تتواصل موجة الغضب داخل مواقع العمل التابعة للشركة الحديثة للغاز الطبيعي "مودرن جاس" في عدد من المحافظات، رغم حملات التوقيف والملاحقات الأمنية التي طالت ما لا يقل عن 25 عاملًا خلال الأيام الماضية، في محاولة لإجبارهم على إنهاء الإضراب المستمر منذ نهاية نوفمبر. ورغم التهديدات والضغوط، أكّد العمال المضربون أن احتجاجاتهم متواصلة في سوهاج وقنا والشرقية وطهطا، وسط حالة من التوتر غير المسبوق بين العمال والإدارة.

 

اعتقالات متزامنة وتهديدات بالفصل

 

وفق شهادات حصلت عليها المنصّة من عدد من العمال، أكّد أحدهم أن مجموعة من زملائهم لا يزالون محتجزين داخل قسم أول سوهاج، بينما يظل مكان احتجاز العدد الأكبر غير معلوم، ما أثار قلقًا بالغًا بين أسرهم وزملائهم.

 

ويروي عامل آخر أن قوات أمنية داهمت منازل عمال في سوهاج وقنا مساء الجمعة، وألقت القبض على نحو 15 عاملًا دفعة واحدة. ويمضي قائلًا: "يوم الأحد منعونا من البصمة وقالوا اللي مش هيشتغل هيتحبس... وهددونا بفصل 11 عامل بتهمة التحريض، الناس اتضغط عليها واضطرت ترجع الشغل في بعض المواقع".

 

وفي قنا، لم يكن المشهد مختلفًا؛ إذ تحدّث عامل ثالث عن منع العمال من بصمة الحضور وإغلاق أبواب الموقع أمامهم. وأضاف: "فجأة ظهروا عربيتين شرطة ونزل منهم عساكر ومخبرين جريوا ورا العمال وقبضوا على أكتر من 10".

 

إضراب بدأ من قنا.. ثم امتدّ إلى المحافظات

 

بدأ الإضراب في قنا يوم 25 نوفمبر للمطالبة بإنهاء نظام العمل من الباطن الذي يخضع العمال لعقود مع "المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات"، بدلًا من التعاقد المباشر مع "مودرن جاس". ومع اليوم التالي، التحق عمال سوهاج بالإضراب، ثم توسّع ليشمل مواقع في الشرقية ومدينة بدر بالقاهرة.

 

مطالب قائمة.. وحقوق مهدرة

 

يقول العمال إنهم يتقاضون رواتب متدنية، يُقتطع منها أكثر من 25% لصالح شركة المقاولات، إلى جانب حرمانهم من التأمينات والإجازات الرسمية والمرضية. ويؤكد أحدهم: "إحنا شغالين في أخطر مواقع الغاز، لكن مافيش تأمين.. ولا حقوق.. ولا حتى إجازة رسمية".

 

إدارة الشركة "تخترق" وسائط التواصل

 

وفق شهادات العمال، أكّدوا أن إدارة "مودرن جاس" اخترقت مجموعة واتساب الخاصة بهم، ونشرت رسائل تحذيرية بأن الهواتف مراقبة، وهو ما أدى إلى شبه توقف في التواصل بين العمال في المواقع المختلفة.

 

مؤسسات حقوقية تدخل على الخط

 

أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن تضامنها مع العمال المضربين، مؤكدة أن تجاهل الحكومة لتطبيق قوانين العمل، وهي صاحبة السيطرة على القطاع، يعكس مساحة واسعة من الإفلات من العقاب في القطاع الخاص.

 

كما أصدرت دار الخدمات النقابية والعمالية بيانًا أكدت فيه أن نظام عقود الباطن يمثل "مدخلًا للاستغلال وحرمانًا من الحقوق"، منددة باستخدام القوة الأمنية لمواجهة احتجاجات سلمية، وداعية إلى الإفراج الفوري عن جميع العمال المحتجزين، ووقف نظام العقود الوسيطة نهائيًا.

 

خلفية عن الشركة

 

تتبع "مودرن جاس" الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" التابعة لوزارة البترول. وقد نشأت بعد دمج ثلاث شركات: غاز الأقاليم، سيناء للغاز، غاز القاهرة، لتقديم خدمات تركيب وصيانة وتوصيل الغاز للمنازل والمشروعات الكبرى، بينها مشروعات العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة.