في جلسة حديثة لمجلس الأمن، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ("الفيتو") لرفض مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، إلى جانب رفع القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن، الأمر الذي حصل بدعم 14 من أصل 15 عضوًا آخرين في المجلس.

هذا الفيتو، الذي يُعد السادس من نوعه ضمن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، أثار ردود فعل غاضبة على المستويين الشعبي والتحليلي، حيث اعتُبرَت الخطوة دليلاً على حماية دبلوماسية قوية لإسرائيل، ورفضًا للمحاسبة الدولية.
 

ردود فعل النشطاء
رواد منصات التواصل عبّروا عن استنكار شديد لهذا الفيتو، معتبرينه "تواطؤًا سياسيًا" وأحيانًا "شراكة في المعاناة الإنسانية" في غزة، خاصة مع تصاعد التقارير عن المجاعة وتدهور الوضع المعيشي.

أين العدالة وأين الأمن؟!
في ربط مصير مليارات الشعوب ودماء مليارات الشعوب برفع يد أحد خمسة أشخاص؟!
"فيتو"
لماذا لايثور العالم على هذة العصابة النازية؟!#ドラマ40までに #depremoldu #kolade #يوم_الجمعة #Jungkook #TikTok pic.twitter.com/kw11fl3CoJ

— أحمد شرف (@ahmed70CT) September 19, 2025

 

عددٌ من الناشطين الفلسطينيين وصف الفيتو بأنه "خيانة للقيم الإنسانية"، وأن رفض الولايات المتحدة للقرار هو انتكاسة دبلوماسية تُظهر أن المطالب الدولية لوقف العنف تُقابل عادةً بسياسة حماية للتحالفات الاستراتيجية.

فليشهد التاريخ والعالم وحصي الارض علي ذلك.

— A7MD (@Thunder16A) September 19, 2025

 

آخرون انتقدوا أيضًا غياب الشروط في مشروع القرار التي تراعي وجهة نظر إسرائيل، مثل مطالبة بوضوح بإدانة هجمات حماس، والمخاوف من أن القرار يُرسل رسالة أن الطرف المعتدى عليه (إسرائيل) لا يمتلك الحق في الدفاع عن نفسه وفقًا لمواقف الولايات المتحدة.

الحرب الأمريكية الصهيوصليبية على غزة

— وحيد (@botosasa) September 19, 2025


تحليلات الخبراء
ياسر الذعاترة أكد أن استخدام الفيتو بهذه الطريقة يُعزز جدلًا حول مصداقية مجلس الأمن وقدرته على تنفيذ مهمته في حفظ السلم والأمن الدوليين، خصوصًا حين يكون هناك إجماع شبه كامل من الدول الأعضاء ولا يتبقى إلا الفيتو لعرقلة القرار.

بينما المحلل السياسي نظام المهداوي قال إن الولايات المتحدة عبر الفيتو تحاول الموازنة بين دعم إسرائيل وبين الضغوط الدولية التي تطالب بالتحرك الإنساني.
الفيتو، بحسبهم، يُعتبر إجراءً استراتيجيًا يُرضي قواعدها الداخلية وتحالفاتها، لكنه في الوقت نفسه يُكلفها سمعتها الدولية.

وأشار  الخبير الاستراتيجي حذيفة فريد " بعد استخدامها حق النقض -الفيتو- لمشروع وقف إطلاق النار الفوري في غزة مندوب باكستان يصفع الولايات المتحدة مجددا - ما حدث يوم أسود في التاريخ - مليوني فلسطيني يواجهون الموت على مدار عامين أمام العالم - حياة مليوني فلسطيني ليست سلعة يمكن الاستغناء عنها".
 

الدوافع المعلنة من الجانب الأمريكي
الولايات المتحدة برّرت الفيتو بأنها لا تستطيع دعم قرار لا يتضمن إدانة صريحة لحماس واعترافًا بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
كما قالت إنه من الضروري أن تُراعى الشروط التي تمنع أي نص يُعطي مكافآت لحماس أو يُبيّن تكافؤًا بين الجناة والضحايا.
 

التأثيرات المتوقعة والمخاوف
من المحتمل أن يؤدي هذا الفيتو إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، إذ يُعيق استصدار قرارات ملزمة دوليًا تُساعد على رفع الحصار أو توسيع إيصال المساعدات.

لدى بعض الدول في المجلس مخاوف من أن استمرار استخدام الفيتو بهذا الشكل يُضعف من قدرة المؤسسات الدولية على التدخّل عند الأزمات الكبرى، مما يفتح مجالًا لشرعية شبه مطلقة للدول الدائمة العضوية في تجاهل القرارات الدولية إن خالفت مصالحها.

للولايات المتحدة أيضًا مخاطرة سياسية داخلية وخارجية؛ داخليًا من الأصوات التي تنتقد سياستها تجاه حقوق الإنسان، وخارجيًا من صورة العجز عن قيادة دولية فعّالة، وقد تُستخدم هذه المسألة من قبل خصومها السياسيين والدوليين.

الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ليس مجرد إجراء دبلوماسي عادي، بل هو حدث يحمل دلالات كبيرة: عن موازين القوى الدولية، عن التوتر بين القيم الإنسانية والمصالح الاستراتيجية.
النشطاء يرونه انتهاكًا للعدالة، والخبراء يرونه تجربة حقيقية لاختبار قدرة الأمم المتحدة على تحقيق السلام والأمن عندما تصطدم المصالح الكبرى.

الأهم من كل ذلك أن هذا الفيتو يضع تساؤلات جوهرية: هل يملك مجلس الأمن حاليًا القدرة على التأثير الفعلي؟
وهل سيستمر العالم يشهد أزمات إنسانية تُعرقل فيها الفيتو خطوات دولية واضحة للوقف؟

ومع ازدياد الاستنكار والمعارضة، فإنه من المحتمل أن تزداد المطالب بإصلاح النظام الدولي، سواء عبر تغييرات في صلاحيات الفيتو، أو عبر توسعة ممثليته، أو عبر آليات جديدة للتدخل الإنساني التي لا تُعرقلها مصالح الدول الكبرى.