في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأحد، أنه أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مكتفيًا بالإقرار بحدوث الاتصال دون الكشف عن فحواه. وبينما تحفظ ترامب على التفاصيل، كشفت مصادر أمريكية أن واشنطن عرضت على مادورو المغادرة إلى روسيا أو دولة أخرى، في محاولة أخيرة لتفادي مواجهة عسكرية مباشرة وسط حشد عسكري أمريكي غير مسبوق في منطقة البحر الكاريبي شمل نشر أكبر حاملة طائرات أمريكية وتحليق قاذفات استراتيجية وتنفيذ 21 غارة بحرية منذ سبتمبر أسفرت عن مقتل 83 شخصًا على الأقل.

 

مكالمة غامضة وطلب استقالة فورية

 

قال ترامب، للصحفيين على متن طائرة الرئاسة ردًا على سؤال عما إذا كان تحدث مع مادورو، "لا أريد التعليق على الأمر. الإجابة هي نعم، ولا أستطيع أن أقول إنها سارت بشكل جيد أو سيئ.. لقد كانت مكالمة هاتفية". وفيما تحفظ ترامب على تفاصيل الاتصال، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ماركواين مولين إن واشنطن عرضت على مادورو المغادرة إلى روسيا أو دولة أخرى، موضحًا أنه مُنح فرصة للمغادرة. ونقلت صحيفة Miami Herald عن مصدر مطلع لم تسمه قوله إن الاتصال بين الرئيسين كان محاولة أخيرة لتفادي مواجهة مباشرة، وإن الجانب الأمريكي طالب باستقالة مادورو الفورية، وهو ما رفضته كاراكاس. كما أشارت تقارير صحفية، بينها وول ستريت جورنال، إلى أن المحادثة تناولت شروط العفو المحتمل حال تنحيه.

 

خلفية التوتر: اتهامات بالمخدرات وإنكار فنزويلي

 

تأتي هذه الخطوة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وكراكاس، مع اتهامات الولايات المتحدة للرئيس الفنزويلي بالضلوع في شبكات المخدرات، وهو ما ينفيه الأخير متهمًا الأولى باختلاق حرب ضده. منذ سبتمبر/أيلول الماضي، شنت القوات الأمريكية ما لا يقل عن 21 غارة على قوارب في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ قالت إنها تستخدم لتهريب المخدرات، ما أسفر عن مقتل 83 شخصًا على الأقل، وسط تقارير عن تعزيز وجود القوات الأمريكية في المنطقة. هذه العمليات تمثل تحولاً نوعيًا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه فنزويلا، حيث تحولت من الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية إلى مواجهة عسكرية مباشرة في المياه الإقليمية المحيطة بفنزويلا.

 

حشد عسكري غير مسبوق منذ عقود

 

نفذت واشنطن عروضًا للقوة الجوية في المنطقة بالأسابيع الأخيرة، مع تحليق قاذفات من طراز "B-52" و"B-1" قبالة سواحل فنزويلا، كما وصلت أكبر حاملة طائرات أمريكية "USS Gerald R. Ford" إلى منطقة البحر الكاريبي، منتصف الشهر الجاري، مكملة بذلك حشدًا للقوات العسكرية الأمريكية في المنطقة لا مثيل له منذ عقود. هذا الحشد العسكري الضخم يرسل رسالة واضحة إلى نظام مادورو بأن واشنطن جادة في تهديداتها، ويمثل تصعيدًا خطيرًا قد يفضي إلى مواجهة عسكرية مباشرة في حال رفض كاراكاس الرضوخ للمطالب الأمريكية بتنحي مادورو.

 

تهديد بعمليات برية وتوسيع نطاق المواجهة

 

الخميس الماضي، ألمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ قريبًا عمليات برية لمواجهة شبكات تهريب المخدرات في فنزويلا، موسعًا بذلك نطاق العمليات التي كانت تتركز سابقًا على البحر. هذا التصريح يعني أن الولايات المتحدة قد تنتقل من مرحلة اعتراض القوارب في المياه الدولية إلى شن عمليات داخل الأراضي الفنزويلية، ما يعني تجاوزًا صريحًا للسيادة الوطنية لفنزويلا ومخاطرة بنشوب حرب إقليمية أوسع نطاقًا. المكالمة الهاتفية بين ترامب ومادورو تأتي في هذا السياق كمحاولة أخيرة لإيجاد مخرج دبلوماسي قبل أن تنزلق المنطقة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، لكن رفض مادورو للاستقالة يعني أن احتمالات التصعيد تبقى مرتفعة، وأن المنطقة قد تشهد في الأسابيع المقبلة تحولات خطيرة قد تغير المشهد السياسي والأمني في أمريكا اللاتينية بشكل جذري.