بقلم / محمد عبد الرحمن صادق
 
 - إن المتتبع لآيات الذكر الحكيم ولسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأحداث التاريخ على مر العصور يجد أن الله تعالى ما أنزل ديناً إلا ليُمَكِّن له وما بعث نبياً ولا رسولاً إلا لينصره هو ومن اتبعه  وهذه هي سنة الله تعالى الباقية إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها .
 - قال تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} "     ( النور 55 ) . وعن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها "  ( أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي ) . وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون " ( متفق عليه ) وفي رواية لمسلم عن ثوبان " ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " .
- والمتأمل في أحداث التاريخ يجد أنه ما خلت فترة من الفترات من صراع بين الحق والباطل وأن العاقبة تكون دائماً للمتقين وكان ذلك جلياً في حروب المسلمين ضد المشركين والفرس والروم  والتتار واليهود وغيرهم  .
 - إن الأمة الإسلامية الآن في وقت تكالبت فيه المصائب والمحن والانقلابات ، والجراح تنزف في كل جزء من جسد هذه الأمة ، وتحشرجت فيه النفوس ، وضاقت فيه القلوب ، حتى أصاب كثيراً من الناس اليأس والقنوط ، فما إن تذكر الأمة الإسلامية حتى تسمع الزفرات والآهات والحوقلة والاسترجاع وكأن الأسباب تقطعت ، والآمال تدثرت .
- والحقيقة أن سبب الوصول لهذه الحالة هو ضعف الصلة بالله تعالى ، فإن كانت للعدو بطشه ورصده لأهل الحق وما يقومون به فلابد وأن يقابل ذلك ببذل المزيد من الجهد وبتطوير الأساليب والوسائل وبعدم التمسك بحطام الدنيا وزينتها ويقابله أيضاً معرفة الغاية التي من أجلها خلقنا ، فما خلقنا إلا لعبادة الله وبالطريقة التي يرتضيها الله تعالى وليست بالطقوس الجوفاء التي لا روح فيها ولا ترفع صاحبها قيد أنملة .  
- وفي مثل هذا الوقت العصيب والحال كذلك ، تُذكر المبشرات لترسم أشعة الفجر الجديد ، ولتملأ النفوس المسلمة بالثقة واليقين ، ولتشعر القلوب المؤمنة الحية بالعزة والتمكين ، وليشْرَقَ بها أعداء الدين ، وليُغص بها المنافقون المبطلون .
- وفي السطور القادمة سوف أقوم بذكر بعض المبشرات التي تأذن بزوال الانقلاب الغاشم وببزوغ فجر جديد يشرق على أرض الكنانة وعلى الأمة الإسلامية كلها .
1 - ثبات أنصار الشرعية على موقفهم ومطالبهم وعدم التنازل عن المطالب الأساسية التي طالبوا بها من أول لحظة  .
 2- تخلي كثيرين ممن خرجوا في 30 يونيو ووافقوا على ما حدث في 3 يوليو عن معسكر الانقلاب .
3 - خسارة معسكر الانقلاب لكثير من دعائمه ورموزه ، بقضاء الله تارة وبظلم الانقلاب وجبروته تارة أخرى ، وبفضيحتهم على الملأ بغبائهم وضيق أفقهم وبما يصدرونه من قرارات وتصريحات تقضي على رصيدهم بين مؤيديهم  .
4 – انحسار من يقف مع الانقلاب من ضيوف الفضائيات في  وجوه ممقوتة من فئات تُفسد أكثر مما تُصلح  .
5 – اتساع رقعة الظلم حتى طالت عموم الشعب مثل ما حدث في الأقصر والإسماعيلية وسيناء ومثل التنكيل بحملة الماجستير والدكتوراه والتصفية الجسدية للعديدين مما أظهر الظلم الذي يمارسه الانقلاب ضد عموم الشعب وليس فصيل بعينه مما سيجعل هناك نقاط جديدة ساخنة وحرجة تهدد بقاء الانقلاب ووجود وأيقونات جديدة من الممكن البناء عليها .
6- كساد بضاعة الانقلابيين التي كانوا يروجوا لها وهي فزاعة الإخوان وأنهم وراء كل ما يحدث في مصر وكان آخرها تنظيم بلاعات الإسكندرية لدرجة أن البعض من أنصار الانقلاب أصبحوا يخجلون من هذا الأمر ويتندرون به .
7 – الفشل الكامل في إدارة البلاد ، وعدم التوفيق في أي مشروع أو وعد وعدوا به ، والكوارث تحل فتكشف ضعف حيلتهم وعدم وجود أي استعداد أو تخطيط لديهم .
8 – التعويل على نقطة محاربة الإرهاب أصبحت كذلك من الأمور الممسوخة بعد أن أصبح الشعب يتنبأ بموعد التفجيرات التي يستترون خلفها للتستر على فشلهم وفضائحهم .
9 - زوال الرهبة والخوف من قلوب أنصار الشرعية بل ومن بعض أنصار الانقلاب وترى ذلك واضحاً في المناقشات العامة ومواقع التواصل الاجتماعي والتهكم عما أفرزته الانتخابات الأخيرة من شخصيات لا تصلح لإدارة شئون البلاد .
10 -  زيادة المشاركات المجتمعية في القيام على رعاية أسر الشهداء والمعتقلين والمطاردين وتلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية .
11 – اختفاء البلطجية من ظاهرة التصدي للمظاهرات ، وتوقف الكثير من الشعب عن الهجوم والتشفي ، بعد أن طال الظلم الجميع ، ووصلت الشظايا لكل بيت ، وطالت الكثيرين ممن هللوا للانقلاب .
12 – إدراك كثير من الإسلاميين أن الإسلام هو المستهدف ، وأن المعركة ليست جماعة أو حزب أو فصيل بعينه وأن المعركة صفرية وليست نزهة قصيرة .
13 – وضوح الانخداع الكبير بـأفراد ونخب مثل  : أبو الفتوح ، مختار نوح ، عمرو خالد ، ومن قبلهم الخرباوي والهلباوي وغيرهم .
14 – انتهاء وهْم حزب النور وانكشافه ، وعودة  بعض أنصاره المخدوعين فيه إلى رحاب الحقل الإسلامي الواسع وخاصة بعد افتضاح رموزه وبعد خسارته الفادحة والفاضحة في الانتخابات البرلمانية حيث حصلت قوائم الحزب على صفر على مستوى الجمهورية ولم يحصل الحزب سوى على 12 مقعد من المقاعد الفردية على مستوى الجمهورية .
15 – الانتخابات البرلمانية الأخيرة دارت بين أنصار الانقلاب ورموزه فقط فظهر عزوف أنصار الشرعية عن الانتخابات وظهرت العديد من المشكلات والصراعات بين الانقلابيين وظهر بينهم مصطلحات لم يتداولوها من قبل مثل ( فساد القضاة – المال السياسي – شرعية الصندوق – التزوير ............ الخ ) .
16- الانقسامات والانشقاقات داخل الكنيسة واعتراض المسيحيين أنفسهم على السياسة التي تنتهجها الكنيسة من التدخل في الشأن السياسي والتخلي عن ثوابتها وخاصة بعد زيارة القدس الأخيرة مما فجر العديد من الأزمات ووصل الأمر إلى تنظيم وقفات داخل الكنيسة والمطالبة بخلع تواضروس نفسه . وكان ذلك واضحة في عدم قدرة الكنيسة على الحشد في الانتخابات البرلمانية .
17- تقلص الدور الذي تقوم به دول الخليج وغيرها في مساعدة الانقلاب للشعور بطول المدة وكثرة النفقات والخوف من التذمر الشعبي الداخلي في بلادهم  . وعلى صعيد آخر نرى تزايد رفض بعض الدول للانقلاب مثل قطر وتركيا وغيرهما .  
18 – فضيحة الانقلاب والانقلابين في المحافل الدولية وظهورهم بالمظهر الغير حضاري مثلما حدث في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم . وضعف الثقة الدولية بهم  وبقدراتهم مثلما حدث في التحقيقات الخاصة بسقوط الطائرة الروسية .
19 – زيادة نسبة التمرد والخروقات داخل مؤسسات الدولة وهذا واضح في زيادة نسبة الاحتجاجات وتحويل أعداد من ضباط الجيش للمحاكمات العسكرية وتغيير مناصب أعداد أخرى وكذلك تمكن العديد من قيادات الإخوان ورموز الشرعية من السفر عبر المطارات والموانئ مما يربك قيادات الانقلاب ويشعرهم أنهم ليسوا في مأمن من أمرهم .  
20 – اعتقاد بل يقين الجميع أن الأجواء الآن هي أجواء 25 يناير مما استدعى الصياح والعويل ، والتهديد والوعيد ، والمزيد من تكميم الأفواه والاعتقال لكل من يحاول أن يبدو مُستقلاً أو مُحايداً .
- وهناك العديد من المبشرات الأخرى التي تبعث الأمل في النفوس وتجعل جنود الحق في استبشار دائم وثقة بنصر الله تعالى " ....... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5}‏ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6} " ( الروم 4 : 6 ) " وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً {51} "            ( الإسراء 51 ) .
 - ولكي تتم الفرحة بهذه المبشرات ، ولكي لننال شرف نصرة هذا الدين فعلينا أن نستجمع قوتنا ونستجمع  أسباب التوفيق والتمكين المادية والمعنوية حتى نصل إلى القيادة والريادة وحتى يفتح الله بنا وعلى أيدينا وأن يستعملنا ولا يستبدلنا .
- اللهم إنا نسألك للإسلام نصراً مؤزراً في كل مكان ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك ، اللهم انصر عبادك المخلصين ، اللهم أعلِ مكانتهم ، اللهم احفظهم بحفظك ، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه ، واجعل كيده كيداً عليه ، اللهم اجعل تدبيرهم في تدميرهم ، اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين ، اللهم انفعنا وانفع بنا ، اللهم أقر أعيننا بعزة الإسلام والمسلمين .