يكتب جويل سناب أن فكرة الروتين الصباحي المثالي تبدو مغرية، لكنها في الواقع غير موجودة بشكل واحد يناسب الجميع. يوضح أن المؤثرين يروجون لوصفات جاهزة للاستيقاظ والنشاط، بينما يكشف التاريخ أن أكثر الشخصيات إنتاجًا اتبعت عادات شديدة الاختلاف، ما يؤكد أن الأهم ليس التوقيت الصارم أو الطقوس القاسية، بل وجود روتين بسيط ومتكرر يمنح اليوم دفعة هادئة وبداية ذكية.

 

 وتشير الجارديان إلى أن وجود روتين صباحي ثابت يساعد العقل على الانتقال التدريجي إلى مسؤوليات اليوم، ويمنح الذهن شعورًا بالسيطرة والوضوح. كما يؤكد الخبراء أن إدخال التغييرات بشكل تدريجي، عادة واحدة في كل مرة، يزيد فرص الالتزام ويحوّل السلوك الجديد إلى عادة تلقائية.

 

استيقظ وتحرك مع الضوء

 

لا يفرض الروتين الصباحي وقتًا محددًا للاستيقاظ، بل يعتمد على ما يسمى بالنمط الزمني للجسم، أي الوقت الذي يشعر فيه الإنسان بأفضل أداء ذهني وبدني. يحتاج معظم البالغين إلى ما بين سبع وتسع ساعات من النوم، ويُفضّل أن يستيقظ الجسم تلقائيًا دون منبه قدر الإمكان.

 

يساعد التعرض لضوء الصباح الطبيعي على ضبط الساعة البيولوجية، حيث يقلل إفراز الميلاتونين، ويزيد السيروتونين، ويحسّن المزاج وجودة النوم ليلًا. ينصح المختصون بالخروج ولو لدقائق قصيرة في الصباح، سواء عبر المشي أو الجلوس قرب النافذة مع فنجان قهوة. كما يساهم الابتعاد عن الهاتف أثناء الحركة الصباحية في تنشيط مناطق الدماغ المرتبطة بالتأمل والتفكير الإبداعي، ما يعزز القدرة على حل المشكلات وبناء أفكار جديدة.

 

قهوة وحركة بلا تعقيد

 

لا تدعم الدراسات الحديثة الادعاء القائل بضرورة تأخير شرب القهوة لمدة ساعة أو أكثر بعد الاستيقاظ لتجنب التعب لاحقًا. تؤكد الأبحاث أن الكافيين لا يسبب هذا الانهيار المزعوم، بل يعزز الأداء البدني، خاصة عند ممارسة الرياضة.

 

يفضل كثيرون ممارسة التمارين في الصباح، حتى لو كانت بسيطة. ترتبط التمارين الصباحية بتحسين النوم وتقليل الدهون في الجسم، كما تسهّل الالتزام الرياضي قبل أن تتداخل مشاغل اليوم. لا يتطلب الأمر تمارين شاقة، بل يمكن الاكتفاء بحركات بسيطة داخل المنزل، مثل تمارين تعتمد على وزن الجسم، تُنشّط العضلات والمفاصل وتمنح دفعة طاقة سريعة.

 

عقل هادئ وبداية متزنة

 

تشير الدراسات إلى أن التعرض للماء البارد صباحًا قد يرفع مستوى الإندورفين والدوبامين، ما يحسن المزاج ويزيد اليقظة. يوصي خبراء العافية بالمزج بين الماء الساخن والبارد أثناء الاستحمام لتحقيق فوائد جسدية ونفسية دون صدمة مفاجئة.

 

تلعب الكتابة الصباحية دورًا مهمًا في تخفيف التوتر. أظهرت أبحاث أن تدوين الأفكار والمشاعر لبضع دقائق يوميًا يحسّن الصحة النفسية والجسدية. تساعد هذه الكتابة الحرة على تفريغ القلق وتنظيم الأفكار، ويمكن البدء بأسئلة بسيطة مثل: ما أكثر ما يشغلني اليوم؟ أو ما الشيء الأهم الذي أريد التركيز عليه؟

 

أما التأمل، فلا يشترط جلسات طويلة أو صمتًا تامًا. يمكن الاعتماد على تمارين تنفس قصيرة مثل تقنية 4-7-8 لتنظيم الجهاز العصبي. يضيف بعض المدربين خطوة الحركة الخفيفة، ثم الانخراط في نشاط مُغذٍ للروح، مثل قراءة سطر شعري أو احتساء الشاي بهدوء.

 

يؤكد الخبراء أن سر الصباح الجيد لا يكمن في الاستيقاظ عند الخامسة فجرًا أو اتباع طقوس معقدة، بل في الاستمرارية والمرونة. تكفي لحظات صغيرة من العناية بالنفس لتغيير نبرة اليوم بالكامل، ومنح الإنسان شعورًا بالهدوء والسيطرة، حتى وسط عالم سريع ومضطرب.


https://www.theguardian.com/lifeandstyle/2025/dec/26/perfect-morning-routine-happy-healthy-start-showers-sunshine