يرصد هيئة تحرير العربي الجديد واقعة وفاة معتقل شاب داخل قسم شرطة بضواحي القاهرة بعد ساعات قليلة من توقيفه، في حادثة أعادت إلى الواجهة المخاوف بشأن أوضاع الاحتجاز وسوء معاملة المعتقلين، في وقت تكشف فيه تقارير حقوقية حديثة عن عشرات الآلاف من الانتهاكات داخل المنظومة الأمنية المصرية منذ عام 2013.
يوضح العربي الجديد أن الشاب، البالغ 35 عاماً، فارق الحياة داخل قسم شرطة المحلة ثالث بعد توقيفه بساعات، ما فجّر موجة قلق جديدة بشأن التعذيب وظروف الاحتجاز. نقل مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن خالد محمد أبو حبة، تاجر سيارات وأب لأربعة أطفال من المحلة الكبرى، دخل القسم واعياً وقادراً على الحركة، قبل أن تُبلَّغ أسرته بوفاته بعد نحو نصف ساعة فقط.
وفاة غامضة وشبهات تعذيب
أكد مركز الشهاب أن ظروف التوقيف تثير شبهة التعذيب وسوء المعاملة داخل مقر الاحتجاز. روى أفراد من الأسرة وشهود عيان أن معاون المباحث أحمد رفعت السعيدي أوقف أبو حبة في مقهى، وفتشه من دون العثور على شيء، ثم اعتدى عليه لفظياً، وقيده بالقوة بمساعدة مخبرين، وصادر مفاتيح سيارته. سمعته أسرته بعد دخوله القسم بدقائق يناشد محاميه قائلاً إنه معتقل من دون أي اتهام.
أفادت شهادات نقلها المركز أن الجثمان خرج من القسم بلا حراك، وعليه آثار توحي بصعق كهربائي وضرب مبرح وإهانة واضحة، من دون استدعاء سيارة إسعاف. رغم ذلك، سجّل تقرير النيابة سبب الوفاة على أنه أزمة قلبية، من دون الإشارة إلى أسباب أو علامات اعتداء، ما عزز مخاوف الأسرة من محاولة طمس الحقيقة. طالب مركز الشهاب بتحقيق عاجل ومحايد، معتبراً الواقعة انتهاكاً جسيماً للحق في الحياة، فيما التزمت وزارة الداخلية الصمت.
نمط ممتد من الانتهاكات المنهجية
تزامنت الواقعة مع صدور تقريرين حقوقيين في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، رسما صورة قاتمة لانتهاكات طويلة الأمد داخل شبكة الاحتجاز في مصر. وثّق تقرير لمنظمة “هيومن رايتس إيجيبت” بعنوان “حصاد الظلم” 20,344 حالة إخفاء قسري منذ يونيو 2013، بينها 1,333 حالة خلال عام 2025 وحده. أحصى التقرير 1,266 وفاة داخل أماكن الاحتجاز بين 2013 و2025، وعزا عدداً كبيراً منها إلى الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز.
سلّط التقرير الضوء على أحكام الإعدام الجماعية بحق مئات السجناء السياسيين، مع تسجيل 1,613 حكماً وتنفيذ 105 أحكام. كما رصد استمرار ما يُعرف بإعادة تدوير القضايا، حيث تُوجَّه اتهامات جديدة للمعتقلين فور صدور قرارات بإخلاء سبيلهم، مسجلاً أكثر من 2,700 واقعة بين 2018 و2021، إضافة إلى حالات لاحقة حتى 2024.
التعذيب والمساءلة الغائبة
كشف تقرير مشترك للمنصة المصرية لحقوق الإنسان ولجنة العدالة عن “كوارث إنسانية” ناجمة عن الإهمال الطبي، استناداً إلى شهادات سجناء سياسيين سابقين. سجّلت لجنة العدالة 39 وفاة داخل أماكن الاحتجاز منذ مطلع 2024، وأكثر من 35 حالة تعذيب نفسي أو بدني أو جنسي بين يناير ويونيو. وثّق مركز النديم 55 حالة تعذيب فردي خلال 2024.
بين عامي 2020 و2023، تتبعت لجنة العدالة 31,450 انتهاكاً داخل السجون وأماكن الاحتجاز، شملت الحرمان التعسفي من الحرية، والإخفاء القسري، وسوء ظروف الاحتجاز، والتعذيب، والوفيات داخل الحجز. قال المحامي الحقوقي خلف بيومي، مدير مركز الشهاب، إن هذه الأرقام تعكس تدهوراً غير مسبوق في وضع حقوق الإنسان، مستشهداً بتزايد أعداد المعتقلين، وسجلات المختفين قسرياً، ونداءات الاستغاثة من السجون، والانتهاكات التي تتعرض لها النساء.
أشار بيومي إلى استمرار الانتهاكات رغم توصيات المراجعة الدورية الشاملة لملف مصر في الأمم المتحدة عام 2025، معتبراً أن السلطات تجاهلت الدعوات إلى تقليص الحبس الاحتياطي، وحظر الإخفاء القسري، والحد من التجاوزات داخل السجون. عبّر عن أمل في أن تسهم “اللجنة الشعبية للدفاع عن سجناء الرأي”، التي أُعلن عن إطلاقها حديثاً، في تصعيد المطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ولا سيما النساء والمرضى وكبار السن، ووضع حد لدوامة الإفلات من المساءلة.
https://www.newarab.com/news/egypt-detainee-death-adds-mounting-rights-violations

