لقيت فتاة مصرعها وأُصيبت 17 أخريات في حادث مروع بمحافظة بني سويف صباح اليوم الأحد، إثر انقلاب سيارة ربع نقل كانت تقل عاملات في طريقهن إلى العمل بمدخل طريق المصرف بمركز الواسطى شمال المحافظة، في مشهد أعاد إلى الأذهان حادث المنوفية المأساوي الذي أودى بحياة 18 فتاة قبل أشهر قليلة.

 

تفاصيل الحادث: شاحنة الموت تدهس الأحلام

تلقت مديرية أمن بني سويف إخطارًا من شرطة النجدة يفيد بوقوع حادث انقلاب سيارة ربع نقل كانت تقل عددًا من العاملات، حيث تبيّن وفاة فتاة تدعى "سناء هـ. م"، تبلغ من العمر 18 عامًا، مقيمة بقرية الميمون، وإصابة 17 آخرين، أغلبهم من الفتيات الصغيرات تتراوح أعمارهن بين 15 و22 عامًا.

المصابون توزعوا بين اشتباه في كسور بالذراع والساق والحوض، وإصابات دماغية نتيجة الارتجاج، إلى جانب كدمات وجروح متفرقة في أنحاء الجسد. وتم نقلهم جميعًا إلى مستشفى الواسطى المركزي.

وبحسب شهود عيان، فإن السيارة كانت تقل عددًا كبيرًا من الفتيات العاملات في أحد مصانع المنطقة الصناعية ببني سويف، وأدى إلى انقلاب السيارة عدة مرات على الطريق الترابي المؤدي إلى المصرف.

 

مأساة متكررة.. والضحايا من الفقراء دومًا

لم يكد الشارع ينسى فاجعة المنوفية في يونيو الماضي، حين احترقت أحلام 18 فتاة من قرية السنابسة بعد اصطدام ميكروباص كان يقلّهن بسيارة تحمل مواد بترولية، حتى تكررت المأساة اليوم في بني سويف، وبالسيناريو ذاته تقريبًا: عاملات في ريع الشباب، خرجن فجراً طلباً للقمة العيش، فعُدن جثثًا هامدة أو مصابات بإعاقات دائمة.

هذه الحوادث المتكررة أصبحت مرآة تعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في الريف، حيث تضطر الفتيات إلى ركوب سيارات نقل غير مخصصة لنقل الركاب، دون أي وسائل أمان أو إشراف من الجهات المختصة، فقط لأنهن يسعين وراء أجر يومي لا يتجاوز بضع مئات من الجنيهات.

 

وزير النقل يثير الجدل مجدداً

الشارع المصري لم ينسَ بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، عقب حادث المنوفية الأخير، عندما رفض الاستقالة أو تحميل الحكومة أي مسؤولية، قائلاً: "أنا قاعد لكم فيها لحد ما أموت... الكلية الفنية العسكرية علمتني أكون مقاتل".

هذه التصريحات، التي وُصفت بأنها "صادمة"، أعادت إلى الواجهة قضية غياب المساءلة السياسية في ملف الحوادث المرورية المتصاعدة، خاصة أن حوادث الطرق باتت تحصد أرواح مئات المواطنين سنويًا رغم مليارات الجنيهات التي تُنفق على مشاريع الطرق والكباري.

 

أرقام صادمة.. ومليارات لا توقف النزيف

وفقًا لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد ضحايا حوادث الطرق في مصر ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة، رغم المشاريع القومية التي أعلنت عنها الحكومة تحت شعار "مصر بلا حوادث".

ويرى خبراء النقل أن السبب لا يكمن فقط في الطرق، بل في غياب الرقابة على المركبات وسائقي النقل، وسوء الصيانة، وانعدام تطبيق معايير الأمان في وسائل نقل العمال، خصوصاً الفتيات في القرى والمناطق الصناعية.

 

أهالي الضحايا: "بناتنا بيموتوا عشان لقمة العيش"

في قرية الميمون، ساد الحزن العارم، وارتفعت أصوات النحيب أمام منزل الضحية الشابة "سناء"، التي خرجت فجراً مع صديقاتها إلى العمل في قبل أن تعود محمولة على الأكتاف. تقول والدة إحدى المصابات: "البنات بيشتغلوا عشان يساعدوا في مصاريف البيت.. بيركبوا عربية مكشوفة كل يوم من غير تأمين ولا رقابة.. ربنا ينتقم من اللي سايبهم كده".