أثار النائب البرلماني فريدي البياضي جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية المصرية بعدما اتهم وزير التربية والتعليم بالكذب فيما يتعلق بملف البكالوريا الدولية، وأنه نظام اختياري وهو ما فتح بابًا جديدًا للنقاش حول مدى شفافية الحكومة في التعامل مع قضايا التعليم الحاسمة.
القضية بدأت عندما ظهر البياضي في حوار تلفزيوني مع إحدى المذيعات، حيث تلقى سؤالًا مباشرًا حول تصريحات الوزير الأخيرة بشأن البكالوريا الدولية وتطبيقها داخل مصر. وهنا لم يتردد النائب في الرد بشكل صريح، مؤكدًا أن ما قاله الوزير غير صحيح ويتناقض مع الحقائق. وأوضح البياضي أن ما صدر عن الوزير يدخل في إطار "محاولة تجميل الصورة" أمام الرأي العام، بينما الواقع مختلف تمامًا، فهناك تعليمات شفوية بتطبيق النظام بالإكراه.
وفي خطوة لاحقة عززت من حدة الموقف، نشر البياضي تدوينة مطوّلة على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك"، كذّب فيها بشكل واضح تصريحات الوزير، معتبرًا أن المواطن المصري لم يعد يحتمل المزيد من المراوغة في ملف حيوي مثل التعليم. وأكد النائب أن الوزارة بحاجة إلى مصارحة المجتمع بالحقائق بدلًا من الاكتفاء بالشعارات أو تقديم وعود لا تجد سبيلها إلى التنفيذ.
البكالوريا بين الطموح والواقع
ملف البكالوريا الدولية ليس جديدًا على الساحة التعليمية المصرية. فقد طُرح أكثر من مرة كمشروع يهدف إلى الارتقاء بجودة التعليم وربطه بالمعايير العالمية. إلا أن التطبيق العملي ظل محدودًا جدًا، وأحيانًا مجرد تصريحات إعلامية لا تدعمها خطوات ملموسة. وبيّن البياضي أن ما يقدَّم للرأي العام على أنه "نجاح" في هذا الملف، لا يعدو كونه إنجازات شكلية أو محاولات لامتصاص الغضب الشعبي من تدهور مستوى التعليم.
انتقادات للوزارة
النائب لم يكتفِ بوصف تصريحات الوزير بـ"الكاذبة"، بل لفت إلى أن الوزارة تتحمل مسؤولية مباشرة عن حالة الارتباك التي يعيشها أولياء الأمور والطلاب كل عام، سواء بسبب القرارات المفاجئة أو التراجع المستمر عن سياسات معلنة سابقًا. وأوضح أن اعتماد الوزارة على أسلوب التجريب دون دراسات علمية يترك أثرًا سلبيًا عميقًا على العملية التعليمية، مشددًا على أن الطلاب ليسوا "فئران تجارب".
رسالة للبرلمان والرأي العام
في تدوينته، وجّه البياضي رسائل عدة، أولها إلى البرلمان الذي ينتمي إليه، مطالبًا بمحاسبة الوزير على ما اعتبره "تضليلًا للرأي العام". كما خاطب الرأي العام مباشرة، مؤكدًا أن مهمته كنائب ليست فقط نقل مطالب الشعب، وإنما أيضًا كشف أي محاولة للتلاعب بالحقائق أو تزييفها. وهنا نوّه النائب إلى أن الصمت في مثل هذه القضايا يعني المشاركة في خداع المجتمع.
هل يتحرك البرلمان؟
تصريحات البياضي أعادت طرح تساؤلات مهمة حول قدرة البرلمان المصري على ممارسة دوره الرقابي بفاعلية. فهل ستبقى هذه التصريحات مجرد "مواقف فردية" لنائب معارض، أم أنها قد تدفع باتجاه فتح نقاش واسع تحت قبة البرلمان لمساءلة الوزير؟ بعض المراقبين يرون أن مثل هذه التصريحات تمثل فرصة لتصحيح مسار وزارة التعليم وإجبارها على الالتزام بالشفافية، بينما يشكك آخرون في إمكانية ترجمتها إلى خطوات عملية في ظل هيمنة السلطة التنفيذية على المشهد السياسي.
أزمة ثقة متصاعدة
في نهاية المطاف، تكشف هذه الواقعة عن أزمة ثقة متصاعدة بين الشارع المصري ووزارة التربية والتعليم. المواطن العادي لم يعد يثق بسهولة في التصريحات الرسمية بعد سنوات من القرارات المرتبكة والوعود المؤجلة. وهنا أكد البياضي أن استعادة الثقة تتطلب خطوات عملية جادة، تبدأ بالاعتراف بالأخطاء ومصارحة الناس، لا بالهروب إلى الأمام عبر إنكار الحقائق.
كما أن اتهام نائب برلماني لوزير التعليم بالكذب ليس حدثًا عابرًا، بل هو مؤشر على احتقان سياسي واجتماعي في ملف حيوي يمس كل بيت مصري. وبينما يترقب الشارع كيف سترد الوزارة على هذا الاتهام المباشر، يبقى السؤال الأهم: هل سيبقى الجدل في حدود الإعلام والتصريحات المتبادلة، أم أنه سيمتد إلى إجراءات فعلية قد تغير ملامح المشهد التعليمي في مصر؟