"نظام خائن طارد نشطاء قافلة الصمود، واقتحم فنادقهم وحاصرهم وسلّط عليهم بلطجيته ولم يسمح لهم بدخول سيناء، لن يوافق أبدا على مشاركة #أسطول_الصمود_المصري. مقولة #السيسي_يعلن_الحرب هراء للاستهلاك المحلي والضحك على الذقون. نظام #السيسي ذراع من أذرع الكيان، لو انفصل عنه يسقط ويموت."

بهذه الكلمات بدأ المجلس الثوري المصريتحذيراته من مصير أي مبادرة شعبية مصرية للتضامن مع غزة. تصريحاتهم لم تكن مبالغات، بل تعكس خبرة تراكمت عبر السنوات في التعاطي الأمني والسياسي للنظام مع أي تحرك شعبي مستقل. إنها مقدمة صريحة لفهم ما يواجهه أسطول الصمود المصري، الذي يسعى لكسر الحصار عن غزة بطريقة قانونية ورسمية.

وفي 9/9/2025، أعلن أسطول الصمود المصري عبر حسابه الرسمي على منصة X أنه أرسل إخطارات خطية إلى رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، مؤكداً أن هذه الإخطارات “قيد الفحص” وأنه بانتظار الرد الرسمي من الجهات المختصة. هذا المسار الرسمي يمثل محاولة للتعامل مع السلطة بطريقة قانونية قبل أي تحرك بحري، على أمل أن يتم التعامل مع المبادرة بمصداقية، بعيدًا عن منع أو تضييق محتمل. ومع ذلك، التجربة السابقة لمبادرات مشابهة، وما أعلنه الناشطون عن منع قوافل التضامن، يشير إلى أن احتمالات الموافقة ضئيلة للغاية.

 

السياسات الأمنية والسياسية للنظام تجعل أي تحرك شعبي مستقل محفوفًا بالمخاطر. من أبرز هذه السياسات:

  • التحكم الكامل في الخطاب الإعلامي: النظام يستخدم الإعلام الرسمي للترويج للتضامن مع فلسطين، لكنه يقمع أي تحرك شعبي قد يخرج عن نطاق سيطرته، بما في ذلك الأساطيل والقوافل.
  • التنسيق الأمني مع إسرائيل: مراقبة المعابر وفرض القيود على أي نشاط بحري أو بري مرتبط بغزة يجعل أي تحرك للأسطول المصري عرضة للرفض أو التضييق.
  • خوف النظام من فقدان السيطرة الداخلية: أي مبادرة شعبية مستقلة قد تتحول إلى ضغط سياسي أو شعبي على السلطة، وهو ما يسعى النظام دائمًا لتجنبه.

التناقض بين الخطاب الرسمي والممارسة الواقعية واضح: فبينما تتحدث وسائل الإعلام عن استعداد مصر لمواجهة المخاطر والدفاع عن القضية الفلسطينية، الواقع على الأرض يكشف منع وصول المتضامنين، واعتقال ناشطين، وعرقلة أي مبادرات حقيقية.

وصف النظام بـ"ذراع من أذرع الكيان" يعكس شعورًا واسعًا لدى الناشطين بأن السلطة تتماشى مع المصالح الإسرائيلية في المعابر والسياسات الأمنية، وأن التضامن الرسمي مجرد واجهة إعلامية بلا مضمون عملي.

التبعات الشعبية لهذه السياسات وخيمة، فهي تضعف ثقة الجمهور في النظام وتُحرم المواطنين من القدرة على المشاركة الفعلية في أي عمل تضامني. التضامن يصبح شعارات على الشاشات بينما المواطن العادي محاصر داخل حدود السيطرة الأمنية والسياسية. هذا الأسلوب يعمّق الفجوة بين الدولة والشعب، ويؤكد أن أي مبادرة شعبية للتضامن مع غزة ستظل تحت رحمة السلطة وقراراتها الأمنية.

خلاصة الأمر، أسطول الصمود المصري ليس مجرد مشروع رمزي، بل اختبار مباشر لقدرة النظام على التعامل مع المبادرات الشعبية المستقلة. من المتوقع أن يواجه الأسطول قيودًا صارمة أو رفضًا رسميًا، مما يعكس استمرارية سياسة القمع والتحكم في كل فعل شعبي مستقل. الخطاب الإعلامي الرنان عن التضامن مجرد واجهة، بينما الواقع يكشف الوجه الحقيقي للنظام الذي يضع مصالحه السياسية والأمنية فوق أي تضامن شعبي حقيقي.

في النهاية، ما يؤكده هذا الموقف هو أن النظام لم يتعلم من التجارب السابقة، وأن أي مبادرة شعبية مستقلة تواجه القمع والعرقلة، مما يبرر وصفه من معارضيه بأنه خائن وذراع من أذرع الكيان، وعاجز عن تحويل أي خطاب تضامني إلى فعل ملموس على الأرض. أسطول الصمود المصري يبقى اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع المدني على تحدي سياسة المنع، لكنه في ظل هذا النظام يواجه تحديًا شبه مستحيل.