أثار إعلان الهدنة بين إسرائيل وحماس نقاشًا واسعًا حول ملامح المرحلة المقبلة من الاتفاق، في وقت نشر فيه خبراء أتلانتيك كاونسل تحليلًا شاملًا تناول عشرين سؤالًا عن ما ينتظر المنطقة بعد إطلاق الرهائن وإفراج إسرائيل عن نحو ألفي أسير فلسطيني.

 

أكد الباحث داني سيتريونوفيتش أن تسليم حماس لجثامين الأسرى الإسرائيليين يمثل اختبارًا حاسمًا لنية الحركة في بناء الثقة، إذ يرى أن فشلها في ذلك سيقوّض المراحل التالية من الاتفاق ويعمّق الشكوك حول التزامها. وأضاف أن ضراوة الهجوم الإسرائيلي ربما جعلت الحركة تفقد السيطرة على أماكن دفن الجثامين، لكن العامل الأهم هو استعدادها للتعاون الكامل مع الوسطاء لإغلاق هذا الملف السياسي في آن.

 

من جانبه، أوضح دانيال موتون أن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة سيظل جزئيًا في المرحلة الثانية، لأن إسرائيل ستتمسك بالسيطرة على مناطق إستراتيجية مثل ممر فيلادلفيا على الحدود مع مصر. ويرى أن «انسحابًا كاملًا» لن يتحقق ما لم تتأكد إسرائيل من نزع سلاح حماس، وأن الاعتبارات الأمنية ستحكم قرارات تل أبيب أكثر من الضغوط الأمريكية.

 

أما أروى دامون فركّزت على الأوضاع الإنسانية، مشيرة إلى أن غزة تحتاج كل شيء تقريبًا: الغذاء، الدواء، المياه، والمأوى، خاصة مع اقتراب الشتاء. وأوضحت أن إدخال المساعدات يعتمد على موافقة إسرائيل التي تتحكم في المعابر، وأن نقص الإمدادات أدى إلى انتشار النهب، سواء من عصابات مسلحة أو من مدنيين يائسين، ما يجعل فتح الممرات الإنسانية بشكل كافٍ شرطًا لوقف الفوضى.

 

وتناول آلان بينو مستقبل حماس السياسي، معتبرًا أن قبولها الهدنة لا يعني اعتدالها، بل هو تكتيك للبقاء. ورجّح أن الحركة ستسعى للاحتفاظ بدور سياسي داخل غزة بمساندة مصر وتركيا، رغم اشتراط الخطة الأمريكية نزع سلاحها وتشكيل قوة أمنية دولية لإدارة القطاع.

 

ورأى ويليام ويتشلر أن اتفاق الهدنة يشكل فرصة لإحياء «اتفاقيات أبراهام»، إذ يمكن توسيعها إذا استُكملت المراحل التالية من خطة ترامب. واعتبر أن هذا التطور قد يعيد تشكيل الشرق الأوسط سياسيًا واقتصاديًا، ويقوّض نفوذ إيران وحلفائها.

 

وأشار دانيال شابيرو إلى أن الخطة الأمريكية تضع نتنياهو في مأزق سياسي لأنها تنص على بحث قيام دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه اليمين الإسرائيلي. واعتبر أن هذا البند قد يشعل الجدل الداخلي في إسرائيل ويؤثر على علاقاتها بالدول العربية.

 

وقالت جينفر جافيتو إن وقف الحرب سيعيد تسليط الضوء على العنف المتزايد في الضفة الغربية، إذ يستعد المستوطنون لتوسيع وجودهم مستفيدين من انشغال الجيش الإسرائيلي في غزة، بينما يضعف نفوذ السلطة الفلسطينية بسبب غياب الإصلاحات المطلوبة منها.

 

وأضاف جوناثان بانيكوف أن علاقة ترامب بنتنياهو تشهد مرحلة معقدة؛ فرغم دعم الرئيس الأمريكي لإسرائيل، فإن اعتمادهما المتبادل قد يتحول إلى عبء سياسي إذا تباينت مواقفهما لاحقًا حول تنفيذ الخطة.

 

وحذّر شالوم ليبنر من أن اليمين المتطرف في إسرائيل قد ينسحب من الائتلاف إذا شعر بأن الحكومة تتنازل في مفاوضات الهدنة، لكنه أشار إلى أن بقاءه مؤقت ريثما تتضح نتائج المراحل القادمة.

 

بدوره، ذكر توماس ووريك أن خطة ترامب تستند إلى مقترح من معهد توني بلير لإنشاء «سلطة انتقالية دولية لغزة» وقوة أمنية متعددة الجنسيات، تتولى إعادة الإعمار وضمان الاستقرار. وأكد أن نجاحها يعتمد على قدرتها على مواجهة أي مقاومة من حماس.

 

ورجّحت جينا أبركرومبي وينستانلي أن السلطة الفلسطينية ستتولى إدارة غزة بعد إصلاحها وإجراء انتخابات جديدة تمنحها شرعية أكبر، معتبرة أن وجود قيادة فلسطينية موحدة شرط أساسي للاستقرار.

 

أما علي بكير فرأى أن دور الدول العربية سيتركز في التمويل والمراقبة الأمنية، لكنه اشترط ضمانات واضحة من إسرائيل بشأن المستوطنات والدولة الفلسطينية قبل ضخ أي أموال لإعمار القطاع.

 

وأضاف ريتش أوتزن أن تركيا ستلعب دورًا محوريًا في المراقبة وإعادة الإعمار، رغم توتر علاقاتها بإسرائيل. وأشار إلى أن تعاون أنقرة مع القاهرة وواشنطن في هذا الملف قد يفتح صفحة جديدة من البراغماتية الإقليمية.

 

ورأى نيكولاس هوبتون أن إيران تتابع الاتفاق بقلق، إذ تعتبره تهديدًا لمحور المقاومة. وأوضح أن طهران ستركز على ترميم منشآتها بعد الهجمات الإسرائيلية وعلى إعادة بناء نفوذها عبر وكلائها في لبنان واليمن والعراق.

 

وأشار نيكولاس بلانفورد إلى أن «حزب الله» سيلتزم نسبيًا بالهدنة لكنه سيواصل تبرير سلاحه تحت شعار «المقاومة»، متوقعًا أن يؤدي استقرار غزة إلى توجيه ضغوط دولية جديدة لنزع سلاحه في لبنان.

 

وفي السياق ذاته، قال أسامة الروحاني إن الحوثيين في اليمن يرفضون الهدنة لأنها تقلل من نفوذهم، مرجّحًا أن يستغلوا أي ثغرة للعودة إلى الهجمات ضد إسرائيل حفاظًا على موقعهم داخل «محور المقاومة».

 

وبيّنت فيكتوريا تايلور أن الفصائل العراقية الموالية لإيران رحّبت بالهدنة لكنها توقفت عن مهاجمة القوات الأمريكية، لأن اهتمامها تحول إلى الانتخابات المقبلة داخل العراق أكثر من الصراع في غزة.

 

وذكرت سيليست كميتويك أن إنهاء القتال لن يوقف تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب، لكنه قد يسهّل جمع الأدلة وملاحقة مسؤولين من إسرائيل وحماس على السواء.

 

وأخيرًا، أوضح آر. كلارك كوبر أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل ستُعاد صياغتها بعد 2028 لتتضمن قيودًا على الأضرار المدنية، مع تعزيز التعاون التقني في الدفاع الصاروخي والطائرات المسيّرة.

 

يُبرز هذا التحليل الجماعي من أتلانتيك كاونسل أن اتفاق غزة ليس نهاية الحرب، بل بداية مرحلة معقّدة ستعيد رسم موازين القوى في المنطقة وتختبر مدى استعداد الأطراف كافة لتحويل الهدنة إلى سلام دائم.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/twenty-questions-about-the-next-phase-of-an-israel-hamas-deal/