمة مجرمي الحرب في بلادها لذين عارضوا استقلالها عام 1971.

وكانت تستهدف علماء الجماعة الإسلامية وبدأت في إعدامهم منذ عام 2013، بالتزامن مع انقلاب مصر على الربيع العربي، واعتقال الرئيس محمد مرسي وقتله لاحقا خلال محاكمته.

"مسلم ماترز" أوضحت أن الربيع العربي في عام 2011 بمثابة لحظة محورية هزت أسس المنطقة العربية وشمال أفريقيا.

وكانت الثورة المصرية، على وجه الخصوص، حدثاً زلزالياً شكل نقطة تحول في المشهد السياسي في المنطقة، حيث أدت الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك إلى موجة من الربيع العربي امتدت حتى المغرب العربي.

أكدت أن حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928، كان مؤثرًا رئيسيًا على التطور الفكري لأبي الأعلى المودودي، مؤسس الجماعة الإسلامية.

واستلهم المودودي أفكار البنا حول دمج الإسلام في جميع جوانب المجتمع والحاجة إلى إحياء إسلامي.

أيضا تشتهر المنظمتان (الإخوان والجماعة الإسلامية) بتقديم الخدمات الاجتماعية مثل العيادات المجانية والمكتبات والمدارس كوسيلة للرفاهية الاجتماعية.

وأصبح هذا النموذج شائعًا بين العلماء والقادة السياسيين في دول أخرى مثل فلسطين والمملكة العربية السعودية وتركيا.

الإرث الاستعماري

ويقارن تقرير مجلة "مسلم ماترز" بين صعود النشاط الإسلامي السياسي، في جنوب آسيا والشرق الأوسط سويا بالإرث الاستعماري مؤكدا تشابه السياق التاريخي لكلا المنطقتين خلال سنوات الاستعمار في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وتشابه الحركات الإسلامية، ففي مصر كانت جماعة الاخوان المسلمين تكافح الاستعمار ثم الأنظمة القمعية التي تركها الاستعمار، وفعلت الجماعة الإسلامية في بنجلاديش الشيء ذاته، وهي موحدة في الهند ضد الاستعمار البريطاني ثم وهي منقسمة بين الهند وباكستان ثم بعد انفصال بنجلاديش عن باكستان.

وفي جنوب آسيا، واجهت منظمات مثل الجماعة الإسلامية القمع المنهجي والسجن السياسي حتى وقت متأخر من العصر الحديث كوسيلة لتحييد نفوذها.

وعلى نحو مماثل في مصر، أدى سقوط الإمبراطورية العثمانية والاستعمار البريطاني اللاحق إلى تشكيل أحزاب سياسية سعت إلى طرد الوجود الأجنبي.

وواجهت جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة المعارضة الأكثر شهرة في مصر المعاصرة، القمع والسجن السياسي طوال وجودها.

ورغم هذه الجهود، ظلت المنظمتان صامدتين وتواصلان النضال من أجل مجتمع أكثر تمثيلا واستقلالية.

وتوضح المجلة أن الجماعة الإسلامية لعبت دورًا حاسمًا في توحيد العلاقة بين شرق باكستان (بنجلاديش) وغرب باكستان (باكستان الحالية)، ورفضت انفصال بنجلاديش باعتباره هدم للوحدة الإسلامية.

أكدت أنه بعد أن نالت بنجلاديش استقلالها في عام 1971، استهدفت الحكومة حزب "الجماعة الإسلامية" باعتباره خصماً سياسياً، تماماً كما استهدفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين.

وبينما اعتقلت بنجلاديش قادة الجماعة الإسلامية وحظرت الحزب، تم على نفس النحو في مصر في الخمسينيات، اضطهاد جماعة الإخوان المسلمين، فحين تولى جمال عبد الناصر رئاسة وزراء مصر، قبل أن يصبح رئيسا، ارتبط بعلاقة ودية مع جماعة الإخوان المسلمين، ولكن مع مرور الوقت، اعتبرهم تهديداً لحكمه الاستبدادي وحظر جميع الأحزاب السياسية، وقمع الأفراد الذين اعتبرهم منشقين سياسيين.

ويشير التقرير إلى أنه رغم ذلك خرج الاخوان المسلمين من تحت يد القمع والبطش وازدادوا إصرارا على تحرير بلادهم من الظلم وشاركوا في ثورة يناير 2011 وموجة الربيع العربي، "وهي سلسلة من الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية التي دعمتها جماعة الإخوان المسلمين، وكانت لها عواقب بعيدة المدى".

وأوضحت المجلة أن الثورة جاءت بالرئيس محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، رئيساً في عام 2012، لكن كانت فترة ولايته قصيرة الأجل حيث تمت إقالته من منصبه من خلال انقلاب عسكري مدعوم من الغرب في عام 2013.

قالت: إن النظام قام بمجازر أشهرها رابعة العدوية ضد جماعة الاخوان المسلمين والمعارضين وسعى لتلفيق التهم الكاذبة لهم.

تابعت المجلة: وصف أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الملتزمين، الذي ألقي القبض عليه في عام 2013 بعد مذبحة رابعة التي قتل فيها أكثر من ألف شخص على يد قوات الأمن المصرية، كيف استهدفته قوات الأمن بتهم كاذبة.

وأوضح أنه اتهم بالتعامل مع المتفجرات أثناء الاحتجاجات دون تقديم أي دليل له، فكان رد فعله رداً ساخراً، "هل تعتقدون أنني لو كنت أتعامل مع المتفجرات لكان أي منكم هنا اليوم؟".

استراتيجية القمع

وتشير المجلة إلى تشابه الوضع في بنجلاديش مع مصر، فعلى بعد 6000 كيلومتر، بدأت الشيخة حسينة واجد، رئيسة وزراء بنغلاديش الحالية وابنة الزعيم المؤسس لبنغلاديش مجيب الرحمن، في ملاحظة الثورات في العالم العربي وبادرت بشن حملة قمعية لمنع التمرد في أراضيها.

واستهدفت الحملة في المقام الأول الجماعات الإسلامية، تمامًا كما حدث في مصر، حيث كان يُنظر أيضا إلى "أي شيء إسلامي" في بنجلاديش على أنه تهديد لحكم حسينة، لذا بدأت سياسات الاعدامات لقادة الجماعة الإسلامية.

وأفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بوقوع حوادث مماثلة حيث استخدمت السلطات الحكومية "الاعتقالات التعسفية والاحتجازات والاختفاء القسري" ضد أنصار أحزاب المعارضة، بما في ذلك أعضاء الجماعة الإسلامية.

وقد تعرضت "مذبحة بنادق بنغلاديش"، التي قُتل خلالها 74 شخصاً، لانتقادات واسعة النطاق باعتبارها ذات دوافع سياسية، حيث كان العديد من الضحايا من أنصار الجماعة الإسلامية وجناحها الطلابي.

بالإضافة إلى ذلك، تم استهداف الصحفيين الذين قدموا تقارير انتقادية عن تصرفات الحكومة، وتم اعتقال أو إخفاء بعضهم.

وتوضح مجلة "مسلم ماترز" إن هذه القصص التي يرويها بعض الناشطين المعارضين في كلا البلدين "تقدم لنا نظرة ثاقبة إلى التكتيكات العسكرية الوحشية التي تستخدمها الأنظمة، ... وهي مظهر من مظاهر التأثير الدائم للإمبريالية الغربية على هذه الهيئات الحاكمة من خلال نقل سلوك العنف والقمع المكتسب من الحكم الاستعماري".

ففي مصر والهند اللتين كانتا تحت الاحتلال البريطاني، كان أولئك الذين ثاروا ضد الحكم الاستعماري يتعرضون في كثير من الأحيان لمعاملة وحشية في السجون.

وشمل ذلك استخدام التعذيب والحبس الانفرادي والعمل القسري والإيذاء البدني والتجويع، وبعد أكثر من قرن من الزمان، استخدمت حكومتا البلدين تكتيكات مماثلة في عام 2013، ولم يتم محاسبتها.

وحتى يومنا هذا، لا تزال العديد من الأنظمة الاستبدادية تستهدف الجماعات والأفراد الديمقراطيين الذين يعارضون حكمها، وذلك بسبب الدعم الواسع النطاق الذي تحظى به وقدرتها على إنشاء نظام بديل للحكم.

وتؤكد المجلة أن "مستوى الوحشية والقمع كان مرتفعا للغاية منذ الربيع العربي. وبالتالي، فإن القمع غير المتناسب للأحزاب المعتدلة والديمقراطية من قبل الأنظمة العسكرية يشكل تهديدا لاستقرار وأمن هذه الدول ولن يؤدي إلا إلى تأجيج التطرف في الأمد البعيد".

قالت إنه "من خلال استهداف الجماعات المعتدلة، تخاطر هذه الأنظمة بدفع المواطنين نحو منظمات أكثر عنفاً وتطرفاً، وفي نهاية المطاف تقويض آفاق السلام والاستقرار في المنطقة".

إعدامات بنغلاديش

خلال حرب تحرير بنجلاديش عام 1971، عارضت الجماعة الإسلامية في شرق باكستان (بنغلاديش الحالية) الاستقلال على أساس الوحدة الإسلامية والخوف من الحرب العنيفة، محذرين من دعم الهند وتمويلها الكامل للانفصال.

وبسبب ذلك تعرضت الجماعة الإسلامية لحملة قمع سياسية لا هوادة فيها غذتها اتهامات لا أساس لها من الصحة من قبل هندوتفا الهند بارتكاب جرائم حرب خلال "حرب التحرير".

وبعد أن نالت بنغلاديش استقلالها عام 1971، استهدفت الحكومة، الجماعة الإسلامية باعتبارها خصماً سياسياً، تماماً كما استهدفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين.

ومنذ ذلك الحين والمحاكمات الجائرة تجري لقادة الجماعة الإسلامية بحجة أنهم ارتكبوا جرائم حرب منذ عشرات السنين في حرب الاستقلال عام 1971، وتم نصب المشانق لهم.

وقد بدأت رئيسة وزراء بنغلاديش حسينة واجد تصفياتها السياسية ضد الجماعة الإسلامية عام 2013، خشية ثقلها الجماهيري بالتزامن مع الثورة المضادة في العالم العربي ضد جماعة الاخوان المسلمين والمعارضين للفساد والعسكرة.

في البداية أخر النظام القمعي محاكمة واعدام العلماء خشية رد الفعل الشعبي، لكن مع تصاعد نشاطهم ضد قمع السلطة للشعب، بدأت السلطات منذ عام 2013 في تنفيذ أحكام الاعدام التي طالت حتى الآن خمسة من كبار علماء الجماعة الإسلامية، واثنين توفيا داخل السجن قبل الحكم باعدامهم.

وكان من أبرز الشخصيات التي اعتقلت وأعدمت أو توفيت داخل السجن:

- "عبد القادر ملا" الذي كان أول قيادي من حزب الجماعة الإسلامية يتم إعدامه في ديسمبر 2013 على خلفية اتهامات بالتورط في جرائم قتل إبان حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.

وقد حكم على الملا في البداية بالمؤبد، لكن الحكم لم يرض النظام القائم فقام بتعديل القانون بما يسمح للنظام بالطعن في الأحكام النهائية للمحكمة، وتم الحكم عليه بالإعدام، كما تم منع جنازته وقتل بعض من شاركوا في تشييعه.

وندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإعدام ملا، وحمّل حكومة بنغلاديش المسؤولية عما يتعرض له المسلمون من ظلم واضطهاد، وخاصة العلماء والدعاة.

وكان القيادي الثاني الذي تم اعدامه في نوفمبر 2015 هو "علي إحسان محمد مجاهد"، الذي ترأس منصب الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية، وسبق أن شغل منصب وزير في الحكومة الائتلافية بين حزبي الجماعة الإسلامية وحزب بنغلاديش القومي بين 2001 و2007.

ومن الاتهامات المفبركة التي وجهت له وأيدت الحكم بإعدامه، "قتل مثقفين هندوس خلال حرب الانفصال عن باكستان عام 1971"

والثالث هو الشيخ "محمد قمر الزمان"، القيادي بحزب الجماعة الإسلامية الذي حكم عليه بالإعدام يوم 9 مايو 2013، بتهمة المشاركة في حرب الانفصال عن باكستان والتسبب في مقتل العشرات، ضمن تلفيق التهم للخصوم السياسيين.

وقد تم تنفيذ حكم الاعدام قمر الزمان يوم 11 أبريل 2015 بالسجن المركزي بالعاصمة دكا.

وكان الشهيد الرابع من قادة الجماعة الإسلامية الذي أعدمته السلطة الديكتاتورية الموالية للهند في بنجلاديش هو "مطيع الرحمن نظامي" الذي كان معارضا لانفصال بنجلاديش عن باكستان.

واختير رئيسا لحزب الجماعة الإسلامية عام 2001، وعين وزيرا للزراعة عام 2001، وفي عام 2003 اختير وزيرا للصناعة حتى 2006.

وقد اعتقل مطيع الرحمن عام 2011 بتهمة تهريب السلاح إلى الهند (!)، وفي يناير 2014 صدر عليه حكم بالإعدام، كما صدر حكم آخر بإعدامه في أكتوبر 2014 بدعوى ارتكاب "جرائم إبادة" خلال الانفصال عن باكستان.

ودفع شموخ أمير الجماعة الاسلامية في بنجلاديش، ويقينه أنه على طريق الحق، الشيخ "مطيع الرحمن نظامي" لرفض طلب العفو من رئيس الدولة، فتم إعدامه.

ونفذت السلطات في بنغلاديش حكم الإعدام في مطيع الرحمن نظامي يوم 10 مايو 2016 وسط ترحيب أميركي بما قيل إنه "تنفيذ العدالة" ضد من ارتكبوا "الفظائع" ضد الشعب البنغالي!

و وصفت الجماعة الإسلامية في بيان حكم الإعدام على مطيع الرحمن بأنه "أملته حسابات سياسية للنظام القائم الذي يريد التخلص من قيادات التنظيم القوي بالبلاد وتشتيته من خلال الإعدامات والاعتقالات التي لا تكاد تنتهي".

والشهيد الخامس هو "مير قاسم علي"، عضو اللجنة التنفيذية المركزية لحزب الجماعة الإسلامية، وهو رجل أعمال بارز ويدير شركات في مجالات متعددة.

واعتقل مير قاسم يوم 17 يونيو 2012 وأدين بارتكاب "جرائم حرب"، وحكم عليه بالإعدام يوم 2 نوفمبر 2014، وأيدت المحكمة العليا اعدامه في 8 مارس 2016.

وانتقدت المعارضة محاكمات قيادات الجماعة الإسلامية ووصفتها بأنها محاكمات سياسية، كما دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان لها السلطات البنغالية إلى إلغاء عقوبة الإعدام الصادرة على مير قاسم علي، لكن نظام الديكتاتورية "حسينة" نفذ حكم الإعدام شنقا بحق مير قاسم علي في 3 سبتمبر 2016 في سجن مشدد الحراسة على مشارف العاصمة دكا بعدما رفض تقديم طلب استرحام لـ "حسينة" بالعفو عنه.

وكان الشهيد السادس هو "غلام أعظم" أمير الجماعة الإسلامية، الذي اعتقل يوم 11 يناير 2012 وعمره وقتها كان نحو 89 عاما، ومع هذا أصدرت المحكمة يوم 17 يوليو 2013 حكما بالسجن عليه 90 عاما بالتهمة نفسها التي أعدم لأجلها رفقائه، وهي ارتكاب "جرائم حرب" أثناء حرب انفصال بنغلاديش عن باكستان.

وكانت "الأدلة" التي قدمتها النيابة العامة في حق غلام أعظم وكل من تم اعدامهم عبارة عن قصاصات من جرائد يومية كانت تصدر عامي 1971 و1972 وشهادات شهود قالوا إنهم "سمعوا" دون أن يرون أو يشهدوا بشئ حقيقي ما يؤكد فبركة المحاكمات. وقد توفي غلام أعظم داخل المعتقل يوم 23 أكتوبر 2014.

والشهيد السابع، هو "أبو الكلام محمد يوسف" الذي يحمل لقب "ممتاز المحدثين"، وهو أرفع لقب لعلماء الحديث في بنغلاديش.

وانضم أبو الكلام إلى الجماعة الإسلامية قبل الانفصال عن باكستان، وترأس فرعها بمدينة خولنا بين 1956 و1957، واختير لاحقا نائبا لأمير الجماعة الإسلامية لباكستان الشرقية (بنغلاديش حاليا) وظل في هذا المنصب حتى قيام بنغلاديش.

وشغل الشيخ يوسف عضوية مجلس الشورى للجماعة الإسلامية بين 1962 و1971 تحت قيادة الشيخ أبي الأعلى المودودي في ذلك الوقت، عندما كان البروفيسور غلام أعظم أمير الجماعة الإسلامية لباكستان الشرقية.

وبعد الانفصال، شغل أبو الكلام منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية لأربع فترات، ثم عين لاحقا نائبا لأمير الجماعة الإسلامية. وكان الشيخ أبو الكلام من بين المعتقلين في مايو 2013، وتوفي يوم 9 فبراير 2014 داخل مستشفى نقل إليه من السجن بعد تدهور حالته الصحية، حيث كان يعاني من عدة أمراض مزمنة.

وكانت كل جريمة الذين تم اعدامهم، أنهم رفضوا فصل بنجلاديش عن باكستان عقب تفتيت شبه القارة الهندية عام 1971، اي أنهم دعاة وحدة وليسوا دعاة انفصال، ومع هذا حاكمتهم السلطة الديكتاتورية بتهم بالية قديمة هدفها التخلص منهم كخصوم سياسيين.

وتعد الجماعة الإسلامية في بنجلاديش من أكبر الأحزاب السياسية، حيث تأسست في البداية في باكستان الكبرى "باكستان وبنجلاديش" قبل استقلال الأخيرة

ويعود تأسيسها لـ 16 أغسطس سنة 1941، حين اجتمع 75 باكستانيا في لاهور من مختلف أنحاء البلاد بقيادة أبي الأعلى المودودي، وأسسوا الجماعة الإسلامية، وانتخبوا المودودي أميرًا لها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التقرير الأجنبي

From Cairo To Dhaka: Exploring The Impact Of The Arab Spring On Bangladesh

https://muslimmatters.org/2023/07/17/from-cairo-to-dhaka-exploring-the-impact-of-the-arab-spring-on-bangladesh/