يواصل عشرات المعتقلين  داخل ما يُعرف بـ"سجن الموت" في محافظة الوادي الجديد إضرابهم المفتوح عن الطعام للأسبوع الثاني على التوالي، احتجاجًا على ما وصفوه بعمليات النقل القسري والتنكيل الممنهج بحقهم بعد ترحيلهم من سجن المنيا في الرابع من أكتوبر الجاري.
الإضراب، الذي دخل مرحلة متقدمة وسط ظروف احتجاز قاسية، يعكس حالة من الاحتقان الإنساني داخل السجن الواقع في عمق الصحراء الغربية، والذي اكتسب سمعته القاتمة بسبب قسوته وبُعده الجغرافي عن المدن، ما جعله رمزًا لمعاناة المعتقلين وأسرهم على حد سواء.
 

مطالب إنسانية لا سياسية
المعتقلون المضربون أكدوا في رسائل نقلتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن تحركهم ليس سياسيًا، بل إنساني بحت. فهم يطالبون فقط بتطبيق ما تنص عليه اللائحة الداخلية للسجون من تسكين النزلاء في أماكن قريبة من محل إقامتهم، رحمةً بعائلاتهم التي تتحمل أعباء مادية وجسدية هائلة في سبيل زيارة ذويهم.

وتشير الشهادات إلى أن العديد من الأسر تضطر إلى قطع أكثر من 1500 كيلومتر ذهابًا وإيابًا لزيارة أحبّتها في الوادي الجديد، وسط أوضاع اقتصادية صعبة وارتفاع كبير في أسعار الوقود وتكاليف النقل. كثير من العائلات، وفق الشبكة، باتت عاجزة عن تحمل هذه المشقة المتكررة، مما يعني عمليًا حرمانها من حق التواصل الأسري والزيارة.
 

رحلات محفوفة بالمخاطر
لا تتوقف معاناة الأسر عند البعد الجغرافي والتكاليف الباهظة، بل تمتد إلى خطورة الطرق المؤدية إلى الوادي الجديد، حيث سجلت تقارير حقوقية وقوع حوادث مأساوية راح ضحيتها عدد من الأهالي أثناء رحلات الزيارة.
ويُذكر أن من أبرز تلك الحوادث وفاة مدير أمن الوادي الجديد قبل أشهر قليلة على الطريق ذاته، ما يسلط الضوء على واقع مرير يشمل الجميع دون استثناء.
 

قوانين غائبة وعدالة منقوصة
ورغم عدم وجود نص قانوني يُلزم مصلحة السجون بتسكين النزلاء بالقرب من أماكن إقامتهم، فإن الأعراف الإدارية والإنسانية داخل المنظومة العقابية تفرض مراعاة هذا البُعد الإنساني. غير أن الواقع يكشف عن ممارسة مغايرة، إذ يتحول السجن إلى عقوبة مزدوجة تطال المعتقل وأسرته في آن واحد.

فالحرمان من الزيارات المنتظمة، وفق الحقوقيين، يشكّل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ولحق السجين في التواصل الأسري، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية ومع روح القانون المصري نفسه.
 

تضامن حقوقي ودعوات للاستجابة
من جانبها، أعربت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن تضامنها الكامل مع المعتقلين المضربين، معتبرة أن مطالبهم المشروعة تستحق استجابة فورية من وزارة الداخلية ومصلحة السجون.
وأكدت الشبكة في بيانها أن استمرار تجاهل هذه الأزمة الإنسانية يفاقم من حالة الاحتقان داخل السجون، ويزيد من معاناة مئات الأسر التي تدفع ثمن البُعد والإهمال.

وطالبت الشبكة السلطات المصرية بـاحترام مبادئ العدالة الإنسانية، ونقل المعتقلين إلى سجون أقرب إلى أماكن إقامتهم، حفاظًا على النسيج الأسري ومنعًا لتفاقم الأزمات النفسية والاجتماعية التي تخلفها هذه الإجراءات.
 

“سجن الموت”.. اسم يعكس الواقع
يطلق الحقوقيون والمعتقلون السابقون على سجن الوادي الجديد اسم “سجن الموت”، في إشارة إلى الظروف القاسية داخله من حيث درجات الحرارة المرتفعة، والعزلة التامة، وصعوبة التواصل مع العالم الخارجي.

وتشير تقارير متطابقة إلى أن إدارة السجن تتبع سياسات صارمة في التعامل مع النزلاء، تتراوح بين الحرمان من التريض ومنع الزيارات والرقابة المشددة على الرسائل، ما يجعل الحياة داخله أقرب إلى العزلة القسرية التي تمتد لأشهر وربما لسنوات.

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/836249418756119?ref=embed_post