من جديد يعود ملف "المستريحين" إلى الواجهة في مصر، وهذه المرة من قلب مدينة أكتوبر، حيث ظهر اسم أيمن حامد سلمان، الذي نجح في خداع نحو 5000 شخص والاستيلاء على ما يقارب 3 مليارات جنيه قبل أن يهرب تاركًا خلفه قصصًا مأساوية لضحايا فقدوا أموالهم وأحلامهم.

لكن هذه المرة لم يتوقف الجدل عند حجم الأموال المنهوبة فقط، بل امتد إلى الدور المثير للشبهات الذي لعبه بعض الإعلاميين والفنانين، وعلى رأسهم الإعلامية والممثلة نشوى مصطفى، التي وُجّهت إليها انتقادات واسعة بعد اتهامها بشكل مباشر بتلميع الرجل وتقديمه للرأي العام كـ"رجل أعمال ناجح"، مما منح خدعته مصداقية زائفة.
 

أيمن سلمان.. نسخة جديدة من "المستريح"
أيمن حامد سلمان ليس الأول من نوعه، فقصص "المستريحين" تتكرر بين الحين والآخر، لكن ما يميز هذه الواقعة هو ضخامتها.

فبحسب الشهادات الموثقة، أقنع سلمان ضحاياه بأن لديه استثمارات ضخمة في مجالات العقارات والمقاولات والتجارة، وادّعى أنه قادر على تحقيق أرباح شهرية خيالية تفوق ما يقدمه أي بنك أو جهة رسمية.
وبأسلوب مُتقن يعتمد على "الوجاهة الاجتماعية" والعلاقات العامة، تمكن من استقطاب آلاف المواطنين، بعضهم باع ممتلكاته أو رهن بيته ليضع أمواله في مشروعات سلمان الوهمية.
 

مليارات منهوبة وضحايا بالآلاف
وفقًا للتقديرات الأولية، بلغت الأموال التي استولى عليها سلمان نحو 3 مليارات جنيه، وهو رقم ضخم يضعه في صدارة قائمة "المستريحين" في مصر خلال السنوات الأخيرة.
حجم الضحايا تجاوز 5000 مواطن من مختلف الطبقات الاجتماعية، بينهم موظفون وأصحاب حرف وتجار صغار.

كثيرون فقدوا مدخرات العمر بالكامل، فيما غرقت بعض الأسر في الديون بعد أن اقترضت أموالًا لتسليمها إلى سلمان أملاً في أرباح سريعة.
حالة الغضب الشعبي تتصاعد مع غياب أي بيان رسمي حاسم حتى الآن يكشف مصير المتهم أو أموال الضحايا.
 

ردود الفعل
وجاءت ردود الفعل غاضبة لوقوع العديد ضحايا للمستريحين رغم الشو الاعلامي والتحذيري فكتب السعيد " تسال حد من اللي حط فلوسه ايه نوع الاستثمار اللي بتعمله الشركه يقولك معرفش".


وتهكم البرنس " تستاهلوا يا معر .. ين ..اللي يصدق نشوى مصطفى واحمد موسى والسيسي والاضيشه يستاهل "

 

وأشار جاك " الشعب عايز يقعد وما يعملش أي حاجة وحد تاني يعمله كل حاجة .. عايز حد يشتغله وعايز حد يقومله بثورة ويحرر البلد. فاكرين لما الناس شجعت أحمد منصور وفاكرته طوق النجاة واللي هايحررهم؟ مع إن ظروف مصر تختلف عن سوريا. شاركوا في #ثورة_المفاصل واعمل حاجة صح بنفسك.

 

واستطرد نور الدين " الناس مبتتعلمش من اللى حصل قبل كدة يا جماعه اعقلوها وتوكلوا".

 

وقال عاطف " هو الشعب ده مابيتعلمش كم من النصابين نهبوا أمواله ماهذا الغباء؟".
 

 

دور الإعلام.. تلميع مشبوه
المفاجأة الكبرى كانت في تورط الإعلامية والممثلة نشوى مصطفى في دعم سلمان بشكل علني، حيث روّجت له عبر منصاتها باعتباره رجل أعمال ناجح و"قدوة" للشباب، وهو ما اعتبره كثيرون خيانة للأمانة الإعلامية.

هذا الدعم لم يكن مجرد "كلمة طيبة"، بل منح المستريح الجديد غطاءً معنويًا ساعده على اجتذاب ضحاياه.

نشطاء على مواقع التواصل هاجموا مصطفى بعنف، متسائلين عن كيفية تعاملها مع رجل متورط في عملية نصب كبرى، وهل كان دعمها له بحسن نية أم بمقابل؟
هذه التساؤلات تزيد من حالة الغضب الشعبي ضد الإعلاميين الذين يتحولون إلى أدوات دعاية مشبوهة.
 

أزمة تتكرر مع غياب الدولة
ظاهرة "المستريحين" لم تعد مجرد قضايا فردية، بل باتت تعكس أزمة أعمق مرتبطة بغياب الرقابة وضعف مؤسسات الدولة في حماية المواطنين من عمليات النصب واسعة النطاق.
فكل بضعة أشهر يظهر "مستريح" جديد يستولي على أموال الآلاف ثم يختفي، دون أن تنجح الأجهزة الرقابية أو المالية في إغلاق الباب أمام هذه الكوارث.

ورغم أن الحكومة تبرر ضعف التدخل بأن الضحايا "ينساقون وراء الطمع"، إلا أن تكرار الظاهرة بهذا الحجم يطرح سؤالًا خطيرًا: لماذا لا توجد آليات رسمية واضحة لاستثمار أموال المواطنين بشكل آمن؟ ولماذا يُترك المجال مفتوحًا أمام نصابين يتلاعبون بآمال الناس ويستنزفون أموالهم؟

وأخيرا فقضية أيمن حامد سلمان تمثل فضيحة مدوية جديدة، ليس فقط بسبب المليارات المنهوبة أو الآلاف الذين وقعوا ضحايا، بل لأنها تكشف الوجه القبيح لشراكة غير معلنة بين نصابين يبيعون الوهم، وإعلاميين يضفون الشرعية على أكاذيبهم.

وإذا استمرت الدولة في تجاهل هذه الظاهرة، فإن المصريين سيجدون أنفسهم أمام موجات متتالية من "المستريحين"، حيث تتكرر الحكاية: ضحايا جدد، مليارات مهدرة، وصمت رسمي مريب.