قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، تتكشف أزمة خطيرة في منظومة التعليم المصري مع اعتراف رسمي بوجود عجز يصل إلى 665 ألف معلم في مختلف المراحل، وفق ما أعلنه وزير التعليم المزور محمد عبداللطيف.

هذا الرقم الضخم يعكس انهيارًا واضحًا في التخطيط وإدارة الموارد البشرية بوزارة التعليم، ويكشف في الوقت ذاته عن فشل السياسات الحكومية المتراكمة التي تجاهلت على مدار سنوات الحاجة الملحّة إلى تعيين معلمين جدد وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.

 

فشل قرارات الوزير المزور

وبدلًا من معالجة جوهر الأزمة عبر تعيين معلمين أو إعادة هيكلة المنظومة، لجأ الوزير المزور لإعطاء تعليمات للإدارات التعليميةفي مختلف المحافظات إلى تقليص عدد حصص المواد الأساسية في المدارس الإعدادية والثانوية، كحل مؤقت لتجاوز العجز.

هذا القرار الكارثي يعني أن الطالب سيدفع الثمن مباشرة، حيث ستتقلص فرصه في الحصول على تعليم متكامل في مواد حيوية مثل الرياضيات والعلوم واللغة العربية. وفي الوقت الذي يحتاج فيه النظام التعليمي إلى زيادة ساعات التدريس لمواجهة ضعف التحصيل الدراسي، تأتي قرارات الوزارة لتعمّق الأزمة وتكرّس لمخرجات تعليمية هزيلة.

 

الوزير غائب عن الواقع

وزير التعليم، الذي يواصل ترديد الشعاراتالرنانة حول تطوير المناهج والتحول الرقمي والامتحانات الإلكترونية، يبدو بعيدًا كل البعد عن جوهر الأزمة. فالمعلم، الذي يمثل العمود الفقري للعملية التعليمية، تم إهماله تمامًا، سواء في التعيين أو التدريب أو حتى في تحسين الرواتب التي لا تكفي حياة كريمة. ورغم إدراك الوزير للعجز المهول، لم يتخذ أي خطوات جادة لتوظيف المعلمين، بل اكتفى بحلول تجميلية لا تعالج أصل المشكلة. وهنا يبرز السؤال: كيف يمكن تحقيق "تطوير التعليم" في ظل غياب الأساس البشري الذي ينهض به؟

 

أزمة ممتدة ومتعمدة؟

الكثير من الخبراء يرون أن الأزمة الحاليةليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج سياسات متعمدة تهدف إلى تقليص الإنفاق على التعليم، بما يخالف نصوص الدستور التي تلزم الدولة بتخصيص نسبة عادلة من الموازنة للتعليم. فالوزارةتفتح أبوابها للاستثمار الخاص والمدارس الدولية، بينما تدفع المدارس الحكومية ثمن الإهمال المزمن. وبدلًا من تعيين عشرات الآلاف من الخريجين المؤهلين للعمل كمعلمين، يُترك هؤلاءعاطلين، فيما يعاني الطلاب من نقص شديد في الحصص والمعلمين.

 

المستقبل المجهول للطلاب

الضحية الأكبر لهذه السياسات هو الطالب المصري، الذي يدخل عامًا دراسيًا جديدًا مثقلًا بالأزمات. فمن ناحية، لا يجد معلمًايشرح له بانتظام، ومن ناحية أخرى يواجه مناهج ثقيلة وإدارة مدرسية مرتبكة. النتيجة

المتوقعة هي المزيد من الاعتماد على الدروس الخصوصية، وهو ما يعمّق الفجوة الطبقيةفي التعليم، ويجعل فرص التعلم الحقيقي حكرًا على القادرين ماديًا. وفي ظل هذا الوضع، يتلاشى الحديث عن العدالة التعليمية أو تكافؤ الفرص.

وفي نهاية الحديث فإن أزمة العجز في أعدادالمعلمين تمثل جرس إنذار خطير ينذر بانهيار ما تبقى من التعليم الحكومي، فالوزير الذي يرفع شعارات التطوير بينما يعجز عن توفير أساسيات العملية التعليمية، يتحمل مسؤوليةمباشرة عن تدهور القطاع.

وإذا استمر التعامل مع المشكلة عبر حلول ترقيعية كتقليص الحصص، فإن التعليم المصري سيتجه نحو مزيد من الانحدار، تاركًا أجيالًاكاملة بلا أساس معرفي حقيقي. والنتيجة أن الفشل في إدارة ملف التعليم اليوم سيحكم على المستقبل كله بالفقر والجهل والتبعية.

 

حلول مجنونة

ولعله من حظ المصريين العثر الذي باتوا يعيشونه في ظل حكم العسكر ويدمر مستقبل اجيالهم، ما يجري في كثير من ادارات التربية والتعليم بمحافظات مصر، ففي الجيزة مثلا، يجري تحميل معلمي الكمبيوتر والحاسب الالي تدريس الرياضة بالابتدائي والاعدادي، وكذا معلمي الزراعة يدرسون مادة العلوم، ومعلمي التربية الفنية سيدرسون العلوم بالمرحلة الابتدائي للتوفير العجز ، مع تقليص اعداد الحصص المدرسية لكل المواد، علاوة على تحويل المدارس الفترتين لاربع فترات دراسية باليوم، او عمل تباديل وتوافيق لاعداد الطلاب ، بحيث يكون لكل طالب حضور يومين او ثلاثة بالمدرسة، بسبب الزحام الشديد بالفصول وعجز المعلمين، كما جرة الغاء تدريس الانشطة كالزراعة والصناعة والالعاب وغيرها، وتحويل غرفها لفصول ضيقة ليج العجز....فماذا ينتظر المصريون من مستقبل؟!!