قال معهد الدبلوماسية والاقتصاد (instituDE) ببروكسل، إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بتصنيف ثلاثة فروع لجماعة "الإخوان المسلمين" كـ "منظمات إرهابية"، يعكس جهودًا متواصلة من الإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل"، بدعم من حكومات عربية أخرى.

 

وأضاف أنه على الرغم من أن هذا التصنيف يعكس ضغوطًا جيوسياسية إقليمية أكثر منه مخاوف محلية أمريكية، إلا أنه سيخلق تعقيدات لتركيا وقطر، اللتين تربطهما علاقات وثيقة بالجماعة.

 

تصنيف الإخوان وضغط القوى الإقليمية

 

ووصف المعهد الذي أسسه مجموعة من الدبلوماسيين الأتراك، جماعة الإخوان بأنها "ليست منظمة هرمية أو مركزية الإدارة"، بل "حركة عابرة للحدود الوطنية ذات ترابط فضفاض، يتشارك أتباعها أفكارًا جوهرية معينة، لكنهم يعملون من خلال فروع محلية التنظيم".

 

وأوضح أن "هذا الافتقار إلى سلطة مركزية يجعل تطبيق أي تصنيف شامل لمكافحة الإرهاب أمرًا صعبًا، ويحد من اتساق هذا الإجراء بين مختلف الدول".

 

وأشار إلى أنه في هذه المرحلة، لا يشمل التصنيف الأمريكي سوى فروع الإخوان في مصر والأردن ولبنان. ولا تزال أنشطة الحركة في الدول الأخرى خارج نطاق القرار، مع أن هذا الوضع قابل للتغيير".

 

ولفت إلى فشل محاولات سابقة في واشنطن لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ "منظمة إرهابية"، إذ عارضت وزارة الخارجية والبنتاجون الفكرة، بحجة أنها ستؤدي إلى نتائج عكسية، إلا أنه في ظل ولاية ترامب الرئاسية الجديدة، خفت حدة المقاومة البيروقراطية، وأصبحت الإدارة أكثر استعدادًا لتجاهل الاعتراضات المؤسسية.

 

ومع الأخذ في الاعتبار وجود مخاوف محلية، إلا أن معهد الدبلوماسية والاقتصاد (instituDE) رأى أن الدافع الرئيس وراء هذا التصنيف جاء من خارج الولايات المتحدة. فلطالما صوّرت الإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل" والمملكة العربية السعودية جماعة الإخوان المسلمين كقوة مزعزعة للاستقرار، وحثّت واشنطن على اتخاذ موقف مماثل.

 

وأبرز كيف أن بنت الإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص بنت جزءًا كبيرًا من سياستها الخارجية الإقليمية على احتواء نفوذ الإخوان المسلمين والحد منه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

أنقرة لن تغير مسارها

 

لكن التقرير قال إنه من غير المرجح أن يُغيّر التصنيف الأمريكي الجديد موقف تركيا السياسي تجاه الإخوان المسلمين. فقد كانت حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا داعمًا رئيسيًا لها، حتى بعد التقارب مع الدول العربية.

 

وأوضح أنه بعد حملة القمع عام 2013، انتقل معظم قادة الإخوان المصريين إلى تركيا والمملكة المتحدة. ولا تزال أنقرة تستضيف أعضاءً من الإخوان المصريين، بعضهم مُجنّس.

 

وأشار إلى أنه على الرغم من أن أنقرة منعت الإخوان لاحقًا من انتقاد مصر ودول الخليج الأخرى، إلا أنها لا تزال تعمل ضمن حدود مُحددة.

 

ورأى معهد الدبلوماسية والاقتصاد (instituDE)، أنه "من منظور السياسة الأمريكية، قد يعزز التزام أنقرة بجماعة الإخوان المسلمين الاعتقاد بأن تركيا تستضيف جهةً أخرى تُصنّفها واشنطن منظمةً إرهابية، في أعقاب خلافاتٍ طويلة الأمد حول حماس".

 

وأوضح أنه على الرغم من أن هذا التطور من غير المرجح أن يُحدث شرخًا في العلاقات الأمريكية التركية، إلا أنه سيعزز الرواية السائدة - وخاصةً داخل الحزب الجمهوري - بأن تركيا تتبنى إطارًا مُتباينًا وانتقائيًا لمكافحة الإرهاب. 

 

لكنه أشار إلى أنه من وجهة نظر أنقرة، فإن الحفاظ على العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين قد يحتفظ مرة أخرى بقيمة استراتيجية على المدى الطويل.

 

النهج البراجماتي لتركيا 

 

ورصد التقرير كيف أن تركيا تبنت سابقًا نهجًا براجماتيًا تجاه الجهات الفاعلة الأكثر إثارة للشكوك. وانخرطت تركيا مع فرع تنظيم القاعدة في سوريا ودعمت لاحقًا خلفاءه، بما في ذلك هيئة تحرير الشام تحت قيادة أحمد الشرع، على الرغم من اعترافها رسميًا بهم كمنظمات إرهابية.

 

 وقال معهد الدبلوماسية والاقتصاد (instituDE) لإن هذا الدعم التركي ساعد في سقوط نظام الأسد، وبعد ذلك ضمنت القيادة السورية الجديدة الشرعية في إدارة ترامب.

 

وبالمثل، قال إن علاقة تركيا الطويلة الأمد مع حماس أثارت انتقادات مستمرة من إسرائيل والعديد من الحكومات الغربية. على الرغم من أن السفير الأمريكي في تركيا، توم باراك، جادل لاحقًا بأن انخراط أنقرة مع حماس سهّل وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن العلاقة تطلبت من تركيا الاستمرار في السير على حبل مشدود لسنوات.

 

من ناحية أخرى، لم يتم تصنيف حماس، وهي فرع من جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، رسميًا كمنظمة إرهابية في كل من مصر والأردن، كما يشير التقرير.

 

العمليات المالية للجمعيات المرتبطة بالجماعة في تركيا

 

مع ذلك، رأى التقرير أن تصنيف ترامب لجماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابيةً أجنبيةً قد يعقد العمليات المالية للشركات والمؤسسات والجمعيات المرتبطة بالجماعة في تركيا.

 

وقال إنه في حال تطبيق عقوبات ثانوية، قد تواجه البنوك والشركات التركية التي تتعامل مع هذه الكيانات مخاطرَ تتعلق بالامتثال. وفي هذا الصدد، يُتوقع أن تُكثّف تركيا وقطر جهود الضغط في واشنطن للحدّ من نطاق هذا التصنيف.

 

وذكر معهد الدبلوماسية والاقتصاد (instituDE) أن تصنيف فروع مختارة من جماعة الإخوان المسلمين لا يُحدث تغييرًا جذريًا في المنطقة، بل هو قرار ذو دوافع سياسية بالأساس، يهدف إلى تلبية رغبات "إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة.

 

مع ذلك، رأى أن هذا الإجراء سيُقيّد قدرة الإخوان على ادعاء الشرعية السياسية، ويُعقّد عملياتهم الدولية. كما سيضع تركيا وقطر في موقف أكثر صعوبة، مُجبرًا كليهما على التكيف مع ضغوط قانونية ومالية ودبلوماسية جديدة.

 

https://www.institude.org/opinion/the-brotherhood-designation-is-not-a-game-changer-for-turkey