عزت النمر :


يبدو أن اسرائيل فرحت ببيئة الخريف العربي المؤقتة التي تعيشها الأمة الى حين , وظنت أن الفرصة مواتية لأن تلتهم ما تبقى من شرف الأمة ومن بقى من أمة الشرف والجهاد .
 
هكذا ظنت وسايرها في هذا عملائها هنا وأربابها هناك , وتبعهم كل ضعيف الهمة واهي القوة مستكين النفس . حتى لقد خشي بعض الصالحين من أن الواقع ينذر بكتابة خاتمة كئيبة للأقصى ولفلسطين ولغزة وحماس , وبكل عرق مازل ينبض بدم الكرامة في واقع الأمة البئيس.

هذا الظن الذي يُستمد من الواقع لا يغني من الحق شيئاً , لان الحق هو ما تحمله المبادئ وما تحويه أفئدة الرجال وما تنطق به عقائدهم حتى وإن أوهم الواقع وخدعت البيئة بغير ذلك .
لهم كل العذر فيما ظنوا وذهبوا .. فهاهم العرب أو حكامهم أو بعضهم ثاروا على تاريخ الأمة وكرهوا صفحاته البيضاء , وترى قطيعا منهم وشرذمة قذرة من حكامهم تؤيد كل منكر وتهوى كل منحط , بل وتنفق بإسراف على حرب كل مظهر من مظاهر العزة والإباء في الأمة.

لهم كل العذر .. حين رأوا مصر الرصيد المذخور لقضايا الإسلام وتاريخه وثوابته يعلوها سيسي , فيسرف في محاربة كل قيم الإسلام ويختار مواجهة كل فضيلة ويدافع عن كل رذيلة منكرة .
لهم كل العذر .. وهم يشاهدون نماذج الحكام في عالمنا الاسلامي من أمثال عيال زايد وسفيه الأردن وربيبهم في السلطة الفلسطينية وغيرهم من العجزة والخونة والعملاء .
 لهم كل العذر .. وهم يرون منارات الاسلام ورايات العلم ومكامن القوة في العالم الاسلامي تنتكس فيسقط الأزهر الذي كان شريفاً والذي سيعود شريفاً لكن حينما يُلقى بطيبه في مزبلة التاريخ ويعدم أشراره على أعواد المشانق وفي ساحات القصاص.

لهم كل العذر .. حينما تغيب عن قادة الأمة الحقيقيين رؤية الواجب وحراجة اللحظة وما تستلزمه من تجرد راقي وتوافق جاد , وما يفرضه الواقع من جهاد مكين يكافئ ما قدموه ومن سبقهم من تضحية عزيزة وثبات متين .

لكنها كلمة الشباب تصرخ أن لا عذر لكم فاستيقظوا من سباتكم وأفيقوا من غيكم وغفلتكم , وأعلموا أن الواقع ليس ما ترونه أيها اليهود الملاعين ولا ما تبصروا أيها الحكام الخونة ولا ما تظنوا أيها الصالحون القاعدون .

ان الواقع أبعد مما تتصورون أو تظنون .

ان الكلمة وإن تأخرت أو ترددت في ألسنة الكبار بسبب الحسابات المعقدة والحكمة المرجوة والتقدير المطلوب , فإن شباب الأقصى حسموا الموقف بكلمة زلزلت الجبال وزأرت كالأسود , حقت الحق وقست على الباطل وذهبت بخيالات كل متردد وعصفت بهواجس كل بليد .

انها كلمة الشباب حينما يكون لسانها حداد السكاكين وليس ثرثرات النقد وهوس التقييم .

إنها كلمة الشباب الداوية الحاسمة حينما فرضت نفسها في الميادين والشوارع وتجاوزت مساخر الحوارات والمناقشات وساحات الجدل العقيم على صفحات الإنترنت وفضاءات التواصل الإجتماعي وفراغات التنظير .

ان الشباب هم الأمل لكن حينما يخوضوا فيما يجيدوا وحينما يعرفوا ويحددوا ميدانهم ويتواصلوا ويستجمعوا طاقتهم , ثم ينطلقوا جادين بخطواتهم العملية التي تفاجئ عدوهم وصديقهم على سواء وستفرض على الجميع واقعاً غير الذي ظنوه أو أرادوه أو تقبلوه .

ان أحداث الأقصى بدأت من يهود وأتباعهم , ثم دخل على الخط المرابطون في الأقصى من الشيوخ والكبار فأجادوا بصبرهم وثباتهم وصمودهم وهو الميدان الذي يحسنوه , ثم كانت نفرة المرابطات من النساء الذين أشعلوا جذوة الحماس وفجروا طاقات الكبرياء والعزة في الأمة وهو الميدان الذي يتقنوه .

ثم أخذ الشباب زمام المبادرة وسبقوا الجميع وفرضوا كلمتهم ووضعوا حد الفصل في ساحات الفعل وميادين القدرة ومعاقل العماليق والكبار .

انها ليست فقط دعوة للفخار بانتفاضة العز وثورة السكاكين ..
انها ليست فرحة بالقيام بالواجب واستعادة الأمل ..
انها ليست فقط بشارة بالقدرة ..
انها معالم على طريق ثورة يقود حراكها شباب ,. ترسل برسالتها الى كل الشباب

تدعوهم لأن يعيدوا حسابتهم وويجددوا عزمتهم ويعرفوا مواطن قوتهم ويحددوا خطتهم ويعقدوا رايتهم ويبدأوا خطواتهم..
حينها فقط ستعلوا راية الحق على أيديهم , وهذا ما ترجوه أمتهم وتنتظره .
وإنا لمنتظرون ..

https://www.facebook.com/ezzat.elnemr.9