أعربت النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص في مصر عن قلقها البالغ تجاه قرار الحكومة، برفع أسعار الوقود بأنواعه بنسب تتراوح بين 10% و12%، إلى جانب زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والمياه.
وانتقدت النقابة بشدة ما وصفته بـ"نهج تحميل الطبقة العاملة أعباء الإصلاح الاقتصادي"، دون مراعاة لتدهور مستوى المعيشة وانهيار القوة الشرائية للمواطنين.
 

النقابة: القرار يفتقر للتوقيت والعدالة
قال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إن توقيت القرار الحكومي "غير مسؤول"، ويزيد من الضغط على المواطنين، خاصة العمال وأصحاب المعاشات، في ظل ما تشهده البلاد من ارتفاع جنوني في الأسعار وتكاليف الحياة الأساسية.
وأكد خليفة في تصريحات صحفية أن المواطن البسيط لم يعد يحتمل مزيدًا من الأعباء، مطالبًا الحكومة بالكف عن تمويل عجز الموازنة من جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، في غياب كامل لأي خطوات حقيقية لتحسين الأجور أو ضبط الأسواق.
 

الاقتصاديون يحذرون: التضخم سيلتهم الدخول
من جانبه، قال الدكتور خالد فوزي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن رفع أسعار الوقود بهذا الشكل في ظل غياب زيادات موازية في الأجور سيؤدي إلى موجة تضخمية جديدة، مؤكدًا أن "كل ارتفاع في أسعار الطاقة ينعكس تلقائيًا على تكلفة النقل والإنتاج، وبالتالي على أسعار السلع والخدمات".

وأشار إلى أن معدل التضخم السنوي في مصر تجاوز مؤخرًا حاجز 34% وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، محذرًا من أن أي زيادات جديدة في الأسعار "ستقضي فعليًا على أية قدرة شرائية للمواطنين، وتوسع رقعة الفقر".
ودعا فوزي الحكومة إلى إعادة هيكلة أولويات الإنفاق العام، ووقف استنزاف الموارد في مشروعات لا تمس الاحتياجات الأساسية للمواطن، والتركيز بدلاً من ذلك على دعم الفئات الأكثر تضررًا.
 

المجلس القومي للأجور في مرمى الانتقادات
ودعا خليفة إلى انعقاد عاجل للمجلس القومي للأجور، للنظر في تداعيات قرارات رفع الأسعار، وتنفيذ ما تنص عليه المادة 102 من قانون العمل الجديد (رقم 14 لسنة 2025)، بشأن مراجعة الحد الأدنى للأجور بما يتماشى مع متطلبات المعيشة. وطالب برفع الحد الأدنى إلى 9 آلاف جنيه شهريًا كحد أدنى لضمان الكرامة الإنسانية للعمال وأسرهم.
وأشار إلى أن المادة (103) تلزم المجلس بالانعقاد بشكل دوري أو عند الحاجة، مضيفًا أن الظرف الحالي استثنائي ويتطلب تحركًا فوريًا.
 

دعوة لتشديد العقوبات على المخالفين
وفي سياق متصل، طالب خليفة وزارة العمل باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ قرارات المجلس القومي للأجور، وفقًا للمادة (104) من القانون، وتشديد الرقابة على المنشآت التي تتهرب من تطبيق الحد الأدنى للأجور. ودعا إلى تغليظ العقوبات المنصوص عليها في المادة (287)، والتي تشمل غرامات تصل إلى 20 ألف جنيه عن كل عامل متضرر، مع مضاعفة العقوبة حال التكرار.
 

العدالة الاجتماعية... الغائب الأكبر
واختتم خليفة تصريحاته بمطالبة الحكومة بإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية التي وصفها بـ"الكارثية"، داعيًا إلى رقابة برلمانية ومجتمعية فعالة على الأسواق، والتسعير، والإنفاق العام.
وأكد أن الاستقرار الاجتماعي لن يتحقق إلا من خلال سياسات عادلة للأجور تراعي الأوضاع الاقتصادية الحقيقية للطبقات الكادحة، مشددًا على أن "الحق في الحياة الكريمة ليس ترفًا، بل استحقاق دستوري وأخلاقي".

وفي النهاية فإن زيادة أسعار الوقود والخدمات الأساسية في توقيت حساس يشير إلى تجاهل الحكومة لمتطلبات العدالة الاجتماعية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين. رغم الوعود المستمرة بتوفير حياة كريمة للمواطنين، فإن القرارات الأخيرة تساهم في زيادة العبء على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتزيد من الفجوة بين الأثرياء والفقراء.
مع غياب سياسات واضحة لتحسين الأجور وضبط الأسواق، تظل الأزمة الاقتصادية مستمرة، مما يهدد استقرار المجتمع ويدفع الطبقات العاملة نحو نقطة اللاعودة. من الضروري أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها الاجتماعية والاقتصادية وأن تكون أكثر حذرًا في اتخاذ قرارات تلامس قوت الناس اليومي.