بقلم : مجدي مغيرة

الفشل يحاصر الانقلاب من جميع جوانبه :
•    فشل اقتصادي حيث هبط سعر الجنيه أمام الدولار بشكل سريع ، وارتفعت الأسعار وانخفض دخل المواطنين ؛ فقلَّ الشراء وزاد العناء ، وأغلقت المصانع ، وأضرب العمال للمطالبة بحقوق مسلوبة لم يروا منها شيئا غير التسويف والمماطلة ، والتصريحات العاطفية  ، هذا كله إضافة إلى المشاريع الفنكوشية التي لم ير المصريون منها غير حفلات الترويج لها ولمكاسبها الكبيرة دون أن يروا أثرا لذلك في حياتهم العملية ، وأخيرا مزيد من خسائر قطاع السياحة بعد تلك الضربة القاسية التي تلقتها سلطات الانقلاب في سيناء بإسقاط الطائرة المدنية الروسية التي كانت تحمل ما يقرب من 224 راكبا .
•    فشل اجتماعي ينذر بتفكك المجتمع ، وقد يؤدي إلى انهياره ، حيث زاد الانقسام بين المعارضين للانقلاب والمؤيدين له ، وزادت الكراهية ، وقلت الثقة أو كادت أن تنعدم نظرا لما عاناه المعارضون للانقلاب من نذالة المؤيدين له ، وإصرار قطاع كبير من هؤلاء المؤيدين على توجيه الاتهام لكل ما يحدث في مصر إلى الإخوان ، واتهام كل من ينتقد النظام بأنه من الإخوان ، مهما كان الاتهام بعيدا عن العقل والمنطق والبديهة ، وكان من آخر هذه الاتهامات الهزلية هي اتهام  الإخوان بإغراق الإسكندرية بماء المطر .
•    فشل سياسي رغم كثرة الحقن الإنقاذية التي يتعاطاها الانقلاب من الشرق والغرب ، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها إسرائيل لفتح أبواب الزيارات الخارجية للانقلاب .

إذن نحن أمام نظام بدت على ملامحه سريعا علامات الشيخوخة المبكرة ، وظهرت على وجهه دلائل الموت المحتم بعدما خابت فيه ظنون من أيَّدوه ودعَّموه وروَّجوا له طمعا في إبادة الإخوان  ، ومحو الإسلام ، وتثبيت كراسيهم ، وارتفاع شأن العلمانية وما يصاحبها من تفسخ الأخلاق وانهيار القيم وغياب الضمير ، وتدمير المناعة الذاتية التي مازالت عائقا كبيرا أمام كثير من المخططات الغربية والصهيونية الساعية إلى الهيمنة على المنطقة كلها  .
ولكن لا يعني ظهور علامات الضعف على النظام سهولة استبداله أو القضاء عليه ، فإن كان نظاما ضعيفا  مهترئا ، فما زال داعموه أغنياء وأقوياء ، مما يعني سعيهم للبحث عن بديل يكون أقل غلظة وأكثر حنكة حتى يمكن للشعب المصري أن يقبله .
لكن مشكلتهم تتمثل في فشلهم في إيجاد البديل المناسب ، كما أن أي بديل للنظام الحالي لن يستغني عن خدمات الدولة العميقة ورجال مبارك والأجهزة الأمنية بكل أنواعها ، وذلك يعني بالضرورة استمرار الفساد بجميع أنواعه ، وبالتالي الفشل المؤكد والمؤدي إلى مزيد من تدهور أحوال البلاد و مزيد من الغضب ، ومزيد من عوامل قيام ثورة لن تبقي ولن تذر إذا حانت لحظة انفجارها  .
ويبقى البديل الآخر الذي لا يرغب الشرق ولا الغرب في وجوده ، وهو امتلاك البلاد ناصية أمرها ، واعتلاء الأحرار الشرفاء سدة الحكم في البلاد ؛ وذلك يعني أيضا أن يكون للإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين دورٌ كبيرٌ وفعَّالٌ في إدارة شؤون البلاد .
والذي يحسم أمر هذا الخيار أو ذاك هو مدى وعي الشعب بحقيقة الأطراف المتصارعة ، ومدى استعداده لتحمل تكاليف التغيير .
وحتى نتجنب المزيد من الأزمات ، والمزيد من عوامل ثورة  عنيفة لا ندري متى ستكون ، و ما نتائجها ، ينبغي العمل على تحقيق عدة أمور :
•    الأمر الأول هو إعادة شرعية ما قبل الانقلاب ، وعندما نطالب بهذا ، فليس ذلك لمصلحة الإخوان فقط ، بل لمصلحة الشعب المصري كله ، حيث إن إهدار خمس استحقاقات انتخابية حرة شهد الجميع – داخليا وخارجيا -  لها بالنزاهة والشفافية والحيادية يفتح الباب واسعا لاستخدام القوة غير المشروعة للانقلاب على الديمقراطية وعلى كل اختيار حر ارتضاه الشعب لنفسه ، ورفضه قلة منهم تمتلك القوة وتريد فرض إرادتها بالإكراه على الجميع ، فالرضا بالصندوق الانتخابي هو مصلحة للجميع بلا استثناء .
 والشرعية التي يجب عودتها تتمثل في :
-    عودة دستور 2012م الذي تم إقراره بعد الاستفتاء الحر عليه في عهد الدكتور محمد مرسي .
-    عودة الرئيس الدكتور محمد مرسى - إذا كتب الله له النجاة من الموت -  ونرجو من الله تعالى ذلك .
-    عودة البرلمان الشرعي المتمثل في آخر مجلس شورى تم حله بعد الانقلاب .
•    الأمر الثاني هي وجوب عودة الجيش إلى ثكناته وتكون مهمته هي حماية البلاد من العدوان الخارجي وحماية الحدود ، وليس التدخل في سياسة البلاد ، أو  الدخول في مشاريع اقتصادية يهدف منها إلى الكسب  ، فهذه مهمة الشركات والمؤسسات المدنية ورجال الأعمال وكل من يساهم في بناء البلاد من المدنيين .
•     الأمر الثالث هو استقلال المؤسسات التي تكون مهمتها الحفاظ على هوية البلاد والارتقاء بها نفسيا وعقليا وروحيا وجسميا ، وعلى رأس هذه المؤسسات :
-    الأزهر ووزارة الأوقاف .
-    الإعلام .
-    التعليم الجامعي وما قبل الجامعي .
-    وزارة الثقافة .
-    وزارة الشباب والرياضة .
-    مؤسسة القضاء .
•    الأمر الرابع هو القصاص للشهداء جميعا منذ بداية ثورة 25يناير 2011م ، وانتهاء بآخر شهيد سيسقط وهو يقاوم الانقلاب ، فإهمال هذا الملف يعني بقاء الرغبة في  الانتقام في النفوس كما هي ، وبقاء عوامل التفسخ الاجتماعي كما هي ، ويلحق بالشهداء الجرحي والمعوقون والمعتقلون والذين صودرت أموالهم ظلما ، والذين تعطلت أعمالهم هربا من الموت أو الاعتقال والتعذيب على يد الانقلابيين .
•    الأمر والخامس وا لأخيرهو تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين و المفسدين الذين شاركوا في الانقلاب على التجرية الديمقراطية ، ومهدوا للانقلاب من خلال تعطيلهم لكثير من المشاريع و القوانين والأعمال التي أراد الدكتور محمد مرسي تنفيذها ، ويلحق بهؤلاء كل من شارك في الانقلاب من أحزاب وجمعيات وبرلمانيين وإعلاميين ورجال أعمال وشخصيات مستقلة و رجال كنيسة وعلماء الشرع الإسلامي .
نرجو الله تعالى أن يكتب لبلادنا الأمن والأمان والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية .