في ختام جلسات الانعقاد لمجلس النواب، أمس الخميس، ألقى رئيسه المستشار حنفي الجبالي ما بدا أنها كلمة وداعية للنواب بعد 5 سنوات في منصبه، مما قاله فيها: ".. فلم أكن يومًا أسعى إلى وجاهةٍ أو منصب، بل إلى رسالةٍ أؤديها وأمانةٍ أحمِلها، مؤمنًا أن المناصب ظلٌّ زائل، وأن البقاء لما يُكتب في سجل العمل الصادق".
يأتي هذا في الوقت الذي تواترت فيه أنباء عن اختيار رئيس جديد للمجلس عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة، وصفه الكاتب الصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية، مجدي الجلاد بأنه "شخصية دستورية وقانونية كبيرة وقوية"، دون أن يكشف عن اسمه، لكنه أوضح، أنه يمكن أن يأتي من الأعضاء المنتخبين أو المعينين.
حصاد الجبالي
ويغادر الجبالي، منصبه الذي تولاه في 12 يناير 2021 خلفًا لرئيس المجلس السابق علي عبدالعال، وذلك بعد انقضاء ولايته، التي شهدت تمرير البرلمان مئات من التشريعات المقيدة للحريات والمؤيدة لقرارات رفع الأسعار، بالإضافة إلى فرض رسوم إضافية على جميع السلع الأساسية والخدمات العامة، من دون اعتبار للفقراء الذين يئنون تحت وطأة الغلاء.
ومن القوانين التي أثار تمريرها جدلاً واسعًا، على قانون الإيجار القديم الذي وافق عليه المجلس في يوليو الماضي، وينص على إلغاء عقوده القائمة بعد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للمساكن و5 سنوات للوحدات التجارية والمكتبية.
وقد أثار اعتراضات واسعة أثناء المناقشات حوله تحت قبة البرلمان، ودفع 25 نائبًا للانسحاب من جلسة التصويت عليه احتجاجًا على عدم الاستجابة لاقتراح باستمرار العقود الحالية مع زيادة الإيجار حتى وفاة المستأجر الأصلي أو زوجته.
وفي آخر جلسات المجلس التي ترأسها الجبالي اليوم، صوت البرلمان الذي يتألف من نواب غالبيتهم من حزب "مستقبل وطن"، الظهير السياسي لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، على الرغم من الاعتراضات المتزايد حوله وانسحاب العديد من النواب، بسبب الاعتراض على انتهاك حقوق المتهم بإجراء التحقيق معه من قبل النيابة دون حضور محام عنه، رافضًا الاستجابة بالتوقف عن مناقشته وإحالة القانون إلى البرلمان المقبل.
حكم تيران وصنافير
والجبالي كان يترأس المحكمة الدستورية العليا قبل رئاسته للبرلمان، ومن أشهر أحكامه القضاء بـ"عدم الاعتداد بجميع الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة ببطلان اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية".
وكرمه السيسي عرفانًا بـ"دوره الهام" في حكم سعودية الجزيرتين، بتقليده وسام الجمهورية من الدرجة الأولى عقب تقاعده من القضاء في 2019.
وكان الجبالي قد أجرى الكشف الطبي اللازم لاستكمال أوراق الترشح للانتخابات، قبل أن يبلغه نائب رئيس حزب مستقبل وطن حائز الأغلبية، أحمد عبد الجواد، بأنه استُبعد من قائمة قطاع القاهرة ووسط وجنوب الدلتا، واستُبدل مكانه بالمستشار محمد عيد محجوب، رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض السابق، ليكون خليفة له في رئاسة المجلس.
وكأن التاريخ يعيد نفسه ليشرب من نفس الكأس الذي شرب منه سلفه علي عبدالعال، والذي خرج مغاضبًا، يقاوم الدموع بعد أن تخلى عنه حزب مستقبل وطن، عقب مسيرة امتدت 5 سنوات دافع فيها بكل ما أوتي من قوة عن قرارات الحكومة، ولم يخذلها في تشريع واحد.