أثار مقطع فيديو صوّره أحد المواطنين في قرية السلامية التابعة لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا جدلاً واسعاً، بعدما وثّق خلو الوحدة الصحية بالقرية من الأطباء والممرضين، حيث ظهرت أبوابها موصدة بالأقفال في وقت كان من المفترض أن تكون فيه مفتوحة لاستقبال الأهالي وتقديم الرعاية الصحية الأساسية لهم.
المواطن التقط الفيديو وهو يتساءل بمرارة: "طيب إحنا نروح فين؟"، في إشارة إلى عجز السكان عن الحصول على خدمة طبية عاجلة في منطقتهم، خاصة أن الوحدة تعد بالنسبة لهم الملاذ الأول عند وقوع أي طارئ صحي.

 

تفاصيل الواقعة
تزامنت هذه الحادثة مع جولة مفاجئة لرئيس مركز نجع حمادي، حسين الزمقان، ضمن تعليمات محافظة قنا بمتابعة الخدمات المقدمة للمواطنين على أرض الواقع. وخلال الجولة المسائية، تبيّن أن الوحدة مغلقة بالكامل ولا يوجد بداخلها أي طبيب أو ممرض أو إداري. المشهد كشف بوضوح حجم التقصير في واحدة من أهم الخدمات العامة التي تعتمد عليها القرى الريفية، خاصة أن الوحدة الصحية يفترض أن تعمل على مدار أربع وعشرين ساعة لتلبية احتياجات المواطنين الطبية والطارئة.
 

معاناة المواطنين
أهالي القرية عبّروا عن استيائهم من غياب الطاقم الطبي، مؤكدين أن الأمر يتكرر بشكل متواصل وأنهم كثيراً ما يطرقون أبواب الوحدة دون جدوى، الأمر الذي يضطرهم للانتقال إلى مستشفيات بعيدة في نجع حمادي أو قنا، ما يزيد من معاناتهم وتكاليف علاجهم، فضلاً عن المخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها نتيجة التأخير في إسعاف الحالات الحرجة. هذه المعاناة تُعد أكثر قسوة بالنسبة لكبار السن والنساء الحوامل والأطفال الذين يحتاجون إلى متابعة طبية دورية.
فعلق حساب مصري " بص حضرتك لو معاك عربيه قديمه وعمل تجدد فيها من برا بس دهانات وچنوط واكسوارات كل ده خرجي بس هي من جوه خربانه بس انت مهتم بالشكل مصر كده دلوقتي خربانه من جوه وشكلها حلوه زي التجمع زايد العاصمة مدينتي غير كده كل حاجه بيظه".
https://x.com/MIRG1980/status/1969555795265114310

وأشار المستر " كل ده هيتباع للكفيل".
https://x.com/MeisterBit_8/status/1969492421273690336

وتهكم ياسر " أنتو مش ساكتين للمعلم بلحه كبارى".
https://x.com/YasserHossam_44/status/1969519917746524181
 

أبعاد الأزمة
الواقعة كشفت عن أزمة أعمق تتعلق بالرقابة والمتابعة داخل المؤسسات الصحية الريفية. فغياب الأطباء والممرضين في وقت العمل الرسمي يعكس خللاً في الالتزام الوظيفي وضعفاً في آليات التفتيش الدوري، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الثقة بين المواطن والجهات الحكومية. كما أن غياب الخدمات الأساسية في الوحدات الصحية يجعل المواطن يشعر بأنه مهمل ومجبر على البحث عن حلول بديلة مرهقة، في وقت يُفترض أن تكون هذه الوحدات خط الدفاع الأول عن صحته.
 

الحاجة إلى حلول عاجلة
ورغم اتخاذ إجراءات مبدئية بفتح تحقيق، إلا أن الحلول الحقيقية يجب أن تتجاوز مجرد العقاب الإداري. إذ يحتاج القطاع الصحي في القرى إلى خطط متكاملة تضمن توافر الكوادر الطبية باستمرار، وتحسين بيئة العمل داخل الوحدات لتشجيع الأطباء والممرضين على الالتزام، فضلاً عن توفير الأدوية والمستلزمات الضرورية التي تجعل الوحدة قادرة على أداء وظيفتها بشكل فعّال. كما أن هناك حاجة لتعزيز الرقابة المجتمعية، بحيث تكون للأهالي أداة للإبلاغ الفوري عن أي تقصير، ما يضمن سرعة الاستجابة.

ويلخص سؤال المواطن البسيط "طيب إحنا نروح فين؟" المأساة التي يعيشها كثير من أهالي القرى النائية في مصر. ففي الوقت الذي تُخصص فيه الدولة ميزانيات لتحسين المنظومة الصحية، تبقى هناك فجوات كبيرة في التنفيذ على أرض الواقع، وهو ما يجعل المواطنين أكثر عرضة للمعاناة. هذه الواقعة ليست مجرد خطأ إداري عابر، بل مشهد مصغر لمعاناة ريفية ممتدة. ومع انتشار هذه الفيديوهات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، يصبح من الضروري أن تتحرك السلطات بشكل حاسم لإعادة الثقة في الوحدات الصحية، وضمان ألا يضطر أي مريض لأن يطرح السؤال القاسي: "طيب إحنا نروح فين؟".