استحوذ التوترات الأخيرة بين السعودية والإمارات على اهتمام وسائل الإعلام، وبخاصة بعد أن وصلت إلى ذروتها بإقدام المملكة على قصف شاحنتي أسلحة تابعتين للإمارات في وقت مبكر من صباح الثلاثاء أثناء قيامها بتفريغ شحناتهما من الأسلحة لدعم القوات الانفصالية المدعومة منها.

 

يأتي ذلك بعد أن توغل المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الأخيرة إلى مناطق جديدة، من بينها مدينة المكلا الساحلية في حضرموت التي كانت تسيطر عليها قوات التحالف بقيادة السعودية، والذي كان يضم أيضًا قي مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.

 

بيان سعودي حول السفينتين

 

وقالت الرياض في بيان لها إن السفينتين أوقفتا أنظمة التتبع الخاصة بها وأفرغتا الأسلحة والمركبات المدرعة على متنهما.

 

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، في بيان: "في يومي السبت والأحد، تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء (الفجيرة) إلى ميناء (المكلا) دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن في حضرموت، المهرة بهدف تأجيج الصراع؛ مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015".

 

وأضاف المالكي: "استنادًا لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي حضرموت والمهرة، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية محدودة استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية"، بحسب البيان.

 

وأعرب المجلس الانتقالي الجنوبي عن "قلقه البالغ" إزاء الضربات، مدعيًا أنها استهدفت على وجه التحديد وحداته النخبوية في حضرموت، وهي محافظة استراتيجية تقع على الحدود مع المملكة.

 

تصعيدًا حاد بين السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي

 

وقالت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، إن الغارات الجوية تشكل تصعيدًا حادًا بين السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتُظهر علنًا تزايد التوتر بين الرياض وأبوظبي، اللتين دعمت فصائل مختلفة داخل اليمن، على الرغم من كونهما شريكتين في الحرب ضد الحوثيين.

 

ووجهت وزارة الخارجية السعودية تحذيرًا مباشرًا للإمارات العربية المتحدة بشأن دورها في دعم المجلس الانتقالي الجنوبي، واصفةً إياه بأنه "خطير للغاية"، وحثتها على اتخاذ تدابير للحفاظ على العلاقات الثنائية.

 

وفي بيان منفصل، قالت الرياض إن "أمنها القومي خط أحمر". وأشارت إلى أنه على الإمارات الاستجابة لدعوة رئيس المجلس الرئاسي اليمني للقوات الإماراتية لمغادرة البلاد.

 

ويشير هذا التصعيد في التوترات إلى أن الصراع في اليمن يزداد عمقًا. ففي الجنوب، يوسع المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على حضرموت والمهرة، وهما منطقتان نجتا إلى حد كبير من القتال المباشر لأكثر من عقد من الزمان.

 

وتُعد هذه المناطق ذات أهمية استراتيجية، إذ تحتوي على الجزء الأكبر من احتياطيات النفط في اليمن والموانئ الرئيسة.

 

وفي الشمال، لا تزال قوات الحوثيين متمركزة، بما في ذلك في العاصمة صنعاء.

 

الحرب الأهلية في اليمن

 

وتصاعدت الحرب الأهلية في اليمن عام 2014 عندما سيطر الحوثيون على صنعاء، مطالبين بتشكيل حكومة جديدة وخفض أسعار الوقود.

 

وفي وقت لاحق استولوا على القصر الرئاسي، مما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على الاستقالة والفرار أولاً إلى عدن ثم إلى المنفى في المملكة العربية السعودية.

 

وفي مارس 2015، شكلت المملكة تحالفًا من دول الخليج، من بينها الإمارات، لشن غارات جوية وفرض عقوبات اقتصادية على الحوثيين في محاولة لإعادة حكم هادي.

 

كما فرض التحالف حصارًا بحريًا لمنع وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

 

وفي السنوات التي تلت ذلك، نفذت السعودية والإمارات آلاف الغارات الجوية ضد الحوثيين، في حين دعمت الإمارات أيضًا القوات الانفصالية في الجنوب مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، مما زاد من تعقيد الصراع.

 

تفاقم الأزمة الإنسانية

 

وبحسب مجلس العلاقات الخارجية، فإن تدخل دول الخليج حول اليمن إلى ساحة معركة إقليمية بالوكالة على طول خط الانقسام السني الشيعي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

 

ويحذر المحللون من أن التوسع الأحادي السريع للمجلس الانتقالي الجنوبي قد يؤدي إلى استفزاز الجماعات المنافسة، وتعميق عدم الاستقرار، ودفع البلاد نحو تقسيم فعلي.

 

بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، قال رَشاد العَلِيمِي رئيس المجلس الرئاسي في اليمن والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في حديثه مع دبلوماسيين يمنيين في 23 ديسمبر، إن تصرفات المجلس الانتقالي الجنوبي تهدد الاستقرار الداخلي وتقوض أمن الدول المجاورة.

 

وأكد أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول الشراكة في الحكم إلى تمرد ضد الدولة أو محاولة لفرض الواقع بالقوة".

 

كما حذر من أن تصرفات المجلس الانتقالي الجنوبي قد تعقد الأمن الإقليمي والجهود الدولية لحماية الطرق البحرية وإمدادات الطاقة والشحن التجاري في بحر العرب والبحر الأحمر وخليج عدن.

 

ورددت هذه المخاوف. ففي 25 ديسمبر، أكدت المملكة أن التحركات العسكرية الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي تمثل "تصعيدًا غير مبرر" وتضر باليمنيين وأهداف التحالف الأوسع.

 

ويسعى المجلس الانتقالي الجنوبي، من جانبه، إلى استعادة جنوب اليمن كدولة مستقلة، وإحياء الحدود التي كانت موجودة قبل توحيد البلاد في عام 1990. وقد رفع أنصاره مؤخرًا علم جنوب اليمن ونظموا مظاهرات تدعو إلى الانفصال.

 

https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/saudi-arabia-uae-yemen-conflict-stc-b2892014.htm