خميس النقيب 
 
 
لكل فلاح ابواب ولكل صلاح ارباب ولكل نجاح اسباب...      آية عظيمة، تحدثنا عن أربعة أسباب أساسية للنجاح في الدنيا والفلاح في الاخرة ، الركوع والسجود وعبادة الله ثم فعل الخيرات .   .. قال تعالى في سورة الحح - ونحن نستقبل موسم الحج - " يا ايها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". الحج 
إنه الخير المطلق والجهاد المتواصل والرباط المستمر ليبقي الانسان في حفظ خالقه وتوفيق رازقه وعناية واجده وسيده،  يهديه ويرشده،  يعينه ويسدده ، لا تضييق ولا خناق لامحاربة ولا مجاذبة،  ، المهم أن تفعل الخير . من اي ابوابه شئت  كيف؟   " من أنفَق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيلِ الله دُعِي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خيرٌ، فمن كان من أهلِ الصلاة دُعِي من باب الصلاة، ومن كان من أهلِ الجهاد دُعِي من بابِ الجِهاد، ومَن كَان من أهل الصّدقة دُعي من بابِ الصدقةِ، ومن كان مِن أهل الصيام دُعِي من باب الصيام وباب الريان"، فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يُدعَى من تلك الأبواب من ضرورة قال: هل يُدعَى منها كلِّها أحدٌ يا رسول الله؟    قال: " نعم، وأرجو أن تكونَ منهم يا أبا بكر و في رواية ابن حبان: "وأنت هو يا أبا بكر".. صحيح 
طرق الخير كثيرة، وسبل البر وفيرة،  وأبواب العملِ الصالح مشرَعَة، وقد قال أهل العلم: إنّ أعمالَ البرّ لا تُفتح كلُّها للإنسان الواحدِ في الغالب، إن فتِح له في شيء منها لم يكن له في غيرها، وقد يفتَح لقليلٍ من الناس أبوابٌ متعدِّدة.
إنه "فعل الخير" هكذا على إطلاقه. والخير هو كل ما حث الشرع على فعله، مما يجعل النفس مشرقة والروح متألقة، حين تسمو إنسانيته وترقي اخلاقه    ويقوم بدوره تجاه الرحمن،  فيسمو بالقران ويرقي بالايمان ويعلو بالاحسان .. !!
العبادة بينه وبين الله تعالى، بينما فعل الخير عموما يجعله صاحب عطاء ويحببه إلى الناس؛ فهي المعاملة الطيبة التي يحرص الإسلام عليها أن تكون بين أفراد المجتمع، ولا نعيش نظريات المثالية والأمنيات من دون تطبيق وعمل.
وقد كان جوابُ رسول الله متعدِّدًا في أوقاتٍ مختلفة وأحوال مختَلفة، ووجه الحكمة في ذلك؛ اختلافِ أحوال السائلين واختلافِ أوقاتهم، فأعلَمَ كلَّ سائل بما يحتاج إليه، أو بما له رغبةٌ فيه، أو بما هو لائق به ومناسبٌ له.
ومن إجابات النبيِّ: عن عبد الله بن مسعود  قال: سألتُ النبيَّ صلي الله عليه وسلم 
أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثمّ أيّ؟ قال: بر الوالدين، قال: ثمّ أيّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: حدَّثني بهنّ ولو استزدتُه لزادني. متفق عليه واللفظ للبخاري.
وفي مسند أحمدَ من حديث ماعز  عن النبيّ: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وحدَه، ثمّ الجهاد، ثم حجَّة برَّة تفضُل سائرَ العمل كما بين مطلع الشمس ومغربها  ،ونحوه في الصحيحين والسنن
وفي سنن النسائي من حديث أبي أمامة : أيّ الأعمال أفضل؟ قال: عليك بالصوم، فإنه لا عِدل له .
منهج الله عز وجل منهج تفصيلي يشمل كل حياة الإنسان ونشاطاته ...
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  " الحج 
لماذا الركوع والسجود اولا؟       صلة العبودية الحقة تقوم على إفراد العبادة لله وإخلاص الدين له وحده لا شريك له، والاعتقاد بأنه رب العالمين، وأنه الإله الحق، الذي يخلق ويرزق، يمنع ويمنح ، يحي ويميت، يعز ويزل، لا إله غيره، وتخشع له القلوب، وتتوجه له الأنفس، صلة مباشرة بين العبد وربه، لا سلطان لأحد عليها، ولا وساطة لأحد فيها، إذا توطدت وتعمقت، كان أول مظاهرها عند العبد ألا يذلَ إلا لله، ولا يستعن إلا بالله، ولا يتوجه إلا إلى الله، ولا يعمل إلا ابتغاء مرضات الله .
فمن أراد أن يُحَدِّث ربه فليدعه و من أراد أن يُحدِّثه ربه فليقرأ القرآن:       الركوع خضوع لله والسجود طلب العون منه:     الركوع يعني يا رب أنا خاضع لك لكنني ضعيف،  و السجود، يا رب أعني على طاعتك، لذلك ورد في بعض الأحاديث:     ألا أنبئكم بمعنى لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول عن معصيته إلا به، ولا قوة على طاعته إلا به.      "  وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ  " 
 غاية العبادة أن تخضع، وأن تستعين على طاعة الله بالله، إذاً الركوع والسجود يقابل إياك نعبد وإياك نستعين، لذلك قيل جمع القرآن في الفاتحة، وجمعت الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين ...
الصلاة هي أبرز شيء في الدين :  الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين 
[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن عمر ]          أهم عبادة في الإسلام الصلاة وأهم ما في الصلاة  السجود والركوع ... الصلاة لاتسقط ابدا  كيف؟  الحج يسقط عن غير المستطيع والزكاة تسقط عن الفقير والصوم يسقط عن المسافر والمريض  اما الصلاة فلا تسقط ابدا ...  ، والصلاة جامعة لكل الفرائض كيف؟  فيها صوم فلا حركات ولا اشارات ولا كلام فضلا علي الطعام والشراب وغيره،  وفيها زكاة فهي تستغرق وقت والوقت اساس الكسب والعمل،  تغلق محلك وتوقف عماك لتصلي ..!! وفيها حج فانت تتجه الي الكعبة .... اذن الصلاة فيها كل الفروض ..!! لذلك كانت هي مقدمة اسباب الفلاح وعوامل النجاح ..!! هي صلة وهي ذكر وهي سكينة وهي طمأنينة ..!!  
المصلي  يقذف الله في قلبه النور:     فلا يوجد   إنسان يتصل بالله اتصالاً حقيقياً عنده حقد، عنده كبر، عنده غش، عنده حسد، مستحيل، الصلاة طهور، والصلاة نور :      " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ  "    (سورة الحديد)
 المصلي مستنير يقذف الله في قلبه النور، سيدنا يوسف لما دعته امرأة ذات منصب وجمال وهي سيدته، وكانت بارعة الجمال، لماذا قال معاذ الله ؟ لأن الله ألقى في قلبه النور، النور كشف له عواقب الزنا، أما الأعمي فانه سرعان ما ينزلق في الزنا ؛ ورد في جريدة رسمية ان انسانة أشارت إلى سائق فلما وقف سألها إلى أين ؟ قالت حيث تريد، ظن هذا مغنماً كبيراً وقضى حاجته، ثم أعطته رسالة بعد أن غادرت المركبة ففتحها وقرأها، تقول فيها: مرحباً بك في نادي الإيدز، لماذا قال سيدنا يوسف معاذ الله ؟ في قلبه نور، أنت حينما تتصل بالله يلقي الله في قلبك  النور بنص هذه الآية، هذا قرآن يوجد بقلبك نور لا تقع بخطأ كبير، لا تقع بظلم شديد، لا تقع بحماقة في نور، لذلك الصلاة نور، والصلاة طهور، والصلاة  حبور والصلاة سعادة وسرور  ...
 ثم ماذا؟      " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا  "  الكهف 
على كل إنسان أن يحقق الهدف من وجوده:    " َاعْبُدُوا رَبَّكُمْ  "  لابد من أن تقدم شيئاً، أن تقدم من مالك، من وقتك، من علمك، من راحتك، من مكانتك، من جاهك، بقدر ما تقدم تسعد بالصلاة:        " وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  "      ما الفلاح ؟ أن تحقق الهدف من وجودك.    ايمانك بالله وشكره ..!!
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح:     ب  زواجك الشرعي،  بالمهر، بحجاب زوجتك، بتربية بناتك:    بكسب مالك، بإنفاق مالك، بأفراحك بأتراحك، بسفرك، بإقامتك، بمعاملة والدتك بحفظك للحق ودفاعك عنه ..!!
فاذا كانت المعركة بين الحق و الباطل معركة أزلية لا تنتهي واذا كان الصراع قائم لا يتوقف فلابد من جهاد دائم،  جهاد كذلك لا يتوقف :      ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ " الحج  .. الشرف الذي نالته الأمة العربية حينما اختارها الله لتكون وسيطاً بين الله وبين عباده:   ﴿ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " الحج  الركوع والسجود والعبادة الحقة لله وفعل الخير ثم الجهاد الحق سلالم المجد لاي امة وايات الرفعة لاي شعب ياخذ بها ويؤمن بها ويسير عليها ..!! 
ثم ما اجمله من ختام يؤكد علي قيمة الصلاة والاعتصام بالله   "  فأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ "  الحج 
ختام يحثنا  على الاعتصام بالله تعالى، فهو مسبب الأسباب وهو رب الارباب وهو فاتح الابواب  وهو على كل شيء قدير؛ هو مولانا وناصرنا، وهو غايتنا سبحانه. وحين يجعل المسلمُ غايته هي الله تعالى، حبا له، وعملا من أجله، وتعظيما له، وشكرا له، واستشعارا لمعيته، ورجاءً له، فهذا ما يريده العبد في النهاية؛ رضا الله تعالى. وهو مع ذلك إيجابي معطاء فاعل للخير مستشعر مسؤوليته، لا مجرد منكبّ على نفسه بعيد عن مجتمعه وأمته. هكذا فليكن المسلم لنفسه وأمته، وللإنسانية كلها...!! اللهم اجعلنا عاملين لدينك شاكرين لنعمك مؤهلين لعبادتك  جديرين برضاك فرحين بلقاك ..!!