عبد الله المجالي

 

مات الملك.. عاش الملك” عبارة متداولة في الأنظمة الملكية، فما إن يغمض الملك عينيه إيذانا بالرحيل من الدنيا يكون قد توج وريثه ملكا مباشرة، ولا يسع الناعي إلا أن يقول: “مات الملك.. عاش الملك الجديد”؛ ما يعني استمرارية الحكم وانتقاله بكل سلاسة ويسر، بل أكثر من ذلك استمرار المؤسسات، وهي عبارة تطمئن المواطنين؛ فالحكم والاستقرار مستمر.

 

مات أبو عبيدة.. عاش أبو عبيدة” فما إن أغمض البطل الهصور، والخطيب المفوه، وصادق أهله وأمته، صاحب الشخصية القوية والإطلالة البهية والنظرة الحنونة الممزوجة بالصلابة، الجميل دون ملامح، عينيه إيذانا بالرحيل إلى جنات الخلد، بإذن الله، للقيا الأحبة محمد وصحبه، بإذن الله، حتى قام وريثه ليكمل المسيرة، فلم يفرغ المقعد الذي كان يشغله من كانت مئات الملايين تنتظره وتأنس بصوته وتطمئن لرؤيته.

 

عاش أبو عبيدة، وأحسنت الكتائب إذ أبقت على ذات اللقب في رسالة صارمة للعدو؛ فإن أنتم نجحتم في اغتيال جسد أبي عبيدة الذي طالما أثخن فيكم، وسلب النوم من عيونكم، وأرقصكم على الجمر، وبات أصدق من قادتكم عند جمهوركم، فإنكم لن تنجحوا في اغتيال فكرة أبي عبيدة، ومنصب أبي عبيدة، ولثام أبي عبيدة، وصولات وجولات أبي عبيدة، وطعنات أبي عبيدة. فانتظروا إنا معكم منتظرون.

 

عاش أبو عبيدة، وأحسنت الكتائب إذ أبقت على ذات اللقب في رسالة صارمة لأذناب الكيان والمنافقين والمخذلين والجبناء، أن لا تفرحوا بغياب الملثم الذي كان ظهوره في كل مرة يغيظكم ويحفر في قلوبكم السوداء حفرا وأخاديد. لا تفرحوا كثيرا فالملثم لم يمت، وستسمعون منه ما يسيئكم دوما. فموتوا بغيظكم.

 

عاش أبو عبيدة، وأحسنت الكتائب إذ أبقت على ذات اللقب في رسالة للأصدقاء والأنصار والمحبين، فالملثم لم يمت، فهو مسلسل من الفداء والإباء والروح الشماء، مسلسل من القوة والأنفة والشجاعة واللغة الرصينة والرسائل البليغة. لن تحرموا طلته التي أرادها لكم العدو، بل سيطل عليكم كلما دعت الحاجة ليبشركم كما كان حاله دائما.

 

عاش أبو عبيدة، وأحسنت الكتائب إذ أبقت على ذات اللقب في رسالة للمجاهدين الذين كانوا ينتظرون طلته كما مئات الملايين، فالمسيرة ماضية ولن يفت في عضدها قوافل الشهداء. فها هو الملثم يعود، ولن يبقى المنصب شاغرا بإذن الله، وستظل المقاومة صامدة وحاضرة في كل التفاصيل رغم أنف الأعداء.

 

مات أبو عبيدة.. عاش أبو عبيدة” ولا عزاء للكيان وأذنابه.