أثار تصريح وزير السياحة والآثار شريف فتحي، بشأن تسريب قضية سرقة أسورة المتحف المصري، موجة واسعة من الجدل والغضب. الوزير قال نصًا: "اللي عمل تسريب سرقة الأسورة الله يسامحه، هو أضر ولم يفد لأنه خلق البلبلة الموجودة حاليا، والموضوع كان يحتاج إلى هدوء أكثر حتى وصول التحقيقات لمرحلة أكثر تقدمًا". هذه الكلمات اعتبرها كثيرون محاولة واضحة للتستر على الفساد، بدل أن تكون دعوة إلى الشفافية والمحاسبة.
سرقة تهز صورة مصر السياحية
القضية لا تتعلق فقط بسرقة قطعة أثرية ثمينة، بل تمس سمعة واحدة من أعرق المتاحف في العالم، المتحف المصري بالتحرير، الذي يُعد أيقونة للتراث الإنساني. فاختفاء أسورة تاريخية من داخله يضع علامات استفهام خطيرة حول منظومة الحماية والأمن داخل المؤسسات الثقافية المصرية. والأخطر أن التسريب جاء من داخل الوزارة نفسها، وهو ما يعني أن هناك موظفين شعروا أن القضية قد تُدفن إذا لم تُكشف للرأي العام.
غضب شعبي من التستر
ردود فعل المواطنين على تصريح الوزير جاءت غاضبة. فقد اعتبر كثيرون أن حديثه لم يكن دفاعًا عن هيبة الدولة كما أراد، بل اعترافًا صريحًا برغبة في إخفاء الحقيقة. أحد المواطنين قال: "المفروض الوزير يشكر اللي سرّب، لأنه منع إخفاء الفضيحة. لكن للأسف عندهم الأولوية دايمًا إزاي يداروا على الفساد مش إزاي يحاسبوا الفاسدين".
ومن جهته نشر الكاتب الصحفي سليم عزوز " هي ليست أزمة وزير السياحة، أن يبدو ضائعًا على هذا النحو في قضية سرقة الإسورة من المتحف المصري، فلم يدفعه حتى الشغف الإنساني ليقف على تفاصيل ما جرى!"
وتابع الأزمة أن الوزير ليس وزيرًا، وفي كل الوزارات هناك «اللهو الخفي» الذي هو الوزير الحقيقي، فالأشخاص الذين نرى ومشاهد حلف اليمين هي إجراءات شكلية لاستكمال الشكل القانوني للدولة.
وأضااف "اختيارات «سدّ الخانة» هي القائمة في كافة المجالات، في مرحلة تم اختزال الدولة المصرية العريقة فيها في اثني عشر عامًا، لا زلنا فيها نتعرّف على الأشياء: فهذا بابا، وهذه ماما، وهذا تلفزيون، وهذا راديو، وهذه دولة، وهذا برلمان، وهذه أحزاب، وهذا وزير، وهذه شجرة، وهذا قانون، وهذا دستور، وهذا أنا، وهذا أنت، وهذا عنقود عنب! فرصة سعيدة تعرفنا خلالها على شكل وزير السياحة!".
https://x.com/selimazouz1/status/1969649746357768362
المحلل أحمد لطفي كتب " وزير الآثار: لا يوجد كاميرات في مركز الترميم ومن سرَّب خبر واقعة السرفة أضر بالوضع "الله يسامحه"! وزير الآثار:فيه عسكري شرطة السياحة في المتحف في غرفة الترميم وزارة الداخلية: مفيش شرطة سياحة في غرفة الترميم وزير الآثار: ده اللي اتقالي! حوار عبثي مش كده ما تستغربش البلد كلها كده".
https://x.com/AHMADLO13219562/status/1969497665630081475
وفي تغريدة أخرى كتب " وزير الآثار: لا يوجد كاميرات في مركز الترميم ومن سرَّب خبر واقعة السرفة أضر بالوضع "الله يسامحه"! وزير الآثار:فيه عسكري شرطة السياحة في المتحف في غرفة الترميم وزارة الداخلية: مفيش شرطة سياحة في غرفة الترميم وزير الآثار: ده اللي اتقالي! حوار عبثي مش كده ما تستغربش البلد كلها كده".
https://x.com/AHMADLO13219562/status/1969747605669187881
وكتب طارق سلامة " الوزراء أقل من المستوى معروفة. بس وزير السياحة الحالي ده مستوى تاني خالص، يعني راجل مالهوش أي حضور ومش عارفين جابوه للسياحة إزاي؟! عادي يعني، دي مصر بتاعت ظابط اتصال عبلة، بس الحاجة اللي فعلاً تضايقني إن افتتاح المتحف الكبير هيكون على إيده هو كوزير سياحة".
https://x.com/tariksalama/status/1969758139819159951
هذا الغضب الشعبي يعكس فجوة عميقة بين المواطنين والمسؤولين الذين يطالبون بالصمت، بينما الشعب يرى أن الشفافية وحدها كفيلة بحماية تراث مصر.
حماية اللصوص لا حماية الآثار
الكاتب وائل قنديل علّق على الموقف قائلًا إن ما يجري "جزء من ثقافة السلطة التي تخشى من الفضيحة أكثر من خوفها على التراث"، مشيرًا إلى أن الأنظمة الفاسدة عادة ما تعتبر التسريب خيانة، بينما الأصل أن يُعتبر إنقاذًا للحقيقة. وأضاف أن التستر لا يخدم سوى اللصوص، لأنه يمنحهم وقتًا لإخفاء الأدلة أو ترتيب الروايات الرسمية.
تاريخ طويل من الفضائح
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها مصر قضايا اختفاء أو تهريب قطع أثرية. خلال السنوات الماضية، تكررت أخبار العثور على قطع مصرية في مزادات علنية في أوروبا وأمريكا، بعضها خرج بطريقة غير شرعية. ورغم تصريحات متكررة من المسؤولين عن تشكيل لجان استرداد الآثار، فإن القضايا لا تنتهي، بل تتكرر مع كل جيل من الوزراء. وهو ما يضع سؤالًا صعبًا: هل المشكلة في منظومة الحماية نفسها، أم في غياب الإرادة السياسية لمحاسبة المتورطين؟