أعلن حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية بحكومة الانقلاب، عن زيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى مصر خلال العام الحالي تتراوح بين 20 و25 بالمائة، مؤكدًا أن التركيز في المرحلة الحالية ينصب على دعم المستثمر المحلي وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني.

وتتناقض تصريحات الوزير التي جاءت في مقابلة تلفزيونية مع تقارير نشرت أوائل العام الجاري رصدت هروب العديد من المستثمرين إلى دول الخليج، بسبب الأجواء غير المواتية للاستثمار في مصر، وللاستفادة من التسهيلات الاستثمارية الجذابة التي توفرها تلك الدول مقارنة بالبيئة الاستثمارية الصعبة التي تواجهها في مصر، والتي تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة.

وصرح رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، محمد الأتربي، بأن هناك 2360 شركة مصرية انتقلت إلى الإمارات خلال النصف الأول من عام 2024، محذرًا من الآثار السلبية لهذا النزوح الاستثماري على الاقتصاد المصري، والتي وصفها بالتهديد الخطير، بخاصة أن مصر تمتلك كافة الإمكانيات للتطور، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة المشكلات التي تواجه الشركات محليًا.

وقفز عدد الشركات المصرية في السعودية من 500 إلى 4 آلاف شركة، وتضاعف رأس مال الشركات من 5 مليارات ريال إلى 50 مليار ريال. وحصلت شركات مصرية على 30 بالمائة من تصاريح الاستثمار السعودية خلال الربع الأول عام 2024 .

فيما احتل المصريون المرتبة الثالثة بين الجنسيات الأكثر تأسيسًا للشركات في دبي بعد الهند وباكستان خلال النصف الأول من 2024. وبلغ عدد الشركات المصرية الجديدة المسجلة بدبي 2355 شركة.
 

أسباب الشركات من مصر
وأرجع محلون اقتصاديون، انسحابِ عدد كبير من الشركات من مصر خلال السنوات الأخيرة إلى مجموعة من الأسباب:

  • عدم استقرار العملة المحلية
    كان وجود أكثر من سعر صرف للدولار أمام الجنيه من أهم أسباب انسحاب الشركات في مصر منذ عام 2019 وحتى 2024، فقد كان الدولار عالميا ب42 جنيها، وفي الداخل يباع ب60 و70 جنيها، بينما استقر السعر الرسمي على 31 جنيها، وكان تقييد الوصول للعملة الأجنبية ووضع حد أقصى للسحب من الأرصدة، وعدم السماح بصرف العملات الأجنبية والمطاردات المستمرة لمن يملك عملة أجنبية ومصادرة أمواله وإخضاعه لعقوبات متنوعة من أهم أسباب ارتفاع تكلفة الإنتاج على الشركات، وبالتالي خروجها من مصر.
     
  • انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين
    يتفق جميع المستثمرين أن السوق المصري أكبر سوق استهلاكي في الشرق الأوسط، لكن الانخفاض الحاد والسريع في القدرة الشرائية للمواطنين أدى إلى تراجع كبير في أرباح تلك الشركات، مع ارتفاع تكلفة الخدمات الحكومية المقدمة وزيادة الضرائب على الشركات وعدم تحقيقها لأي هامش ربح، بل خسائر متزايدة، مما أدى إلى خروجها.
     
  • الاختلالات الهيكلية
    الشكوى من البيروقراطية وطول أمد إجراءات الاستثمار والحصول على التصاريح لا ينتهي، وذلك على الرغم من البوابة الإلكترونية وصناديق الاستثمار المعلن عنها وإعلانات الحكومة المستمرة عن تزليل العقبات أمام المستثمرين، إلا أن الأمر على أرض الواقع أوضح صعوبة أكبر بكثير من دول قريبة للغاية، وخصوصا السعودية والإمارات اللتين كانتا من أكثر الدول الجاذبة للاستثمارات التي خرجت من مصر، سواء كانت شركات وطنية أو أجنبية على الرغم من حجم السوق الصغير.
     
  • انخفاض نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد
    يقول أحمد المستكاوي، كبير الاقتصاديين في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، إن استثمار القطاع الخاص في المشروعات الكبرى لا يتجاوز 26 بالمائة من إجمالي الاستثمارات، وهو ما يشكل مصدر قلق، ويؤكد الكثير من الاقتصاديين وأصحاب الشركات التي خرجت من مصر أن المنافسة مع الشركات الحكومية والخاضعة للمؤسسة العسكرية مستحيل تقريبًا، فهي شركات لا تدفع ضرائب، وتعتمد على موظفين من الجنود لا يحصلون على رواتب؛ لأنهم في فترة تجنيد إجباري، مما يجعل تكلفة التشغيل مضاعفة على الشركات الخاصة مع منافسة غير عادلة.

 

كيف يحدث انسحاب الشركات من مصر؟
يحدث انسحاب الشركات من مصر بأكثر من طريقة، ووفقًا للتجارب المتنوعة لعشرات الشركات، والتي تمثلت في: 

  • الإغلاق التام للمصانع: كما حدث في جنرال موتورز ومرسيدس ونستلة وغيرها من شركات أجنبية كان لها مصانع عاملة، فأغلقتها وسرحت العمالة.
  • الاندماج مع شركات خارج مصر: مثلما حدث مع شركة أبيتيتو التي تأسست في مصر لتوصيل طلبات البقالة، إلا أنها اندمجت مع شركة "جملتي" السعودية، وأصبح اسمها نومو وانتقلت إلى الرياض.
  • وقف العمليات التجارية: كما حدث مع شركة "تابي" الإماراتية لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا، والتي أوقفت عملياتها التجارية بعد 5 أشهر فقط في السوق المصري؛ نتيجة معدلات التضخم المرتفعة وانخفاض قيمة العملة، وأوقفت شركة "جلوفو" لطلب وتوصيل الطعام عملياتها بالطريقة نفسها.
  • بيع الحصص: كما حدث مع فودافون العالمية التي باعت حصتها في فودافون مصر والبالغة 55 بالمائة إلى STC السعودية، وعلى الرغم من أن فودافون العالمية أوضحت أن القرار يأتي لتركيز استثماراتها، إلا أن التصريحات لم تخل من إشارة واضحة إلى أن السوق المصري لم يعد الأفضل للشركة.