تشهد مدينة الفاشر في شمال دارفور وضعًا إنسانيًا بالغ الخطورة، بعد أسابيع من سيطرة قوات الدعم السريع عليها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور الأوضاع المعيشية لمئات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل المدينة.

حذّرت منظمة عدالة لحقوق الإنسان في بيانها الأخير من “كارثة إنسانية متصاعدة” تهدد حياة السكان المدنيين في الفاشر، مؤكدة أن الوضع تجاوز حدود التحذير وأصبح “مأساة إنسانية مكتملة الأركان”.

ووفقًا لما نشرته شبكة أطباء السودان، فإن آلاف المدنيين باتوا محتجزين قسرًا داخل المدينة الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية والخدمات الطبية. وأشارت الشبكة إلى أن المستشفيات تعمل بأدنى طاقتها بسبب انعدام الإمدادات وانقطاع الاتصالات والكهرباء، مما يجعل إنقاذ المصابين والمرضى شبه مستحيل.

وأكدت الشبكة أن ما يجري في الفاشر يمثل جريمة إنسانية مكتملة الأركان، حيث تتواصل الانتهاكات ضد المدنيين، خاصة النساء والفتيات، اللواتي يتعرضن لعمليات اغتصاب وعنف جسدي ممنهج على أيدي عناصر من قوات الدعم السريع المنتشرة في المدينة.

كما حمّلت شبكة الأطباء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن استمرار المأساة، متهمة إياهم بـ“التقاعس المخزي” عن التدخل العاجل لحماية المدنيين، وبتجاهل الدعوات المتكررة لإنشاء ممرات إنسانية آمنة تتيح خروج العائلات من مناطق الخطر وإدخال المساعدات الطبية والغذائية.

وفي سياق متصل، أعلنت لجان طوارئ شمال دارفور أنها استقبلت خلال الأيام الماضية مئات الأسر النازحة في مخيم كساب، بعد فرارهم سيرًا على الأقدام من الفاشر، في رحلة محفوفة بالمخاطر وسط القصف ونقاط التفتيش العسكرية. وتحدثت اللجنة عن أوضاع مأساوية داخل المخيم، حيث يفتقر النازحون إلى أبسط مقومات الحياة، من مأوى وغذاء ورعاية طبية.

وفي تقرير منفصل، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 88 ألف شخص نزحوا من الفاشر منذ أواخر أكتوبر، بعد اشتداد المعارك وسيطرة قوات الدعم السريع على معظم أحياء المدينة. وأشارت المنظمة إلى أن معظم النازحين يعيشون في العراء دون مساعدات تذكر، وأن طرق الإمداد مقطوعة تمامًا نتيجة المعارك الدائرة بين الدعم السريع والقوات الحكومية في محيط المدينة.

وطالبت منظمة عدالة لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي عاجل تحت إشراف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لمحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين في دارفور، داعية إلى إرسال بعثة مراقبة دولية لتوثيق الجرائم وضمان حماية الناجين.

واختتمت المنظمة بيانها بالتحذير من أن “الصمت الدولي يشجع الجناة على مواصلة جرائمهم”، مؤكدة أن ما يحدث في الفاشر ليس مجرد أزمة محلية، بل جريمة ضد الإنسانية تهدد استقرار الإقليم بأكمله وتمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية المجتمع الدولي في حماية المدنيين في مناطق النزاع.

https://www.facebook.com/JHRNGO/posts/1150291627228380?ref=embed_post