شهدت محافظة الإسكندرية تطوراً لافتاً في أجواء الانتخابات البرلمانية، بعد أن ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المحامي والمرشح لمجلس النواب عن دائرة المنتزه أحمد فتحي عبد الكريم، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء، عقب نشره مقطع فيديو صادم على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" يوثق ما قال إنها وقائع تزوير داخل أربع لجان انتخابية بالمحافظة.
وبحسب مصادر من داخل الحملة الانتخابية للمرشح، فإن الفيديو الذي نشره عبد الكريم مساء أمس في بث مباشر لمشاهد لأحد القضاة المشرفين على العملية الانتخابية وهو يقوم بفتح صناديق الاقتراع وإعادة فرز البطاقات بشكل يخالف القواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية.
الفيديو حصد خلال ساعات قصيرة على أكثر من 2.5 مليون مشاهدة، وتداولته مئات الصفحات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط حالة من الجدل والغضب الشعبي بشأن نزاهة العملية الانتخابية في البلاد.
https://www.facebook.com/almstshar.ahmd.fthy/videos/1336265514645591
وأكدت الحملة أنها فقدت الاتصال الكامل بالمرشح منذ نشر الفيديو، مرجحة أن يكون قد تم توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية، خاصة بعد مداهمة مقر الحملة الانتخابية فجر اليوم، ومصادرة بعض الأجهزة والمستندات الخاصة بالعمل الانتخابي.
وأوضحت أن الفريق القانوني للحملة بدأ التواصل مع الجهات المعنية لمعرفة مكان احتجازه وأسباب القبض عليه، مشيرة إلى أنه تم تقديم شكاوى رسمية إلى اللجنة العليا للانتخابات، ووزارة الداخلية، والنائب العام، للتحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤولين عن التزوير.
وقالت مصادر مقربة من المرشح إن ما حدث يمثل سابقة خطيرة في تاريخ الانتخابات البرلمانية الحديثة، إذ لم يسبق أن تم احتجاز مرشح بسبب توثيقه مخالفات انتخابية.
واعتبرت أن ما جرى "رسالة تخويف" لباقي المرشحين الذين قد يحاولون كشف التجاوزات، مضيفة أن الحملة "لن تصمت" وستتخذ كل الإجراءات القانونية الممكنة لضمان سلامة مرشحها والإفراج عنه.
من جانبها، رفضت الهيئة الوطنية للانتخابات التعليق على الحادثة. وقال المستشار أحمد البنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة، في تصريح مقتضب، إن الواقعة "قيد الفحص"، دون تقديم أي توضيحات إضافية حول مصير المرشح أو مدى صحة ما ورد في الفيديو.
وتأتي الواقعة في وقت تتزايد فيه شكاوى المواطنين والمرشحين بشأن مخالفات انتخابية واسعة تشمل شراء الأصوات، وحشد الناخبين أمام اللجان، وتدخل بعض الجهات في توجيه العملية الانتخابية.
ورغم الانتشار الواسع لهذه الشكاوى على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تصدر أي بيانات رسمية من الجهات المختصة حتى الآن توضح طبيعة التجاوزات أو ما إذا تم فتح تحقيقات بشأنها.
يُذكر أن المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية اختُتمت أمس الثلاثاء، بعد يومين من التصويت شملت 14 محافظة، على أن تُجرى المرحلة الثانية يومي 21 و22 نوفمبر للمصريين في الخارج، و24 و25 نوفمبر داخل 13 محافظة أخرى. وتخضع العملية الانتخابية لإشراف قضائي كامل وفقاً للقانون، إلا أن منظمات حقوقية عديدة أشارت إلى ضعف الشفافية في بعض الدوائر، وغياب الرقابة المستقلة.
ويأتي تنظيم انتخابات مجلس النواب بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات مجلس الشيوخ التي بلغت نسبة المشاركة فيها 17.1% فقط، في ظل سيطرة شبه كاملة للقائمة الوطنية المدعومة من عبد الفتاح السيسي، والتي يتوقع أن تحصد أيضاً غالبية المقاعد في مجلس النواب الحالي، بعد ترشحها منفردة في جميع دوائر القوائم المغلقة.
وتشير التقديرات السياسية إلى أن القائمة الوطنية ستفوز بـ284 مقعداً من أصل 568، وهو ما يعزز استمرار الغلبة البرلمانية للتيار المؤيد للحكومة، في مقابل تراجع واضح للأحزاب المعارضة التي دخلت الانتخابات ضمن نفس التحالف الانتخابي.
ومع استمرار الغموض حول مصير المرشح أحمد فتحي عبد الكريم، تزداد الدعوات الحقوقية والسياسية المطالبة بالإفراج عنه وفتح تحقيق عاجل في واقعة التزوير التي كشفها، وسط تساؤلات واسعة حول مستقبل العملية الانتخابية ونزاهتها في ظل هذه الأجواء المشحونة.

