شهدت مدينة عدن اليمنية يوماً دامياً بعد اشتباكات بين القوات الموالية للحكومة والانفصاليين الجنوبيين (تدعمهم أبوظبي)، وسط اتهامات من رئيس الوزراء للإمارات بالمسؤولية الكاملة عن الوضع، وإخلاء الأخيرة مسؤوليتها من ذلك.

وبحسب ما نشرت وكالة "فرانس برس"، مساء الأحد، قُتل في الاشتباكات 15 يمنيّاً على الأقل، وأُصيب العشرات، في تطوّر يُنذر بفصل جديد دامٍ في البلد الغارق في نزاع مسلّح وأزمة إنسانية متفاقمة.

- اتهام الإمارات.. وتنصّلها

واتّهم رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن دغر، الانفصاليين من قوات "الحزام الأمني" التي درّبتها الإمارات بقيادة انقلاب في عدن، داعياً دول التحالف العربي بقيادة السعودية إلى التدخّل "لإنقاذ" الوضع في المدينة التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقّتة لها، مؤكّداً أن الإمارات صاحبة القرار هناك.

ونفت الإمارات أن تكون خلف هذه الأحداث، وأكّد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في تغريدة على "تويتر"، أن موقف بلاده من أحداث جنوب اليمن "واضح ومبدئيّ في دعمه للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، ولا عزاء لمن يسعى للفتنة".

ولم تتدخّل السعودية في الأزمة التي تختلقها دولة الإمارات، ووجه التحالف العربي فقط دعوة، يوم الجمعة، إلى "جميع المكوّنات السياسية والاجتماعية اليمنية إلى التهدئة وضبط النفس، والتمسّك بلغة الحوار الهادئ، وتلافي أي أسباب تؤدّي إلى الفُرقة".

- مواجهات عنيفة

الانفصاليون حمّلوا رئيس الوزراء مسؤولية تدهور الأحداث، متّهمينه بتوجيه قواته لإطلاق النار على متظاهرين مناهضين للحكومة، ما أدّى إلى تدخّل عسكري من قبلهم "لحماية شعبنا".

ويحتجّ الانفصاليون على الأوضاع المعيشية في المدينة، وكانوا منحوا الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يمثّلهم سياسياً، مهلة زمنية للقيام بتغييرات حكومية، متّهمين سلطته بالفساد.

ويقود محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، الحركة الانفصالية في الجنوب. وفي 12 مايو الماضي، شكّل الانفصاليون سلطة موازية "لإدارة محافظات الجنوب وتمثيلها في الداخل والخارج" برئاسته.

وبحسب مصادر أمنية في عدن، فإن قوات "الحزام الأمني" الانفصالية تمكّنت في خضمّ المواجهات من السيطرة على مقرّ الحكومة، واعتقال العشرات من العناصر الموالية لسلطة هادي.

وتقود أبوظبي قوات "الحزام الأمني" المتّهمة بالضلوع في عمليات قتل واحتجاز وتعدّيات خارج القانون، واستهداف ممنهج ومتواصل للخصوم السياسيين، وإدارة سجون سرّية تابعة للإمارات في جنوبي اليمن، الذي تدعم أبوظبي انفصاله عن البلاد.

ومع بداية المساء، تراجعت حدّة المعارك، وذكرت المصادر الأمنية للوكالة أن قوات "الحزام الأمني" باتت تسيطر على المدخلين المؤدّيين إلى منطقة كريتر، التي تضمّ القصر الرئاسي، حيث يقيم رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.

ووفقاً للمصادر الأمنية، بات الطرفان يتقاسمان السيطرة على أحياء المدنية.

وقال شهود إن المطار توقّف عن العمل، والمدارس أغلقت أبوابها، وكذلك المحال التجارية، وسط حالة من الشلل التام في المدينة.

وأفادت مصادر أمنية في عدن أن قوات التحالف العسكري التي تدعم الطرفين لم تتدخّل في المواجهات. وأضافت أن طائرات التحالف تحلّق في سماء المدينة من دون أن تقصف أي هدف.

وبعد ساعات من المعارك، طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي من قواته وقف إطلاق النار فوراً والعودة إلى ثكناتها.

وبُعيد اندلاع الاشتباكات في عدن، اتهم رئيس الوزراء، في بيان، الانفصاليين بالانقلاب على السلطة المعترف بها دولياً. وقال: "هناك في صنعاء يجري تثبيت الانقلاب على الجمهورية".

وعشية محاولة التظاهر التي تلتها الاشتباكات، دعا التحالف، في بيان، إلى التهدئة، بينما حذّرت وزارة الداخلية اليمنية من التظاهر.

في حين أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن قلقه إزاء التطوّرات السياسية والأمنية في عدن.

وأضاف ولد الشيخ أحمد، في بيان، أن هذه التطوّرات أسهمت في زعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، وأوقعت قتلى وجرحى بينهم مدنيون.

ودعا "كافة الأطراف إلى تهدئة الأوضاع وممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والاحتكام إلى الحوار والممارسات السلمية كأساس وحيد لحل الخلافات".

وأعرب المبعوث الأممي عن "استعداد الأمم المتحدة الدائم للمساعدة في حل الخلافات في هذا الوقت الحرج الذي يعيشه اليمن".

ويشنّ التحالف بقيادة السعودية، منذ مارس 2015، حملة عسكرية دعماً لسلطة هادي وفي مواجهة مليشيات الحوثيين.

وقُتل في اليمن منذ تدخّل التحالف أكثر من 9 آلاف يمني، بينما أُصيب أكثر من 50 ألف شخص آخرين. وتعمّق الأحداث في عدن النزاع وتهدّد بفصل دامٍ جديد وبتفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة.