يتمتع الصوفية في مصر بحرية حركة واسعة في إقامة الاحتفالات والشعائر الخاصة بهم، والسماح لهم بممارسة أنشطتهم بكل أريحية، والتمدد في كافة أرجاء مصر من غير أن يتعرضوا لأي تضييق من من جانب سلطة الانقلاب الحالية في مصر.
وهي ممارسات لا تخلو في نظر المنتقدين من جهل وخرافة، وطقوس بدعية تتنافى مع الصوفية في جوهرها، التي تدعو للارتقاء بالروحانيات، وتشجع على الزهد والتقشف في الحياة.
لكن ما يتم رصده في موالد الأولياء الذين يزحف إليهم الصوفيون من كل صوب وحدب في مصر لا علاقة لذلك بالكلية، ناهيك عن أمور "شركية" تنافي عقيدة التوحيد يقع فيها المريدون والمحبون، وإن كان ذلك بطبيعة الحال ليس عن قصد.
إفساح المجال للصوفية
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يسمح النظام للصوفية بذلك، بينما يضيق عليهم في الدعوة وداخل المساجد، ويكمم أفواه غير المحسوبين، فلا يسمح لهم بالخطابة أو إلقاء الدروس، حتى باتت الساحة خالية إلا من الصوفيين، يفسح لهم الفضاء على الأرض، وفي وسائل الإعلام، وعلى شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
وفي حين ينظر مشايخ الصوفية إلى أنشطة المتصوفة باعتبارها وسيلة لتحصين الشباب مما يصفونها بالأفكار الهدامة، فإن ثمة محللين يفسرون موقف الدولة المتماهي معها، بأن طبيعة تلك الأنشطة لا تشكل خطرًا، لكونها تنحصر في أوراد وأذكار وشعائر بعيدة لا تتعارض مع السلطة، ولا تنازع الحاكم، ولا يتبنى خطابها أية مطالبات بالحقوق، ولا ترفع شعارات مناهضة لنظام الحكم الاستبدادي.
الصوفية ودعم الانقلاب
ولا يخفى موقف الصوفيين ومشايخهم في الانحياز للانقلاب على ودعمه، وكانوا من أشد الداعمين لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وقادوا حملات حشد لصالحه في مختلف المحافظات، وهو ما يعكس منذ بواكير الانقلاب مدى التناغم بين الجانبين، وعمل البعض منهم على استغلال هذا التقارب لتحقيق مكاسب شخصية.
وكان أبرز هؤلاء الذين استغلوا قربهم وولاءهم للنظام في مصر، علي جمعة، مفتي الدم، الذي حرض على قتل أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي إبان اعتصامهم في رابعة، والذي أعلن عن تأسيس طريقة صوفية جديدة يرأسها تحت مسمى "الشاذلية العلية المحمدية"، والتي اتخذت مقرها بجوار مسجد فاضل الذى أنشأه جمعة في مدينة 6 أكتوبر، ليكون بمثابة الروضة والساحة الدينية الخاصة بالطريقة.
وبسبب هذا التحالف مع السلطة، الذي يتجلى في دعم التأييد لها، وإظهار الولاء للدولة في مختلف المواقف، فإن ذلك يجعلها في مأمن بل وحماية الدولة نفسها، حتى أنها تجتذب كثيرًا من أصحاب المناصب الحساسة السابقة من ضباط جيش وشرطة وقضاة، وهو اتجاه يشجع عليه ويدعمه النظام، لتأمين نفسه الذي يخشى من أية تكتلات قد تنازعه في أمور الحكم، أو تأخذ صف المعارضة.