في تغريدة أثارت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وجّه الكاتب والروائي عمار علي حسن انتقادًا حادًا لما وصفه بـ"المعارضة السياسية التي تُصنع بيد السلطة"، معتبرًا أن هذا النمط من العمل الحزبي لا يمكن أن يمثل المواطنين ولا يعبر عن الإرادة الشعبية، بل يتحول إلى مجرد زينة شكلية تزيّن بها السلطة واجهتها السياسية أمام الداخل والخارج.

وقال حسن في تغريدته: "المعارضة السياسية التي تُصنع بيد السلطة وعلى عينها لا يعول عليها، ولا يمكن الاطمئنان إلى تمثيلها للناس، ولا أداء دورها كما ينبغي، فالمعارضة إن لم تكن بديلا فهي مجرد قلائد زينة."

ويأتي هذا الموقف في سياق مناخ سياسي يشهد تحجيمًا واسعًا للمجال العام، وتضييقًا على الأصوات الناقدة، بينما تحاول بعض القوى القريبة من دوائر الحكم أن تقدم نفسها كـ"معارضة مقبولة" ضمن الحدود التي ترسمها السلطة.
 

معارضة بالتعيين واحتفال بالتهميش
يرى مراقبون أن ما أشار إليه عمار علي حسن ليس مجرد توصيف بل تشخيص دقيق لحالة "إدارة المعارضة" التي أصبحت جزءًا من المشهد السياسي المصري في السنوات الأخيرة، حيث يُسمح بوجود أحزاب وشخصيات تُمنح مساحة محدودة من التعبير، مقابل التزامها بعدم تجاوز الخطوط الحمراء.

وفي هذا السياق، انتقد الكاتب التهليل الذي يصدر عن بعض الأحزاب للسلطة السياسية لمجرد سماحها بترشح "بضع عشرات من الأفراد" في الانتخابات البرلمانية المقبلة، معلقًا بأن هذا "أمر يدعو للحزن والدهشة في آن واحد".
وأشار إلى أن السماح بالمشاركة الشكلية لا يعني وجود حياة سياسية حقيقية، بل يرسخ منطق السيطرة والتحكم في نتائج الانتخابات مسبقًا، ويجعل العملية برمتها أقرب إلى التمثيل الرمزي منها إلى التنافس الديمقراطي.
 

السلطة التي تضيق بالاختلاف
في تغريدته، لفت عمار علي حسن إلى أن المشكلة الأعمق ليست في غياب المعارضة فحسب، بل في ذهنية السلطة التي تعتبر النقد مؤامرة، قائلاً إن النظام الحاكم "يعتبر الصوت الذي ينقد ويتساءل ويرفض لحناً شيطانياً، أو مؤامرة على ما يسمونها وحدة الصف".

ويشير هذا التعبير إلى أزمة سياسية وثقافية في آن، حيث تُختزل مفاهيم الوحدة الوطنية والطاعة للدولة في الخضوع المطلق للحاكم، بما يعيد إنتاج نماذج الاستبداد القديمة التي تجاوزها التاريخ.
ويضيف الكاتب: "لا أعرف كيف يصطف الناس بلا تحاور ولا تشاور ولا تفاهم، إنما عنوة." وهي عبارة تلخص – وفق متابعين – واقع الحياة السياسية التي فقدت توازنها الطبيعي بين السلطة والمعارضة، وتحولت إلى مشهد أحادي الصوت لا يسمح بالنقاش أو النقد أو المشاركة الفعلية في القرار العام.
 

بين المعارضة الحقيقية والولاء المقنّع
ورغم انتقاده اللاذع، حرص عمار علي حسن على الإشارة إلى وجود مرشحين حقيقيين يسعون لخوض الانتخابات بدوافع نزيهة، مؤكدًا أن هؤلاء "لا يعنيهم ما يقال، لأنهم واثقون من شعبيتهم، وكل ما يريدونه هو انتخابات تتوافر فيها الحرية والنزاهة والعدالة."
بهذه الإشارة، يميز الكاتب بين المعارضة الأصيلة التي تنطلق من القواعد الشعبية، وبين المعارضة "الوظيفية" التي تُدار من فوق لخدمة صورة السلطة لا محاسبتها.

ويختم حسن فكرته بدعوة ضمنية لعودة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي، مؤكدًا أن من يضيق بالاختلاف "يريد للدولة أن تكون هو، وهو يكون الدولة"، وهي – كما قال – نزعة استبدادية تنتمي إلى عصور بائدة "دفعت البشرية الكثير من التضحيات في سبيل أن تفارقها."

 

الانتخابات والإعلام... تكريس للصوت الواحد
تتزامن تغريدة عمار علي حسن مع بدء العد التنازلي لانتخابات مجلس النواب المقبلة، والتي تراها دوائر المعارضة اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد السلطة لفتح المجال العام.
لكن المشهد الإعلامي، كما يراه مراقبون، لا يزال يسير في الاتجاه المعاكس، إذ تتحول المنابر الإعلامية إلى أدوات لترويج رواية واحدة تمجد إنجازات السلطة وتهاجم كل صوت مخالف.

وفي ظل هذا الواقع، تصبح دعوة الكاتب لإحياء المعارضة المدنية السلمية ليست مجرد موقف شخصي، بل صرخة في وجه التكلس السياسي، ورسالة تذكير بأن السياسة الحقيقية لا تُمارس في صمت، وأن الاختلاف هو جوهر التقدم لا نقيضه.