تتصاعد معاناة المصريين يومًا بعد يوم مع موجات الغلاء المتكررة التي تضرب أسعار الغذاء والطاقة والسكن، وسط عجز حكومي واضح عن ضبط الأسواق أو حماية المواطنين.

في هذا السياق، برزت تصريحات الإعلامي يوسف الحسيني، أحد أبرز وجوه النظام وأدواته الإعلامية، التي دعا فيها الحكومة إلى التدخل لحماية الناس.

لكن اللافت أن الحسيني كان طوال السنوات الماضية أحد أشد المدافعين عن سياسات الحكومة الاقتصادية، ما يجعل تصريحاته الأخيرة انعكاسًا لأزمة حقيقية باتت أكبر من قدرته على التجميل والتبرير، في وقت لم يعد فيه المواطن قادرًا على تحمل المزيد من الجوع والفقر.

 

الحسيني: انتقاد متأخر بعد دفاع مستميت

قال يوسف الحسيني:"الحكومة لازم تاخد إجراءات لحماية الناس من الغلاء الفاحش"، لكنه تناسى أنه كان طوال الوقت جزءًا من آلة التبرير التي تصف سياسات رفع الأسعار والضرائب بأنها "إصلاح اقتصادي".

اليوم، وبعد أن ضاقت صدور المصريين من الغلاء المستمر، لم يجد الحسيني ما يقوله سوى الانضمام إلى صفوف المنتقدين، في مشهد يعكس عجز النظام وإعلامه عن مواجهة غضب الشارع.
https://x.com/YAlhosseiny/status/1968390369680478532

 

مصر: حكومة تتهرب وإعلاميون يفقدون المصداقية

على أرض الواقع، لا يزال المواطن المصري يواجه الغلاء وحده، بينما تواصل الحكومة التهرب من مسؤولياتها.

وهنا يظهر التناقض الفج في موقف يوسف الحسيني:

فمن جهة يحاول الظهور بمظهر المنتقد الحريص على الناس، ومن جهة أخرى يبقى جزءًا من منظومة إعلامية تبرر كل قرار حكومي مهما كان أثره كارثيًا على حياة المواطنين.

ومع تزايد الغلاء، لم يعد هذا الخطاب مقنعًا للشارع، بل يُنظر إليه باعتباره محاولة يائسة للهروب من الغضب الشعبي.

 

خبراء: النظام مسؤول والإعلام شريك

يؤكد خبراء الاقتصاد أن جذور الأزمة تكمن في فشل السياسات الحكومية وغياب الرقابة الجادة، لكنهم يشيرون أيضًا إلى دور الإعلام الرسمي في تسويق هذه السياسات على أنها "إصلاحية".

الإعلاميون الموالون للنظام، مثل يوسف الحسيني، لعبوا دورًا رئيسيًا في التغطية على الفشل، والآن بعدما انفجرت الأزمة، يحاولون التبرؤ منها بانتقادات سطحية لا تغيّر من الواقع شيئًا.

 

ردود الفعل

أشار محمد:

" الركود الحالى هايخلى البلد كلها تقع، مفيش حكومة".

وقالت فرح المصري:

" الحكومة هى اللى بتمد  ايدها فى جيوبنا ب ١٠٠ وسيلة زيادة اسعار كهربا و محروقات و ميه و غاز اى اجراء يتعمل لازم شهادة ميلاد او وفاة جديدة طازة عشان القديمة حمضت تجدد بطاقة تتأخر و لا تغير بيان فيها تتغرم مع العلم البلد سايبة ٢٠ مليون لاجىء لا بتدور على اقامات و لا ورق لكن المصرى".

وتساءل ماجد:

" هو احنا عندنا حكومة ؟".

وأشارت عبلة عبدالغني:

" للأسف الشديد الحكومه عايزانا احنا الشعب نحارب التجار بجانب حربنا ضد قانون الحكومه الغائر بتهجير السكان من منازلهم ... حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من وقع بالموافقه علي قانون الحكومه بطرد السكان من بيوتهم..".

 

ألمانيا والنمسا.. قيود صارمة على الإيجارات

استشهد الحسيني بتجارب ألمانيا والنمسا، حيث تفرض الحكومات قيودًا صارمة على الإيجارات لحماية المواطنين من استغلال الملاك.

لكن المفارقة أن الإعلاميين الموالين للنظام، مثل الحسيني، لم يطالبوا يومًا بسياسات مشابهة في مصر، بل كانوا يصفقون لقرارات رفع الدعم وتحرير الأسعار.

اليوم فقط، بعدما تحول السكن في مصر إلى عبء قاتل على الطبقات الوسطى والفقيرة، اضطر إلى الاعتراف بأن هناك سياسات بديلة أكثر عدلًا وفعالية.

 

إنجلترا.. ضرائب على الأرباح تكبح جشع التجار

أشاد الحسيني أيضًا بالنموذج البريطاني، حيث تُفرض ضرائب ضخمة على الأرباح غير العادلة للحد من جشع التجار.

لكنه تجاهل أن الحكومة المصرية تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا، إذ تترك الأسواق بلا ضوابط وتكتفي بتحميل المواطن الضرائب والرسوم.

الانتقادات التي يرددها اليوم الإعلامي الموالي للنظام لا تعفيه من المسؤولية، لأنه كان من أبرز من مهدوا للرأي العام قبول هذه السياسات التي جوعت الشعب.

 

أوروبا.. حماية متكاملة للطعام والطاقة والمسكن

أغلب الدول الأوروبية تضع سياسات واضحة لحماية مواطنيها في مجالات الغذاء والطاقة والسكن، وهو ما استشهد به الحسيني نفسه.

لكن السؤال: لماذا لم يكن لهذه النماذج أي صدى في خطاباته السابقة وهو يدافع عن رفع الدعم وزيادة أسعار الكهرباء والوقود؟

الحقيقة أن النظام وإعلامه تجاهلوا عمدًا هذه النماذج العادلة، ولم يتذكروها إلا حين وصل الجوع والاحتقان الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة.

 

بين الجوع الشعبي وانكشاف خطاب النظام

تصريحات يوسف الحسيني الأخيرة ليست تحولًا حقيقيًا في موقفه، بل اعتراف غير مباشر بأن الوضع وصل إلى حافة الانفجار.

فالجوع انتشر بين الناس، والاحتقان بلغ ذروته، ولم يعد الدفاع عن الحكومة مجديًا حتى بالنسبة لإعلامييها المخلصين.

في النهاية، يبقى المواطن المصري هو الضحية، بين حكومة عاجزة وإعلام فقد مصداقيته، بينما تظل النماذج الأوروبية شاهدًا على أن البدائل العادلة ممكنة، لكن النظام يرفضها عمدًا.