علمنا الإسلام أننا سوف نحاسب فرادى لا جماعات، والحق سبحانه وتعالى يعلم أن عباده سيضيق عليهم في بعض العصور أو في بعض البلاد، فيحال بينهم وبين أساليب التربية الجماعية، كما أن الفرد المسلم يحتاج دائمًا إلى تربية ذاتية فردية بينه وبين خالقه سبحانه وتعالى، وهذا الزاد لا يمكن للتربية الجماعية أن تحققه؛ لذا كان من الأهمية بمكان أن يعرف معلم التربية الإسلامية أساليب التربية الذاتية؛ كي ينشئ أبناءه على ممارستها؛ وبذا يستطيعون مواجهة أية صعوبات، ويتغلبون على أية معوقات.

والمعلم في ذلك لا يأتي ببدعة، إنما هو يقتفي آثار معلم البشرية جمعاء؛ ورحمتها المهداة؛ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما أكثر تلك المواقف التربوية التي زودتنا بها السنة الغراء، والتي تعكس دون شك تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه على الاعتماد على أساليب التربية الذاتية. ومن ذلك على سبيل التمثيل تربيته لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وعبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، وأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وسائر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. وقد ظهر أثر هذه التربية في أن رأينا الصحابي يقوم الليل منفردًا، ويخصص وقتًا أساسيًا من يومه للتفكر في خلق الله منفردًا، ويصوم بشكل فردي تطوعًا، ويتسابق في فعل الخيرات، مع حرصه على أن يكون هذا الخير سرًا بينه وبين ربه سبحانه.

وفيما يلي عرض لأهم أساليب التربية الذاتية:

1- تحصيل العلم:

تتضح أهمية هذا الأسلوب التربوي من كونه توجيهًا ربانيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه)؛ وهو توجيه رباني لكل من سار على درب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجميع أتباعه؛ ذلك أن الأعمال إنما تقبل بشرطين: الإخلاص، والصحة. ولن تصح أعمال الفرد إلا بعد أن يتعلم وجهتها الصحيحة؛ ولا سبيل إلى ذلك سوى بتحصيل العلم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشرط الأول لقبول الأعمال ـوهو الإخلاص- لن يتحقق أيضًا إلا بالعلم؛ فلا سبيل إلى الإخلاص دون أن نتعرف طريقه، ومعالم تلك الطريق.

ولقيمة العلم الرفيعة أعلى الإسلام من شأن أهله قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر) وقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)} (فاطر) وقال صلى الله عليه وسلم: «من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع».

تطبيق أسلوب تحصيل العلم:

    مثال تطبيقي في البيت:

تشجيع الأبناء على تحصيل العلم من مختلف مصادره، وتوفير الإمكانات اللازمة لذلك، ودفعهم للاشتراك في المسابقات التي تعقدها المساجد والجمعيات الخيرية ووسائل الإعلام المهتمة بالثقافة الإسلامية.

    مثال تطبيقي في المدرسة:

إبراز أهمية العلم للتلاميذ، وتنظيم مسابقات لحفظ القرآن الكريم، وأخرى تهدف إلى إثراء ثقافة التلاميذ الإسلامية، ورصد الجوائز للفائزين.